ندد سياسيون ونشطاء حقوق إنسان إسرائيليون بتعليقات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن الهولوكوست، واصفين إياها بمعاداة السامية.
وكان عباس قد قال في اجتماع في الضفة الغربية المحتلة إن قتل النازيين الجماعي لليهود الأوربيين كان نتيجة أنشطتهم المالية، ولم يكن بسبب معاداة السامية.
ووصف “وظيفتهم الاجتماعية” بأنها كانت “في أعمال الربا والصرافة وما شابهها”.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن التعليقات “معادية للسامية ومثيرة للشفقة”.
وكتب نائب وزير الشؤون الدبلوماسية، مايكل أورين، تغريدة على تويتر يقول فيها “يقول محمود عباس إن إقراض اليهود لغيرهم هو الذي استفز الهولوكوست … هذا هو شريك في السلام”.
كما نددت عصبة مكافحة التشهير في نيويورك بتصريحات عباس.
وكانت ألمانيا النازية قد قتلت – في محاولة منها للقضاء على اليهود في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية – نحو ستة ملايين شخص منهم، بعد إنشاء معسكرات إعدام للتسريع في القتل الجماعي.
وكان النازيون يعدون اليهود تهديدا “للنقاء العرقي” لألمانيا، مدفوعين بتعصبهم القومي.
ما الذي قاله عباس بالضبط؟
كان عباس يتكلم في اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني، وهو الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين.
ونقل الاجتماع على الهواء مباشرة على التلفزيون الفلسطيني، وتضمن خطابه – الذي استغرق 90 دقيقة – مقطعا عن نظرة القيادة الفلسطينية لتاريخ اليهود في أوروبا، اعتمادا على ما قال إنه كتب صاغها “مؤلفون يهود صهاينة”.
وقال إن اليهود في شرق أوروبا وغربها تعرضوا لمذابح في فترات متقطعة عبر القرون، انتهت بالهولوكوست.
ثم تساءل عباس: “ولكن لماذا كان يحدث هذا؟”، وأضاف “إنهم يقولون إن هذا بسبب أنهم يهود. سأحضر لكم ثلاثة يهود، وثلاثة كتب تقول إن هذا العداء نحو اليهود لم يكن بسبب هويتهم الدينية، ولكن بسبب وظيفتهم الاجتماعية”.
“وهذه قضية أخرى. ولذلك فإن المشكلة اليهودية التي كانت منتشرة في أنحاء أوروبا لم تكن بسبب العداء لدينهم، لكن بسبب وظيفتهم الاجتماعية، المرتبطة بالمراباة والصرافة وما شابهها”.
ونفى عباس أيضا أن يكون اليهود الأشكيناز، المنحدرين من ألمانيا وشمال شرق أوروبا، ساميين فعلا، قائلا إنهم “لا صلة لهم بالشعب السامي”.
ويمثل اليهود الأشكيناز أكبر جماعة عرقية في إسرائيل، وينتمي إليهم طابور طويل من رؤساء الوزراء، من بينهم نتنياهو.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تسبب فيها وجهات نظر الرئيس الفلسطيني بشأن الهولوكوست الإساءة.
فقد قال في بحث كتبه وهو طالب في أوائل الثمانينيات إن هناك “علاقة سرية بين النازية والصهيونية”، قبل الحرب العالمية الثانية، ويبدو أنه يشكك في عدد الستة ملايين الذين قتلتهم النازية.
ثم هون فيما بعد من ادعاءات إنكار الهولوكوست، قائلا في 2003 “كانت الهولوكوست أمرا فظيعا، وجريمة لا تغتفر ضد اليهود، وجريمة ضد الإنسانية لا يمكن للبشرية قبولها”.
كيف ردت عصبة مكافحة التشهير؟
رفض، جوناثان غرينبلات، المدير التنفيذي للعصبة التي تعمل على “وقف التشهير ضد اليهود”، كلام عباس واصفا إياه بأنه “زائف أكاديميا، ولا أساس تاريخيا له”.
وأضاف في بيان أن “خطبة الرئيس الفلسطيني الأخيرة اللاذعة تعكس مرة أخرى مدى عمق الإصرار على اتجاهات معاداة السامية التي يتبناها”.
“وليس من المدهش، في خطاب عام كهذا ألا تستنكر القيادة الفلسطينية التحريض الفلسطيني على اليهود وتكافحه، ولكنها توجه اللوم لليهود في الهولوكوست، وفي الاضطهاد المعادي للسامية، وتنكر الوجود اليهودي خلال ألفي عام، أو التقليل من شأنه، وارتباط اليهود بأرض إسرائيل”.
كيف حالة علاقات عباس بالإسرائيليين؟
وكتب عوفير غيندلمان، المتحدث باسم نتنياهو على تويتر يقول “رجل ينكر ارتباط اليهود بأرض إسرائيل، وهو ما يمتد إلى آلاف السنين، يلوم اليهود في الهولوكوست، ويدعي أن هتلر ساعد اليهود، إنه رجل فقد أي صلة بالواقع، ولا يريد السلام”.
وكانت آخر مفاوضات سلام مباشرة بين الجانبين في 2014، حينما كان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما في السلطة. وانفضت المحادثات بسبب العداوة بينهما.
وعقب تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة في العام الماضي، واعترافه المثير للجدل بالقدس عاصمة لإسرائيل، تباعدت فرص استئناف المحادثات أكثر من ذي قبل.
بي بي سي عربية