كاتب سوداني يكشف طريقة معاقبة المسؤولين الفاسدين في رواندا ويقول: عرفتو ليه رواندا مشت ونحنا بركنا !

سألت مسؤولا بالجبهة الوطنية الرواندية في (كيجالي) وقد صدف عبورنا امام احد أقسام الشرطة ولحظت عن كل العابرين يشيرون الى شخص يترجل عن دراجة ويلتحق بصف اظنه لموقوفين يخضعون لإجراء (التمام) الصباحي ؛ تبسم في شماتة ! ثم سمى اسما ؛ فزعت حين سمعته اذ كان من قادة الفصيل الذي اتى بالرئيس بول كاغمي من احراش (قولو) الى سدة القصر الرئاسي ؛ وبسط لي محدثي ان الرجل وأشار اليه تقلد مناصب وزارية وحزبية لكن ذلك لم يشفع له حينما ارتكب هفوة الحصول على (كوميشن) في صفقة تتعلق بتوريد أجهزة حواسيب من احد الشركات الغربية ؛

وللحقيقة وللدقة فالوزير حاز (هدية ) تسربت تفاصيلها بشكل ما الى ما عرفت انه (لجان تنفيذية) للجبهة الرواندية وهو بناء تطوعي بلا مخصصات او اوسام ؛ يؤدي ادوار في العناية بتنقية كواليس واسلاك تحت الارض تسند الجهاز الرسمي للدولة ؛ طلبت إيضاحا حول هذا فقال انهم عناصر ملتزمة تظهر وقت الازمات الاقتصادية والطارئات فتحرس تدابير الجهاز التنفيذي كما انها تكون عين الرئيس في بعض المشروعات خاصة في المقاطعات حيث يسهل الاحاطة بكل الواقع من معاش الناس الى إستقرار الاحوال العامة ؛ قلت حسنا ؛ وماذا عن (الوزير) الحاضر لمخفر الشرطة ؛ قال انه تعرض لما اسماه تعنيف حزبي ؛ ثم محاكمة علنية كانت تنقل مقطتفات منها للجمهور ثم سجن وعقب إطلاق سراحه سيظل عليه لقيد زمني محدد ان (يبلغ) يوميا راجلا او فوق دراجته الى هذا القسم من الشرطة !

قلت هل يحق له بعد هذا المشاركة في عمل خاص ليكسب رزقه ، اجاب محدثي القانون لا يسمح له الا بالتحول الى مزارع او كسب عيش لا يتجاوز راسماله قدرا يحدده الحزب قلت لكن هذا لا يجوز قانونا ! ليصقعني بقوله لا قانون تجاه فاسد !

تذكرت القصة واحد الولايات وضمن برنامج زيارة مسؤول كبير ترتب افتتاح لمشروع خاص بتصدير منتج ما ؛ ذهلت حينما وجدت ان المشروع كان (حوش) فسيح اقيمت في زاوية منه ابنية تجر بعض خام منتج ما باجهزة هي خليط من ماكينة واحدة مستوردة ؛ وكتل خشبية وعمال ذاهلة اعينهم ؛ من رهق الاستعداد ؛ واظن الجوع وترقب حافز الضيف الكبير ؛ رابط اثناء هذا حشد من اهل الحي الذين جذبتهم دماء ثور وضجيج (سارينات) الموكب ! وقفوا يتفرسون الحدث ؛ بعضهم رفع صغاره على كتفه ربما للحصول على مرأي السياسي والضيف الكبير ؛ للدنيا والزمان ؛ انتهى الحدث ؛ التقيت بصاحب الاستثمار ؛ شاب حلو الحديث لبق ؛ طوف بي عبر ارقام واسواق خارجية سماها ؛

لم اقتنع وشعرت بقدر من المبالغة ولكني مثل اي سوداني في مكاني كنت اردد جميل والله ! وان كنت لا انسى كذلك اني لمحت الى جواره شخص من وجهاء الولاية ورموزها التنفيذية كان يتشمم بعض التفاصيل ويشرف على المناسبة بحرص ؛ علمت لاحقا انه شريك غير معلن ؛ لم يكن عندي شك في ان الوالي والمستثمر والشريك قد قدموا (وهمة) ! للضيف الكبير ؛ اذ لم اسمع بعدها ان طائرة قد نقلت (كيلو) لصادر ومما لا اشك فيه تحليلا ان ذاك الحوش الفسيح قدمت باسمه تسهيلات وتمويلات كلها ذهبت الى غير وجهة الاستثمار المذكور ؛ عرفتو ليه رواندا مشت ونحنا بركنا !

بقلم
محمد حامد جمعة

Exit mobile version