فتحت (آخر لحظة) الأحد الماضي ملف سفارات السودان بالخارج ، والبالغة (89) سفارة وقنصلية خاصة في أعقاب إقالة وزير الخارجية البروفيسور ابراهيم غندور، سيما وأن الوزير فتح الباب على مصراعية عن واقع مأساوي تعيشه بعثات السودان بالخارج بشأن مرتبات الدبلوماسيين وإيجارات المقار.. وغاصت الصحيفة في أعماق السفارات والبعثات بالخارج، ودعت لتقليص البعثات والقنصليات وتناولت وضعها بالتفصيل .. أمس الأول أصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً قضى بإعادة هيكلة الخارجية وإغلاق (17) بعثة دبلوماسية وقنصلية.. وتنوه الصحيفة الي أنه يوجد بالبلاد (58) سفارة وبعثة بما فيهما بعثتي الاتحادين الأوربي والأفريقي.
لنحاول أن نفكك قرار الرئيس الذي طال انتظاره
قرار الرئيس
أصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً قضى بإعادة هيكلة التمثيل الخارجي بالبلاد بإغلاق (13) بعثة دبلوماسية، في الخارج إلى جانب (4) قنصليات، ومعلوم أن عدد قنصليات السودان بالخارج (10) قنصليات بكل من الكفرة وبنغازي بـ (ليبيا)، الإسكندرية وأسوان (مصر)، أبشي (تشاد)، أربيل (العراق)، قوانزو (الصين)، جدة (السعودية، دبي (الإمارات) وأستانبول (تركيا).
ومقارنة بعدد البعثات بالخارج والبالغة (89) فإن التقليص الذي طال (17) سفارة يبدو غير كافٍ مع الأوضاع التي تعيشها البلاد.. ولا تزال توجد (72) سفارة وقنصلية.
وربما كانت مسألة تخفيض الإنفاق في مسألة اعتماد بعثة الرجل الواحد (سفير) في (7) بعثات دبلوماسية كما جاء في القرار الرئاسي، والمقصود منها أن يكون بالسفارة سفير فقط وبقية العاملين معه عمالة محلية من أي جنسية، حتى ولو كانوا سودانيين مقيمن في تلك الدولة، ويتوقع أن تكون تلك الخطوة في سفارات بأفريقيا.. وسفارة الرجل الواحد متعارف عليها مثال لذلك سفيرة لبنان بالخرطوم التي يعاونها موظفون سودانيون.
الملحقيات الإعلامية
سيف الإلغاء طال الملحقيات الإعلامية والتي تتواجد في الإمارات، مصر، لبنان، إثيوبيا، بريطانيا، واشنطن، ألمانيا، قطر وجنوب أفريقيا.. وتم الابقاء على (3) فقط.
وأشار قرار الرئيس الى أن الهيكل الوظيفي التنظيمي للسفارة يتكون من سفير واحد فقط، وأن يحظر وجود أي دبلوماسي ثان بدرجة سفير في أي سفارة مهما كانت المبررات، عدا سفارات بعينها حصرها القرار في (4) بلدان.
وجود سفيرين في بعثة واحدة مثل اليونان مكلف مالياً، ويوجد في تقييم السفراء مايعرف بالشرائح (أ) ، (ب)، (ج) ، (د) و(ح) وعلمت الصحيفة من مصدر موثوق أن مرتب السفير الذي يعمل كسفير ثاني في البعثات بالخارج بالشريحة ألف يصل مرتبه إلى (13) ألف دولار، أي نحو مرتبات نصف الوزراء، وبأدني شريحة (ح) يبلغ مرتب السفير نحو (10) آلاف دولار.
هل سيجد القرار مقاومة؟
تقليص البعثات سيجعل صفوف الانتظار تطول بالنسبة للسفراء للالتحاق بمحطة خارجية، والاستفادة من العملات الصعبة وربما يجد قرار الرئيس مقاومة – ومعلوم أن قرارات الرئيس نافذة – ولكن سيقابل القرار بمقاومة ناعمة على سبيل المثال بزعم سفراء في محطات أوربية أن سفاراتهم ترعى التعاون العسكري بين الخرطوم وتلك الدولة، كما قد يحاول بعض السفراء إطالة أمد بقائهم بحجة تصفية السفارة، وهنا يبرز دور الخارجية في حسم الأمر بأسرع وقت ممكن.
وزارة الخارجية تحتاج إلى إعادة هيكلة، حيث يوجد أكثر من (200) سفير في مقابل أقل من من (400) دبلوماسي، بمختلف الدرجات، فالسكرتيرين الأوائل والثواني والثوالث هم الأكثر، وسبب حالة الارتباك الوظيفي يعود لأمرين: الأول: التعيينات السياسية والاختناقات في الترقي.
الإداريون .. قرار يحتاج إلى تفسير
احتوى القرار الرئاسي على تفاصيل خاصة بالإداريين، لكن القرار في الجزئية الخاصة بالإداريين يحتاج إلى تفصيل، وقد جاء بشأنهم مايلي (تخفيض الكادر الإداري بنسبة 20%، إضافة إلى التخفيض السابق والبالغ 30% ليصبح جملة التخفيض 50%)، المفاجأة أن القرار نص أيضاً على تصفية الكادر الاداري في وزارة الخارجية ليتولى الدبلوماسيون العمل الإداري فيها.
بداية فإن الإداريين بالبعثات بالخارج والذين تصل أعدادهم إلى نحو (200) إداري بالإمكان إلغاء مهامهم جميعاً وليس نصفهم فقط، وذلك أن مهمتهم تنحصر في طباعة التقارير والبرقيات وجل برقيات السفارات تخلو من المبادرات وتنحصر في (الإحالة) .. نحيل إلي سيادتكم كذا .. دون دراسة أو تقديم رؤية وبإمكان السفراء أو الدبلوماسيين بالسفارة طباعة التقارير ولو على جهاز (الآيباد) وعلى سبيل المثال لا يوجد مسمى اداري بسفارات تركيا حيث يؤدي الدبلوماسيون المهمة.
القرار مربك في الجزئية الخاصة بإلغاء الكادر الإداري برئاسة الوزارة هل سيتم تسريحهم ، ونقلهم إلى وزارات أخرى؟ وما مصير من هم بالخارج.
القرار سكت عن هؤلاء
بالنسبة للمحاسبين فقد ألغي القرار وظائفهم عدا في سفارات لها إيرادات مقدرة، ومعلوم المقصود السفارة بالسعودية على سبيل المثال.
لكن يلاحظ أن القرار سكت عن الملحقين العسكريين والأمنيين، وربما ذهبت تقديرات الرئاسة إلى أهمية أن تكون هناك ملحقيات.
لكن لم ترد سيرة الملحق الزراعي (إيطاليا وهولندا) ولا المراكز الثقافية.
ومهما يكن من أمر فإن القرار الرئاسي يحتاج إلى ترتيبات إلى حين إنفاذه وستضطر الحكومة إلى دفع أموال طائلة من أجل إعادة الدبلوماسيين، كما أن أموالاً ستضيع على السودان من إنهاء العمل في هذا التوقيت، على سبيل المثال قد تكون سفارة ما دفعت إيجار عام كامل بدأ قبل صدور القرار بيوم، ولكن في مجمله فإن القرار صائب ويجب أن يشمل مؤسسات ووزارات أخرى.
صحيفة اخر لحظة