يوم 25 من شهر يونيو/حزيران سنة 1876 عاش الجيش الأميركي على وقع واحدة من أسوأ المعارك التي خاضها على أراضيه، فأثناء مهاجمته لأحد تجمعات قبائل “سيوكس وشايان” قرب نهر ليتل بيغ هورن بمونتانا، وجد جنود فرقة الخيّالة السابعة الأميركية أنفسهم محاصرين من قبل عدد هائل من مقاتلي السكان الأصليين لتبدأ على إثر ذلك مذبحة أسفرت عن مقتل مئات الجنود الأميركيين.
خلال منتصف القرن التاسع عشر قاوم “الثور الجالس”، والذي يعد أحد أبرز قادة قبائل الـ”سيوكس”، قرار الحكومة الأميركية بنقل قبائل السكان الأصليين نحو المحميات حيث لم يتردد الأخير في قيادة مجموعة كبيرة من أفراد قبيلته نحو مناطق مونتانا مخالفاً بذلك الأوامر الأميركية.
وفي حدود سنة 1875، وعلى إثر اكتشاف مناجم الذهب بسلسلة بلاك هيلز الجبلية غربي داكوتا الجنوبية، لم تتردد الحكومة الأميركية في خرق الاتفاقيات السابقة حيث أرسل الجيش الأميركي لتلك المناطق من أجل تأمينها والسيطرة على مناجم الذهب، وفي الأثناء أجبر هذا القرار الأميركي الآلاف من السكان الأصليين المتواجدين داخل المحميات ببلاك هيلز على مغادرتها من أجل اللحاق بـ”الثور الجالس” ورفاقه.
ومع أواخر ربيع سنة 1876 التف حول القائد “الثور الجالس” ما لا يقل عن 10 آلاف فرد من السكان الأصليين، وفي تحد واضح للسلطات الأميركية أقدم هؤلاء على تنظيم أنفسهم متجاهلين قرار الإدارة الأميركية الذي لوّح بعمل عسكري ضدهم في حال عدم عودتهم نحو المحميات.
في حدود منتصف شهر يونيو/حزيران سنة 1876 حلّت الفرق العسكرية الأميركية قرب معاقل قبائل “سيوكس وشايان” التابعة لـ”الثور الجالس” بمونتانا، ومع حلول يوم 17 من نفس الشهر، شنت القوات الأميركية هجوماً محدوداً على السكان الأصليين بالمنطقة حققت خلاله تقدماً بسيطاً.
وبعد مضي بضعة أيام على هذا الهجوم الأول، أوكل الجنرال الأميركي ألفرد تيري للقائد العسكري جورج كستر مهمة قيادة فيلق الخيّالة الأميركي السابع لشن هجوم آخر على قبائل السكان الأصليين بهدف كسب المزيد من الأراضي. وصباح يوم 25 من شهر يونيو/حزيران سنة 1876 حلّ جورج كستر قرب معاقل قبائل “سيوكس وشايان” عند نهر ليتل بيغ هورن، وبدل انتظار قدوم تعزيزات عسكرية فضّل جورج كستر البدء بالهجوم مستعيناً بقواته التي بلغ تعدادها 600 جندي بعد أن قدّر عدد قوات أعدائه ببضعة مئات من الجنود غير المدربين.
وعن طريق الاستهانة بالعدو ارتكب جورج كستر خطأ قاتلاً، فمع بداية تدخل قواته بالمنطقة أقدمت قبائل “سيوكس وشايان” على جمع ما لا يقل عن 3 آلاف مقاتل استعداداً للمعركة. وعلى الرغم من محاولاته الفاشلة للمّ شمل كامل قواته التي انقسمت إلى 3 مجموعات، وجد جورج كستر نفسه محاصراً رفقة حوالي 300 من جنوده في مواجهة آلاف المقاتلين، لتبدأ على إثر ذلك مذبحة استمرت لأقل من ساعة قتل خلالها 250 جندياً أميركياً، فضلاً عن ذلك كان القائد العسكري جورج كستر من ضمن القتلى.
خلال تلك الفترة انتشرت بين القوات الأميركية معلومات حول قيام قبائل السكان الأصليين بإعدام الجنود الأسرى لديهم عن طريق تقطيع أطرافهم، وأمام خيار الاستسلام ومجابهة هذه النهاية المؤلمة أقدم العديد من رجال جورج كستر على الانتحار عن طريق إطلاق النار على أنفسهم مفضّلين الموت على الأسر.
بعد مضي يوم واحد عن المعركة حلّت قوات الجنرال ألفرد تيري على عين المكان لتكتشف هول ما حدث، حيث كانت جثث جنود فرقة الخيّالة السابعة المشوهة متناثرة في كل مكان.
العربية نت