* محامي: كثرة دعاوى الطلاق بسبب عدم قدرة الطرفين على تحمل المسؤولية في ظل الظروف الراهنة
* امل ابو شنب: كثرة حالات الطلاق لأسباب عديدة، على رأسها غياب الدور الأسري والأجاويد في حل الخلافات
* تزوجت مغترب رشحته لي صديقتي بعدها أكتشفت أنه يعاني أمراضا عضوية ونفسية يستحيل معها أن يكون زوجاً..
فاطمة صالح: الأجاويد يقفون دوما في صف الرجل ولا ينصفون المرأة على الإطلاق
يتميز المجتمع السوداني وحتي وقت قريب بمميزات كثيرة تفضله عن غيره من المجتمعات، ميزات من أهمها ميله للترابط والتماسك، تجد فيه الأسر تنعم بحالة من السكينة أمام الناس حتى ولو كان الباطن عكس ذلك، فنحن نعيش على الحياء والعيب وإن كان ذلك على حساب أنفسنا. وفي مجتمعنا الذي يقوم على الجودية وإصلاح ذات البين كان من النادر أن تسمع فيه عن قصة طلاق لأن كبار القوم من أهل الزوج والزوجة يقومون بحل الخلافات وسرعان ما تعود المياه لمجاريها..لكن ما حدث في الفترة الأخيرة أن قصص الطلاق أضحت كأنها فعل عادي وأصبحت تتصدر وسائل التواصل الرسمية منها والإجتماعية، ربما لأن حياتنا كلها أصبحت تحت دائرة (الميديا)، بل وأصبحت المحاكم مكتظة بقضايا كانت حتى وقت قريب شبه معدومة، قضايا تتشابك خيوطها وتتماهي ضحاياها، ولأنها أصبحت واقعا معاشا في حياتنا وجب علينا أن نتساءل عن أسبابها وتوابعها على الأفراد والمجتمع.
سوء اختيار
تقول (ز.أ) أنها تزوجت منذ ست سنوات انجبت فيها طفلين، لكنها منذ بداية الزواج شعرت بأنها لا تتفق مع زوجها رغم محاولاتها الكثيرة في استمرار الزواج خاصة وأنها في بلد تصعب فيه فرص الفتيات للزواج، لكنها فشلت أو كما تقول من البداية لم تحسن الاختيار..وحتى مع وجود طفلين لم تتردد محدثتي عن طلب الانفصال من زوجها الذي مارس علىها ضغوطا كثيرة ليثنيها عن قرارها، ولم تحظ محاولات الأجاويد الرسمية بقيادة ممثل السفارة في المنطقة التي تقيم فيها المدعية أوالشعبية التي قام بها كبار القوم بالوصول لحل الخلاف، مما أضطر (ز) للجؤ إلى ساحات القضاء علها تنصفها.. ولاتزال تنتظر حكما يزيح عن كاهلها سنوات من المعاناة عاشتها مع زوج لم يقدر قيمتها على حد تعبيرها، خاصة لو علمنا أن فارق السن الكبير بينهما يمكن أن يكون سببا رئيسا في الخلاف.
غش مع سبق الإصرار
أما (ا.ش) فعلى حسب قولها أنها تعرضت لعملية خداع مقننة ، حيث أنها لم تتعرف على زوجها فقد كان عن طريق ترشيح إحدي صديقاتها، ولأن المرشح كان يعيش خارج البلاد فقد كانت طريقة التعارف والتواصل عبر الهاتف بعدها اكتملت إجراءات العقد والزواج لتلتحق به في دولته التي يقيم فيها..وهناك كانت الصدمة حيث أكتشفت أن زوجها يعاني أمراضا عضوية ونفسية يستحيل معها أن يتمكن من الزواج ، وعلمت أيضا أنه كان متزوجا من ثلاث قبلها وجميعهن تطلقن لذات الأسباب، لم تتجرأ (ا) على طلب الطلاق خوفا على نفسها وسمعتها، فانتظرت شهور كان حليفها فيها الخوف والإنكسار، بعدها رجعت إلى السودان وطلبت من زوجها الانفصال في هدوء لكنه رفض وبشدة أن يستجيب ، مما اضطرها للجوء إلى المحكمة عبر وسيط يتابع الآن إجراءات الطلاق التي قد تطول لشهور وربما أعوام.
غياب الجودية
ارجعت امل ابو شنب كثرة حالات الطلاق لأسباب عديدة لكن على رأسها غياب الدور الأسري والاجاويد في حل الخلافات كما كان في السابق مما ضاعف من انتشار ظاهرة الطلاق ، وأضافت أن الجودية عرف قديم كان يقلل من المشاكل لكنه اختفى في الآونة الأخيرة ربما لإنشغال الناس بظروف الحياة الضاغطة والتي قللت من الترابط والتسامح وغير ذلك من العادات السمحة التي حافظت علىها الأسر وساهمت بشكل كبير في تكوين مجتمع معافي يحترم كل فرد فيه الآخر.أما فاطمة صالح فقد خالفتها الرأي بحجة أن الأجاويد دوما يقفون في صف الرجل ولا ينصفون المرأة على الإطلاق، وأضافت :حتى النساء يمارسون ضغوط على المرأة التي تطلب الطلاق ويأمرنها بالصبر (و لوكي القرضة وامسكي فيه)..وهو ما اعتبرته فاطمة ظلم كبير للمرأة وهضم لحقها الشرعي والإنساني..وقالت أن المجتمع نفسه الذي يأمر النساء بالصبر لا يتوانى أن يطلب من الرجل الزواج بأخرى إذا اشتكى هو من زوجته ، وهو ما اعتبرته فاطمة سياسة الكيل بمكيالين..بينما تحسرت ام آسر على غياب الدور الكبير الذي كان يقوم به كبار الأهالي في حل المشاكل واعتبرت أن معظم الخلافات حاليا تكون تافهة ولا تذكر لكنها دليل عدم وعي الطرفين.
الحياة مستمرة
علياء تعتبر تجربتها مختلفة فهي موقنة أن الطلاق ليس نهاية الحياة، واعتبرته قسمة مثله مثل الزواج، وقالت أن خلافاتها مع طليقها كانت بسبب الأجاويد الذين يقفون في جانب الرجل دوما، مما وصل بهما إلى طريق مسدود ولتترك له الأطفال طواعية ليشرف على تربيتهم لأنها ستتزوج ولن تنتهي حياتها بسبب رجل.. واضافت أن طليقها هو الآخر تزوج وأنها مطمئنة على أطفالها معه وعندما يكبرون سيعودون إليها، وللأمانة هذه الحالة الوحيدة التي قابلتني فيمن تحدثت إليهم تتنازل عن أطفالها لطليقها .
الحلقة الأضعف
عزا الاستاذ المحامي محمد أحمد إسماعيل كثرة دعاوى الطلاق بسبب عدم قدرة الطرفين على تحمل المسؤولية في ظل الظروف الراهنة، كذلك عدم احترام رأي الكبار في جانب الاسرتين..وقال أن دعاوى الطلاق تأخذ مدة شهور قبل البت فيها فالمحكمة ليس من مصلحتها المماطلة وأن القضاء أمر بإنهاء الدعاوى بشكل ناجز، عادل وعاجل،.لكن بعض القضايا تأخذ سنوات بسبب مماطلة أحد الأطراف.. واضاف أن القانون غالبا ما ينصف المرأة باعتبارها الطرف الأضعف وحتى لو حصلت على حكم بالنفقة تبدأ رحلة الهروب والمماطلة من الزوج.
المحررة
يمر المجتمع حاليا بمنعطفات خطرة، وتظهر ملامح التفكك الأسري بائنة لا تحتاج إلى دليل، تفكك تتعدد أسبابه بين هجرة الآباء أو انشغالهم عن أبنائهم، أو بسبب الأنفصال والطلاق، والأخير هو سبب ضياع أجيال ليس لها ذنب سوى أنها جاءت الي الدنيا لأم وأب لم يتحملا الإستمرار ولفظا سنوات بتوابعها الي خارج أسوار حياتهما، نحتاج إلى توعية المقبلين على الزواج وتهيئتهم لما سيواجهونه من متاعب، توعية وتهيئة تقوم على دراسات علمية دقيقة ولا تعتمد على تجارب (فيسبوكية )، ففي رأيي أن طرح مشاكل الطلاق والخلافات في وسائل التواصل الاجتماعي زادت الأمر سوءا فأصبحت كمن زادت الطين (بِلة).
إخلاص عمر
صحيفة الجريدة