* انتهت الآن حكاية القطط السمان، وبدأت حكاية جديدة من حكايات النظام التى يبشرنا بها البشير من داخل مؤتمر الحركة الاسلامية السودانية الاخير بأن حل المشكلة الاقتصادية يكمن فى زيادة الإنتاج والزراعة وتنمية الثروة الحيوانية .. !!
* تخيلوا .. بعد اهدار مئات المليارات من إيرادات البترول والذهب، وتدمير الزراعة والصناعة والسكة حديد، عصب الانتاج الحقيقى، يأتى البشير بعد ثلاثين عاما من التخريب والفشل ليحدثنا بأن الطريق الصحيح للاقتصاد هو زيادة الانتاج والزراعة والثروة الحيوانية ..!!
* نتساءل .. كم مليار دولار نحتاج لاعادة تعمير مشروع الجزيرة الذى دمره النظام الفاشى بسياسة فاشلة وخاطئة بعد الاستيلاء الحكم مباشرة بالتحول من زراعة القطن الى زراعة القمح فى بيئة مناخية لا تصلح لزراعته تحت شعار (نأكل مما نزرع)، فلم نعد نأكل أو نزرع، ثم باصدار قانون مشروع الجزيرة لعام 2005 الذى استهدف تدمير البنية المهنية والعمالية والاجتماعية للمشروع وتشريد المزارعين ( باعتبارهم تربية شيوعيين)، والتخلص من أكبر مركز لتجمع نقابى عمالى يشكل خطرا حقيقيا على الفاشيين الفاسدين، ثم تدمير البنية التحتية بكل محتوياتها من قنوات رى ومحالج وخطوط سكة حديد ومكاتب ومنازل.. إلخ، بغرض إنهائه من الوجود كليا، وأخيرا عرض الأرض للبيع الى الصينين مقابل ديونهم الهائلة على السودان التى تبلغ 11 مليار دولار أمريكى، سرقها الفاشيون الفاسدون وحولوها الى قصور وأرصدة ضخمة فى البنوك الأجنبية، وأنفقوها على الملذات والشهوات !!
* كم مليار دولار نحتاج لتنمية الثروة الحيوانية التى ظلت تعانى الاهمال المدقع منذ ان وطئت اقدام النظام ارضنا الطاهرة، لدرجة أن أبسط أنواع العناية التى كانت تجدها من قبل ممثلة فى التحصين الدورى ضد الأوبئة والأمراض الفتاكة توقفت وانتهت؟!
* من منا لا يذكر أنه فى نهاية أول اجتماع عقده العميد (عمر البشير) بعد استيلاء النظام الاخوانى الفاشى على السلطة مع رؤساء الوحدات الحكومية، تساءل وكيل وزارة الثروة الحيوانية ما إذا كان القرار الصادر من المجلس العسكرى بمصادرة الشاحنات والبكاسى الحكومية للعمل تحت إمرة القوات المسلحة فى مناطق الحرب، شاملا (الشاحنات) العاملة فى مشروع مكافحة الطاعون البقرى الذى تموله وترعاه منظمة الوحدة الافريقية (الإتحاد الافريقى ) فى عدة دول افريقية من ضمنها السودان، وهو مشروع فى غاية الاهمية لتحصين وحماية الماشية من أحد أخطر الأوبئة الفتاكة، فوجه العميد السائل بالاتصال بامانة المجلس العسكرى لعرض الموضوع، ولكن لم تمر سوى ساعات قليلة حتى كانت كل عربات المشروع تحت إمرة القوات المسلحة، ولم تعد مرة أخرى رغم المكاتبات الر سمية من المشروع المشترك لمكافحة مرض الطاعون البقرى بالمنظمة الافريقية للمجلس العسكرى بخطورة هذا الفعل العشوائى على الماشية السودانية، ولكن ذهبت المراسلات أدراج الرياح، فاستُبعد السودان من المشروع، وفقد التمويل المالى والعون الفنى بشكل نهائى الى أن انتهى القيد الزمنى للمشروع، وعندما عاد بعضها بعد لأى وجهد وزمن لم تكن صالحة للاستخدام ، وعاد الطاعون للانتشار مرة أخرى فى الماشية السودانية بعد سنوات طويلة من الانحسار!!
* دعكم يا قائد واعضاء الحركة الاسلامية من حكاية تنمية الثروة الحيوانية، التى لا تقتصر على مكافحة الأمراض فقط، وإنما مكافحة الامراض وتحسين المراعى، وتحسين النسل، وتشييد بنية تحتية لتصنيع المنتجات والمخلفات الحيوانية بحيث تعود بفائدة ضخمة على البلاد، فهى ــ أى تنمية الثروة الحيوانية ــ عمل ضخم يحتاج الى أموال ضخمة ومجهود جبار، وخبرات لم تعد موجودة الآن، وجدية، وسنوات طويلة، وليس لدى أدنى شك أنكم غير جادين فى تنفيذه، فلم نجد منكم غير الحديث … كم برأيكم نحتاج من اموال لمكافحة امراض الثروة الحيوانية لتعد مقبولة للمستوردين القليلين جدا المحيطين بنا مثل السعودية ومصر اللتين رفضتا فى العديد من المرات استيراد الماشية السودانية، بسبب الامراض المتفشية فيها كالحمى القلاعية والحمى الفحمية والتسمم الدموى وغيرها ؟!
* تتحدثون عن زيادة الانتاج بعد ان لحق الدمار بالزراعة والصناعة والسكة حديد عصب النقل البرى والانتاج، وكل شئ، بفضلكم، وصرنا نستورد كل شئ تحت شعاركم البائس المخادع (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع)، فكم برأيكم نحتاج من أموال ضخمة لاعادة تأهيل البنية التحتية السودانية والتخلص من الخراب الذى احدثتموه، حتى تتحقق التنمية المطلوبة ووضع الاقتصاد فى الطريق الصحيح؟
* أنتم لم تعودوا قادرين على إستيراد الجازولين المطلوب للزراعة رغم انكم تأخذون قيمته أضعافا مضاعفة من المزراعين، فمن أين لكم الأموال الضخمة التى تنفقونها على زيادة الانتاج وتأهيل المشاريع الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية، أم أن التنمية فى نظركم مجرد شعارات جوفاء، وخطب رنانة تقال تحت أزيز الهواء البارد، ومعها (شوية تكبير وتهليل)؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة