لفريقين، أحدهما يؤيد مقترح خوض انتخابات 2020م بمبررات التواصل مع الجماهير وعدم ترك الساحة فارغة للمؤتمر الوطني، بينما الفريق الآخر يرفض الفكرة جملة وتفصيلاً، باعتبارها خطوة معلومة النتائج، (المجهر السياسي) أجرت مواجهة بين قياديين من التيارين:
عضو المكتب السياسي السابق للمؤتمر السوداني مجدي عكاشة :
نرفض فكرة المشاركة في انتخابات معلومة النتائج ونحث شعبنا على المقاطعة الشعبية
ليس صحيح ان هناك اسناد خفي للمشاركة في الانتخابات القادمة
*لماذا ترفضون فكرة المشاركة في الانتخابات، فهي وسيلة جديدة للتغيير كما يقول أصحاب الفكرة؟
– خيار المشاركة في الانتخابات كوسيلة جديدة غير صحيح فهي وسيلة مجربة.. أما الجديد فيها فإن خيار الحراك الجماهيري أو الحل السياسي الشامل هو خيار بعيد المنال، ونحن نرفض فكرة المشاركة في انتخابات معلومة النتائج ونحث شعبنا على المقاطعة الشعبية الشاملة لأى عملية سياسية يدعو لها البشير .. فلا يستقيم الأمر بأن أنافس في إنتخابات وأنا مكبل .. و من غير المعقول أن أسعى للناس وأنا محدود الحركة والانتشار بقانون الأمن تحت دعاوى “لظروف أمنية يمنع قيام الندوة” .. معركتنا وأولوياتنا هي الحرية والعدالة ووقف الحرب وإحلال السلام وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وأن نخلص إلى وطن يبدأ أولى خطواته نحو التنمية، ووسائلنا هي الضغط الجماهيري المتواصل.. ولن نحقق هذه الأهداف بالمشاركة في انتخابات دون استحقاقات..
*البعض يعتقد أن هناك عملية إسناد خفي من قبل الحكومة حتى تخوضوا الانتخابات؟
– غير صحيح ذلك، فنحن أعلم لماذا خرجت إلى السطح تلك الدعوى، فهي ليست الأولى عندنا داخل الحزب.. فقد دخل الحزب جدلاً مطولاً في انتخابات 2010 وكذلك 2015، وتجددت الدعوة مرة أخرى لانتخابات 2020، ولكن هذه المرة بنفوذ قوي داخل الحزب.. يعتقد الداعون للمشاركة بأنها وسيلة للتغيير مأمونة العواقب للمواطن، ويمكن أن تحدث تأثيراً عبر المشاركة فيها .. وهذا خلافنا، فنحن نعتقد بأن مثل هذه الدعاوى تمثل استسلاما غير مشروط لقوانين النظام الحاكم، بحيث أنها لا ترغب في الحديث عن خوض استحقاقات العملية الانتخابية أو تهدد بالمقاطعة في حال عدم الإيفاء بها، بل تريد أن تخوضها كما هي
* أي المجموعتين أكبر: التي تدعو للمشاركة أم التي ترفضها؟
– دعوة المشاركة مسنودة بمتنفذين داخل الحزب، فهم قلة عدداً، ولكنها قلة مؤثرة داخلياً بحكم مواقعها، ولكن وبرغم ذلك هنالك حوار داخلي مستمر في أروقة الحزب، ونأمل أن يخلص لقرار يعبر عن المواطن في تحدياته اليومية .. انتخابات 2020 إن صمد النظام إلى ذلك الحين فيمكن أن نحقق نتائج عظيمة بمقاطعتها الشاملة، إن أجدنا معالجة القصور في انتخابات 2015، والاستفادة من العصيان المدني نوفمبر 2016، وحولنا المقاطعة لمطالب يجب أن تتحقق .. ولأهميتها طابع آخر وهو إصرار النظام عليها واجتهاده في تعديل الدستور لولاية ثالثة للبشير.. نعتقد أن أعظم الرسائل التي يمكننا أن نرسلها للنظام بكل مؤسساته وكذلك المجتمع الدولي والاقليمي هي رفضنا القاطع للحكومة وسياساتها، وبأننا نطالب بالتغيير وسوف نسعى لتحقيق مقاطعة تنتهي من هذا الوضع الانساني المتردي في السودان.
* إلى أي مدى يمكن أن يحدث توافق حول مبدأ المشاركة، كأن تكون مثلاً المشاركة في الانتخابات البرلمانية فقط دون المشاركة في الجهاز التنفيذي؟
– لا يمكن أن يحدث توافق حول هذا الأمر.. ولكن أتوقع مستقبلاً خطاباً أكثر جرأة بالمشاركة المفتوحة في كل العمليات السياسية التي يعلنها النظام .. فحينما يتسرب اليأس للعقل السياسي يصبح مدمناً على التفكير في وسائل لا تضره تنظيمياً ولا تعرضه للاعتقال الطويل، ويصبح خطاب المقاومة هو خطاب غير مهضوم لديهم.. وهنا تكمن خطورة التفكير في المشاركة بكل أشكالها
*حزب مؤتمر السوداني معروف بمعارضته الشرسة، ألا تظن أن تلك الخطوة يمكن أن تنتزع أسنانه؟
– نعم أعتقد بأنها خطوة نحو الهلاك.. فهنالك عوامل ذاتية عدة تجعلنا نرفض المشاركة بالشكل المطروح.. أولها غياب اتحاد عام من المعارضة راغب في خوض الانتخابات، وكذلك ضعف تنظيمي واضح لدى المعارضة، بابتعاد سريع ومهول للكوادر النشطة، وأيضاً انسداد كامل في أفق التغيير.. فلا تسوية تلوح في الأفق ولا قيادة على الأرض تستطيع أن تؤثر وتضغط الحكومة للتراجع عن قراراتها.. هذه الأسباب تجعلنا نضع الأولويات أمامنا قبل الحديث عن خوض الانتخابات.. فالمشاركة في الظروف الراهنة تعني مزيداً من الشقاق بين الحلفاء في المعارضة، وهي خطوة لا ندعمها أبداً.. وعلى القيادات أن تسعى لمعالجة قصورها الداخلي، وأن تتنازل بعضها لبعض خير من أن تأتي مثل هذه الدعوات التي تشكل خطراً على مستقبل البلاد، بانتخاب البشير مرة أخرى وبإضعاف محكم للمعارضة .. نتابع بعين مفتوحة دفوعات السر سيد أحمد والنور حمد ونبيل أديب، ولكنها تتناقض في أولويات القوى السياسية، بحيث أنها تصفها بالضعيفة تارة، ثم تحثها لخوض الانتخابات كنتيجة موضوعية لهذا الضعف.. فبأى منطق تصبح الانتخابات مدخلاً للتغيير بهذا الشكل.. كان الأشجع أن يتم طرح التنازلات بشكل أكثر جرأة عبر المشاركة في البرلمان وحوار الوثبة وكل العمليات السياسية التي يطرحها النظام..
/////////////
* الناطق الرسمي لحزب المؤتمر السوداني محمد عربي:
الرأى الداعى لخوض الانتخابات ينظر الى أنها باب من أبواب المقاومة الشاملة ضد النظام
نعوِّل على الخيار الجماهيري كأساس لإحداث التغيير
المشاركة في انتخابات معلومة النتائج .. ألا تعتبر خطوة يستفيد منها النظام؟
– في الواقع نحن لم نقرر حتى الآن خوض الانتخابات أو المقاطعة، وبالتالي من الصعوبة بمكان الإجابة على مثل هذا السؤال.. هناك توجهان ووجهتا نظر في الحزب بشأن الانتخابات .. من ضمن الأسباب التى يدفع بها أصحاب الرأي المقاطع أن هذه انتخابات معلومة النتائج ولديهم فى ذلك حجة قوية، فقد قال البشير أمام الدفاع الشعبي إنه لن يترك الحكم لا للمؤتمر الوطني ولا للحركة الإسلامية، ولا لأي مخلوق من مخاليق الله.. أيضاً تجاربنا في الانتخابات العامة والنقابية والطلابية تعي أن النظام يقوم بالتزوير، بالإضافة إلى أن المناخ السياسي كله مصمم وفق شروط منافسة غير عادلة وغير نزيهة .
أصحاب الرأى الآخر أيضاً لا يختلفون في أن خوض الانتخابات وفق شروط الواقع الحالي سيؤدي إلى النتيجة نفسها، ولكن بالنسبة لرأيهم هم يعتقدون أن المقاطعة فى حد نفسها ستؤدي إلى استمرار النظام دون حاجة إلى التزوير، وهو نوع من الاستسلام، وأن علينا أن نخوض هذه الانتخابات باعتبارها معركة الشجعان، وأن نعمل على الحيلولة دون التزوير، أن نعمل على تغيير قواعد المنافسة، بحيث تكون أقل سوءاً من الواقع الحالي، وأن علينا الاستعداد للضغط حال تزوير النتائج وعدم الاعتراف بها، وأن من شأن ذلك أن يمنح موقفنا قوة سياسية وقانونية بدلاً من إعلان الهزيمة بالانسحاب من المعركة.
* حزب المؤتمر السوداني معروف بمعارضته الشرسة ألا تعتبر الخطوة ابتلاعاً للحزب؟
– ما سيقرره الحزب بشأن الانتخابات سيكون وفق تقدير سياسي بوصلته مصالح شعبنا أولاً وحزبنا ثانياً .. والرأى الذى يدعو إلى خوض الانتخابات ينظر إليها على أساس أنها باب من أبواب المقاومة الشاملة ضد النظام .. في الواقع يأخذ حزبنا بمرونة الخيارات النضالية متمسكاً بجوهر موقفه الداعي إلى إسقاط النظام دون النظر إلى الأدوات إلا فى حدود الالتزام الأخلاقي والقناعات الفكرية الموجهة للحزب.. نحن لم نرفع شعار لا للحوار فى مواجهة الدعوة إلى الحوار، بل قلنا إننا مع أي حوار بناء وشفاف فى مناخ صالح لإدارة حوار متكافيء وعادل، الغرض منه وقف الحرب والتحول الديمقراطي.. في ظل هذا الموقف المعلن نحن نعمل على إشاعة ثقافة المقاومة من خلال المخاطبات الجماهيرية والعمل الإعلامي، لأننا نعلم أن معركتنا ضد النظام معركة معقدة وتلعب على تفاصيل متعددة دبلوماسية وسياسية وجماهيرية وتنظيمية.. يعي الحزب أن النظر إلى الانتخابات كأداة للمقاومة، أن ذلك يعني فى الواقع مزيداً من التنظيم ومزيداً من الانفتاح، وسيؤدي بلا شك إلى تطوير الحزب وتقويته.. وفى كل الأحوال لن تبتلع السياسة السودانية الحزب طالما أننا سنقرر وفق رؤية شاملة لا تهمل المهددات والمخاطر والآثار الجانبية لأي قرار .
* قوى نداء السودان تؤيد المؤتمر السوداني في قضية المشاركة في الانتخابات، هل سيشارك كل حزب منفرداً أم في تحالف؟
– لم تناقش قوى نداء السودان مسألة الانتخابات، ولم تعلن أي موقف موحد، وفى الواقع هي مختلفة وفق الأجندة المعلنة في الموقف من الانتخابات، إذ أعلنت الحركة الشعبية قيادة عقار مبكراً موقفها بالدعوة إلى خوض الانتخابات، وأعلن حزب الأمة القومي المقاطعة، وما بين هذه المواقف لم نقرر نحن حتى الآن.
* فشلت المعارضة في خيار الانتفاضة، واتجهت للحلول السهلة؟
– نحن في حزب المؤتمر السوداني ننظر بتقدير إيجابي للانتفاضات السودانية المتتالية منذ سبتمبر 2013م .. في هذا العام نجحنا كقوى سياسية في حراك جماهيري مؤثر في ثلاث مدن، وهو مؤشر على جدوى العمل على هذا الشق من الخيارات المعتمدة، ونعوِّل على الخيار الجماهيري كأساس لإحداث التغيير.
الدعوة الجادة من بعض أعضاء الحزب من أجل خوض الانتخابات نفسها مبنية على أن الانتخابات فرصة للتعبئة والتنظيم وزيادة نسبة المشاركة الشعبية وأن من شأن ذلك أن يكون إضافة فعلية لأعمال المقاومة .
* هل خوض الانتخابات خيار سهل؟.
– أعتقد أن خوض الانتخابات بصورة جادة خيار صعب وعالي التكلفة.. نحن نتحدث عن مقاومة تعديل الدستور حتى لا يترشح البشير .. نتحدث عن صياغة قوانين وتكوين مفوضية انتخابات تتمتع بالكفاءة والنزاهة.. نتحدث عن مناخ أمنى وسياسي داعم لعدالة المنافسة.. نتحدث عن مقاومة التزوير والأساليب الفاسدة .. نتحدث عن مليارات الجنيهات للحملات الانتخابية .. نتحدث عن عشرات الآلاف من الأعضاء المدربين على الحملات والمراقبة والحشد، وكافة مهارات الإدارة للانتخابات هل هذا خيار سهل؟
* هناك نقاش مستفيض بين مؤيدين ورافضين لخيار المشاركة داخل حزبكم ربما يؤدي لانقسام؟
– نحن حزب ديمقراطي نناقش ونقرر وفق النظام الأساسي واللوائح.. أتوقع قبول واسع من أعضاء الحزب بأي قرار سيتم اتخاذه .
* في حال تقررت المشاركة في الانتخابات، من هو المرشح الأنسب لرئاسة الجمهورية ورئيس الحزب رافض للمشاركة؟
– لم يعلن رئيس الحزب عمر يوسف الدقير أي موقف من خوض الانتخابات.
مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية وفق النظام الأساسي يختاره المؤتمر العام، أما بقية المستويات فيختارها المجلس المركزي .
تمسك رئيس الحزب بالصمت موقف حكيم من القيادى الأول بالحزب، ولكنه سيدعم بقوة قرار الحزب .
أجرتها – رشان أوشي
المجهر السياسي.