إذا كانت القاعدة الإسلامية المأخوذة من الآية تقول (وشاورهم في الأمر) (وما خاب من استشار) فإن قرار المشاركة ليس ضد الشورى بل إنها تؤصل للمعنى الذي تنتفي معه صفة الدكتاتورية،
فمعنى الديمقراطية عند الغرب هي حكم الشعب ولكن الإسلام جاء بمعنى أوسع عندما جعل الشورى أصلاً من أصول الحكم. ولكن في الحالة السودانية البعض يرى نفسه في الحكومة أنه (مريّس ومتيّس) كما قال الصادق المهدي في إحدى المرات ما يدفع المسؤول للصراخ بسبب عدم المشاورة , رغم أن المشاركة واحدة من صفات الأحزاب التي ألفت قلوبها على الحكم وعينها في الكراسي. ولأن المشاركة تحقق مبدأ الشورى فإن الأصوات بدأت تخرج من مخبأها لتقول إنهم بعيدون عن الشورى وتلك المشكلة . وحكومة الوفاق الوطني كما هو معلوم بالضرورة مكونة من عدد كبير من الأحزاب التي شاركت في الحوار الوطني بالإضافة إلى الحركات المسلحة تلك المحاصصة دفعت البعض إلى كرسي الوزارة دون أن يعرف ووجد البعض نفسه أمام تحديات ومسؤوليات الحكم كان غائباً عنها.
الشراكة والمشاورة
ويجأر الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. علي الحاج، بالشكوى من تهميش وزراء الحوار بسبب عدم المشاورة بشأن قضايا الدولة وأقر بمعاناة وزراء حزبه المشاركين في حكومة الوفاق الوطني كونهم ينفذون سياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقال في تسجيل صوتي، إن وزراءه محجوبون ولا يستشارون في كثير من المسائل الخارجية على الرغم من كفاءتهم. وأضاف الحاج بأن ذلك يمثل ثمن الشراكة في الحكم.
« مساعد حلة »
وقضية الاتهام بالتهميش وعدم المشاورة في الحكومة ليست وليدة اليوم وانما قديمة بتاريخ الحكومات السابقة، وارتبطت بالمحاصصات التي ظلت تجريها الدولة من وقت لاخر لترميم الحكومة او لاستيعاب قوى سياسية او اجباراً بموجب اتفاقيات ثنائية وبالتالي حديث مساعد الرئيس السابق رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، ليس ببعيد عندما قال إنه ليس مساعداً للرئيس بل هو (مساعد حلة) ما دفع رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي وقتها لنعته بمقولته الشهيرة بأنه (مريّس ومتيّس).
لا قيمة لها
وتلجأ الاحزاب الى الاشهار بمعاناتها عندما لا تجد من الامر بد، وانها في مواجهة قواعدها في قضية من القضايا التي تمس الرأي العام، ولذلك عندما وجد الحزب الاتحادي الديمقراطي نفسه امام الازمة الاقتصادية الراهنة تبرأ منها قائلاً (لا علاقة لنا بالذي يجري ) ولكن التبرؤ من الازمة لا يعفي الحزب من تحمل المسؤولية التاريخية بالمشاركة في الحكومة ويقول عضو الهيئة المركزية للاتحادي الاصل ميرغني مساعد بحسب (اخر لحظة) ان وزراءنا لا يستشارون في الحكومة لجهة ان القرارات يتخذها المؤتمر الوطني وحده، مؤكداً ان مشاركتهم في الحكومة لا قيمة لها.
ثقافة الحوار
وليس ببعيد ما قاله القيادي بحزب المؤتمر الشعبي أبوبكر عبدالرازق في حديثه لـ(الصيحة) بأن المؤتمر الوطني لا يشاور حتى أفراده دعك من مشاورة بقية الأحزاب الأخرى ، مشيراً إلى أن الحزب الحاكم لا يستشير حتى أعضائه ناهيك عن استشارة الأحزاب الأخرى ، مضيفاً بأن الشورى ليست ثقافة لدى الفرد الحاكم أو لدى حزبه ومثل هذه الحكومات التي تقوم على سلطة الفرد الشورى ليست من ثقافتها فهي تشاور عندما تريد وتمنع وقت ما تريد .
لا قيمة له
ولان الاتهام بدا واضحاً انه موجه الى المؤتمر الوطني، الا ان الامين السياسي بالحزب د. عمر باسان رفض بشدة التعليق على كلام علي نايل باعتبار ان الحديث يمس قيادات الحزب الاتحادي الاصل المشاركين في الحكومة، ومن المفروض ان توجه لهم ذلك الاتهام بالتهميش في المشاركة بالحكومة، واذا كان كذلك فان العلة تصبح منهم وليس في المؤتمر الوطني واكتفى باسان في الحديث معي بالقول ( ان الكلام غير صحيح ولا قيمة له) لجهة انهم شركاء في الحكومة وان دفاعهم عن الميزانية اكبر من المؤتمر الوطني .
لا معنى له
وذهب القيادي بالمؤتمر الوطني، د. ربيع عبدالعاطي لـ(الانتباهة) في نفس الاتجاه بانه يرى الاتهام لا معنى له ولا يتسق مع المنطق او القنوات الرسمية للوزراء فاذا كان المسؤول من المؤتمر الوطني منع توجيهات صادرة من الوزير يمكن ان يقال ذلك, اما اذا كان الوزير يماطل او غير قادر على العطاء او هناك عدم تنسيق مع الوكيل فان الامر لا يسأل عنه الوطني. ودعا الذين يتهمون الوطني بان يفرقوا بين الوطني والحكومة وقال اذا الوزير اصدر توجيهاً الى الوكيل من الوطني ان يقول ذلك وبالتالي لايجوز ولا يمكن اطلاق الاتهامات على عواهنها ولا يمكن للوزير ان يصدر قراراً بمعزل عن مجلس الوزراء والمجلس بالتأكيد على علم بذلك.
آليات التنفيذ
ولان مجلس الاحزاب جهة محايدة امسك الامين العام للمجلس عبود جابر لـ(الانتباهة) عن الحديث حتى لا يحمل حديثه لاي من الاطراف، ولكنه اختصر كلامه بوجود آليات ممثلة في المجلس الوطني ومجلس الوزراء، وقال تلك الآليات يتم التعامل معها وهي مؤسسات موجودة، وقال ان تلك الاليات تم تكوينها بموجب توصيات الحوارالوطني وتسير بنفس المنهج واجيز داخل البرلمان وراى ان تلك الخطوات تم الترتيب لها وفقاً لما وجهت به الوثيقة الوطنية.
نية مبيتة
ويقول الكاتب الصحفي فتح الرحمن النحاس لـ(الانتباهة) إن المسؤول اياً كان كبيراً او صغيراً تسلم موقعاً من المفروض ان يكون له مبادراته وافعاله المؤثرة. ويرى النحاس ان الحكومة معظمها ضعيفة وهو واضح من خلال الشارع العام الذي يعاني، بالتالي المسؤول عن العلة يكون معروفاً وشدد النحاس على ضرورة ان يكون للمسؤول مبادرات وعمل واضح اما تحميل المؤتمر الوطني مسؤولية عدم المشاورة قد يكون وزراؤه اكثر حيوية من هؤلاء في خلال فترة المشاركة، غير انه قال الحكاية وراءها نية مبيتة او مناورة القصد منها الضغط على الوطني والتقرب للمعارضة.
صلاح مختار
الانتباهة