في حملة غير مسبوقة على غلاء الأسعار يقودها نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ نحو أسبوع، يقاطع مغاربة منتجات ثلاث شركات رئيسية في مجال الماء والحليب ومشتقاته والوقود، في خطوة احتجاجية وصفها البعض بالناجحة حيث أدت إلى انخفاض أسهم هذه الشركات في البورصة، بينما يقول معارضون إنها افتراضية و”عبثية”.
وانتشر منذ نحو أسبوع في وسائل التواصل الاجتماعي وسم “خليه يروب” (دعه يفسد)، في إشارة إلى مقاطعة منتجات أكبر شركة حليب في المغرب “سنترال دانون” التي تتجاوز حصتها في السوق المحلية 60%.
كما انطلقت دعوات لمقاطعة المياه المعدنية “سيدي علي” المملوكة لسيدة الأعمال ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بن صالح. وتقترب حصة الشركة في السوق من 60% أيضا.
واحتج النشطاء على ارتفاع أسعار البنزين في المغرب بمقاطعة محطات شركات توزيع الغاز والبترول “أفريقيا غاز” التابعة لشركة “أكوا” المملوكة للملياردير المغربي عزيز أخنوش الذي يشغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري والمصنف حسب مجلة “فوربس” الأميركية من أغنى أغنياء المغرب بثروة تقدر بنحو 2.1 مليار دولار.
وأغلقت أسهم “سنترال دانون” منخفضة 5.69% أمس الاثنين، في حين فقد سهم “أفريقيا غاز” 5.97%.
وبدت أقسام بيع المياه المعدنية والحليب في الأسواق المغربية مكدسة بالبضائع، بينما يحمل أغلب الزبائن منتجات علامات أخرى.
وقال مشتر قدم نفسه باسم أحمد “حتى وإن كنت غير مقتنع تماما بأهداف الحملة ودوافعها، الواجب يحتم عليّ أن أكون متضامنا مع عامة الشعب”.
وقالت فاطمة الحسناوي الموظفة بالقطاع الخاص لرويترز وهي تحمل زجاجة مياه لشركة أخرى، إن المياه المعدنية “ثروة مغربية طبيعية متفجرة من قلب جبال الأطلس، من حق جميع المغاربة أن يستفيدوا منها، أو على الأقل أن تباع بأثمان مناسبة كما هو الشأن في أوروبا، حيث نجد هذه المواد كالحليب والمياه المعدنية تباع بأثمان منخفضة في دول دخلها مرتفع”.
ونفت فتاة رفضت نشر اسمها تعمل بمحل تجاري أن تكون هناك أي نتائج واضحة للمقاطعة، وقالت “الأمر بالنسبة لي عادي ولم ألاحظ فرقا كبيرا.. جميع العلامات التجارية تلاقي نفس الإقبال.. هناك من يفضل علامة دون غيرها”.
وقال عمر النويني (صاحب متجر في حي شعبي بالرباط) إنهم بدؤوا منذ الأسبوع الماضي يرفضون اقتناء حليب سنترال من موزعيه لأنه “لا أحد تقريبا يشتريه”.
وقال أخنوش في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي على هامش معرض زراعي في مكناس “المنتظر أن نشجع المربين.. الفلاحة هي فلاحة الأرض وليست فلاحة افتراضية، هذا قوت وعيش مواطنين، ليس لعبا!”، وأضاف “من يريد أن يلعب فليتوجه إلى مكان آخر”.
حملة منظمة
من جهته، قال عضو مجلس إدارة شركة سنترال عادل بنكيران -في تصريحات للتلفزيون المغربي- إن الشركة خسرت منذ بدء الحملة 150 مليون درهم (نحو 16 مليون دولار).
وأضاف أن “الحملة مضرة بشكل كبير.. عندما تضرب في علامة من العلامات الكبيرة التي كنا نبيع منها مليون كأس في اليوم من بعد هذه الإشاعات المغرضة التي -للأسف- مع قنوات التواصل الاجتماعي أصبحت منتشرة بشكل كبير.. أثرت سلبا على العلامة والشركة والنشاط الاقتصادي”.
وقال إن سنترال “خسرت 20% من مبيعاتها، وهو ما يعادل 200 ألف كأس حليب في اليوم”. وتابع “الشركة خسرت 120 مليون درهم (نحو 12.8 مليون دولار) في المبيعات، وبالتالي أصبحنا نشتري حليبا أقل، أي خسارة للفلاحين”.
ويقول مسؤولو الشركة المغربية الفرنسية إن 120 ألف مزارع مغربي يتعاملون مع سنترال.
وقال المحلل الاقتصادي المغربي رشيد أوراز لرويترز إن “هذه أول حملة للمقاطعة بهذا التنظيم.. بالرغم من أن ظاهرها غير منظم، لكن تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الشكل ومقاطعة منتجات بعينها دون أخرى، فهذا يدل على التنظيم”.
وأضاف أن “هذه المقاطعة حققت أهدافها ولو كانت صغيرة، إلا أنها مستمرة.. بصفة عامة ليست لها أضرار كبيرة على الاقتصاد المغربي لأنها مقاطعة منتوجات غير مشغلة بشكل كبير باستثناء قطاع الفلاحة الذي يقول إن الفلاحين تضرروا، لكن لا نعرف كم عددهم مع عدد المستهلكين الذين أرادوا المقاطعة لتخفيض الأثمان”.
وعن مقاطعة منتجات بعينها دون أخرى رغم بيعها بنفس السعر تقريبا، قال أوراز “هذا نوع من الذكاء لأننا إذا قلنا نقاطع جميع إنتاجات الحليب فهذا لا يمكن لأن الناس لا يمكنهم مقاطعة منتوج الحليب كليا.. وبالتالي اختاروا الشركة المهيمنة على السوق لكي يعطوا الدروس للآخرين”.
وأضاف “المستهلك المغربي شعر أن هؤلاء الناس خلطوا بين الأعمال والسياسة، وبالتالي هذا ما أعطى دفعة على المستوى الشعبي”.
وأشار إلى أنه على المستوى المتوسط والبعيد “إذا نجحت المقاطعة، ممكن أن يظهر منافسون جدد في السوق سيفرضون أثمانا معقولة ويحسنون من خدماتهم”.
وأضاف أن الناس الذين اشتكوا ودعوا إلى المقاطعة ليسوا من الطبقة الفقيرة فقط، “بل من جميع الفئات والطبقات، خاصة المتوسطة والشبان والنساء.. هناك تنوع”.
المصدر : الجزيرة