فيما كان الضابط الروسي يتحدث إلى أهالي معارضين سوريين بمناطق في ريف_حمص الشمالي، عارضاً عليهم شروط بلاده، لتسليم سلاحهم والموافقة على تهجيرهم إلى مناطق أخرى، ظهرت سيدة غامضة إلى يمينه، ترتدي عباءة سوداء، وبغطاء رأس، دون أن تنبس ببنت شفة، دون أن يعرف سبب وجودها إلى جانب الضابط الروسي، وما هو دورها العملي في ذلك المشهد الذي نقل عبر فيديو ملتقط بالموبيل، وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء.
سيدة العباءة السوداء، هي كنانة حويجة، مذيعة في فضائية النظام السوري، صاحبة الرصيد الأكبر في عمليات تفاوض الروس التي أفضت إلى تهجير_المعارضين السوريين من مناطق مختلفة، وبأوقات مختلفة.
وكنانة حويجة، ذات صلاحيات خاصة وواسعة في إعلام_النظام_السوري، نظراً إلى كونها ابنة أحد أشهر رجال الاستخبارات، وهو اللواء إبراهيم حويجة، رئيس الاستخبارات الجوية، ما بين عامي 1987 و2002.
ظهور كنانة #حويجة، الأربعاء، إلى يمين الضابط الروسي، ومرتدية عباءة سوداء، لم يكن تغطية إعلامية، كما يعتقد للوهلة الأولى، بل مساهمة منها بمفاوضات الجانب الروسي ونظام الأسد، لإتمام اتفاق تهجير فصائل المعارضة السورية من ريف حمص الشمالي، وكان هذا هو السبب وراء ظهورها بعباءة وغطاء رأس، حيث لم تكن المرة الأولى التي تبدو فيها بهذا الزي، بل سبق وفعلت ذلك، إنما “خلسة” كما جاء في بيان رسمي لإحدى فصائل المعارضة السورية، في وقت سابق.
تعتبر المذيعة كنانة حويجة، هي الطرف الذي يمثّل النظام السوري، رسمياً، في مفاوضات تهجير معارضيه من مناطقهم، في مرات سابقة. خاصة وهي تمتلك صلاحيات واسعة، على المستوى الأمني، كونها ابنة أحد أشهر ضباط استخبارات نظام الأسد، والذي امتلك سمعة في سنوات سابقة، جعلته رجل الرعب الثاني في البلاد، بعد علي دوبا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق.
تسللت محجبةً إلى مناطق المعارضة
وسبق أن قامت حويجة بـ”التسلل” إلى مناطق المعارضة السورية، في “العسالي” التابع لحي القدم الدمشقي، عام 2015، وفق ما ذكره بيان رسمي صادر عن المجلس المحلي المعارض، في حي القدم، جاء فيه: “كنانة حويجة كانت قد دخلت خلسةً إلى منطقة العسالي”. وفي مكان آخر من البيان: “كنانة حويجة التي دخلت إلى منطقة العسالي، محجَّبةً، على غير عادتها”.
واستنكر البيان المذكور، والذي صدر بتاريخ 6 آب/أغسطس عام 2015، دخول كنانة حويجة إلى حي القدم، بتلك الطريقة التي تمت خلسةً، وبالتنكّر بحجاب.
مفاوضات تهجير معارضي الأسد وأهليهم، في ريف حمص الشمالي، في الساعات الأخيرة، لم تكن “المهمة” الوحيدة التي أنجزتها المذيعة ذات الصلاحيات الأمنية الواسعة، بل سبق لها وساهمت بإنجاز اتفاقات تهجير معارضين سوريين في أوقات سابقة، وأيضاً من خلال وجودها بصفة “مذيعة” تمكنت من خلالها، إنجاز مهمتها بدخول مناطق الثوار السوريين، ثم الإشراف على مفاوضات تهجيرهم.
مذيعة هجّرت كل هؤلاء السوريين!
ويعود أول ظهور معروف، لحويجة، في مفاوضات تهجير معارضي الأسد، إلى عام 2015، حيث دخلت بصفتها مذيعة إلى منطقة المعضمية التابعة لدمشق، بمهمة أوكلها إليها أحد ضباط الفرقة الرابعة التي يرأسها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري.
وكان الظهور الثاني للمذيعة المذكورة، كمفاوض يمثل النظام، عام 2016، في اتفاق تهجير أهالي “داريا” التابعة للعاصمة. حيث كانت #كنانة_حويجة هي الطرف الذي فاوض المعارضين السوريين مباشرة. واعتبر المعارضون السوريون، وقتذاك، أن حويجة كانت “مبعوثة” الأسد، رسمياً، إلى منطقة داريا.
وفي العام نفسه، ظهرت المذيعة كطرف ممثل عن نظام الأسد، في مفاوضات “خان الشيح” التابعة لغوطة دمشق، والتي أدت إلى تهجير معارضين من المنطقة إلى شمالي سوريا. وذكرت مصادر المعارضة السورية، أن حويجة كانت تفاوض باسم نظام الأسد في هذه المنطقة، بتكليف أيضاً من ضباط الفرقة الرابعة التابعة لحرس الأسد الجمهوري.
عام 2016، كان عاماً “دسماً” لنشاط المذيعة حويجة، إذ كانت هي التي فاوضت لإخراج مسلحي المعارضة السورية من منطقة “وادي بردى”. وتمت الإشارة إليها في هذه المفاوضات على أنها “رئيسة” وفد النظام.
وامتدّ نشاط هذه المذيعة إلى مناطق المعارضة السورية في القلمون الشرقي. فقد كانت ممثلة نظام الأسد في المفاوضات التي جرت في منطقة “الرحيبة” في شهر أبريل/نيسان 2018، بين الضباط الروس وممثلي المعارضة السورية، وأدت إلى تهجير معارضي تلك المناطق إلى مناطق سورية أخرى مختلفة.
وبسبب قربها الأمني الشديد من نظام الأسد، منحت نفوذا وصل إلى حد السماح لها بالدخول إلى سجون النظام، ومقابلة معارضيه نساء ورجالاً، حيث ظهرت في أكثر من برنامج وهي في سجن النساء السوريات الذي كان يغص بمعارضات للأسد، وقالت حويجة لإحداهن ساخرة: “كل واحدة منكن تقول: إنها بريئة!”.
ويأتي الظهور الأخير لحويجة في فيديو إلى جانب الجنرال الروسي الذي يفرض شروطه على معارضي الأسد في ريف حمص الشمالي، لتسليم سلاحهم وتهجير الرافضين منهم لوجود النظام في مناطقهم، ليكون مهمة “رسمية” جديدة من مهماتها التي جعلت منها “مذيعة التهجير” الأولى، كما علّق البعض مضيفاً: في أي منطقة تظهر فيها مذيعة العباءة السوداء، يكون السوريون على موعد مع طرد جديد من أراضيهم.
العربية