الدعاء المُستجاب .. شروط وإرشادات

الدعاء لغة: هو الطلب، وشرعاً هو: توجه العبد إلى ربه فيما يحتاجه لإصلاح دينه ودنياه.

وقد أمر الله تعالى عباده بالتوجه إليه في حوائجهم الدنيوية لتتيسر لهم، وفي أمور معادهم ليحط أوزارهم، ويتقبل توبتهم، ويعتق رقابهم من النار؛ لأنه ليس لهم من سبيل يتوصلون به إلى مطالبهم غير سؤالهم لخالقهم ومدبر أمورهم، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.. [البقرة : 186].

وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.. [الأعراف: 55 – 56].

فلا يخفي علي أحد فضل الدعاء؛ إذ هو سلاح المؤمنين وملجأ الخائفين ، به نصرهم الله وبه أعزهم وبه فضلهم علي العالمين.. عرف سره الأنبياء فلزموه، وعلم فضله الأولياء فاستعلموه.

وجاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ببعض ما قاله الأنبياء في دعائهم لرفع الابتلاء، وكذلك بعض سور وآيات القرآن الكريم:
شروط الدعاء المستجاب:

1- أن يوقن العبد بالإجابة، لقول رسول الله- صلي الله عليه وسلم (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ).. رواه الترمذي.

2- أن يكون طعامه وشرابه من حلال لقول الله تعالي : {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير}.

3- أن يكون عالماً بما يقول، حاضر القلب، بأن يوافق ما في قلبه ما ينطق به لسانه، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ”. أخرجه الترمذي. وفي شرح الحديث: (وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ) وَأَنْتُمْ مُعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُكُمْ لِسِعَةِ كَرَمِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ لِتَحَقُّقِ صِدْقِ الرَّجَاءِ وَخُلُوصِ الدُّعَاءِ، لِأَنَّ الدَّاعِيَ مَا لَمْ يَكُنْ رَجَاؤُهُ وَاثِقًا لَمْ يَكُنْ دُعَاؤُهُ صَادِقًا (مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ) أَيْ مُعْرِضٍ عَنْ اللَّهِ أَوْ عَمَّا سَأَلَهُ (لَاهٍ) مِنْ اللَّهْوِ أَيْ لَاعِبٍ بِمَا سَأَلَهُ أَوْ مُشْتَغِلٍ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا عُمْدَةُ آدَابِ الدُّعَاءِ وَلِذَا خُصَّ بِالذِّكْرِ.

4- ألا يصر علي المعاصي لقوله تعالي : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.. [الأعراف : 55]، أرشد سبحانه وتعالى عباده إلى دعائه، الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم ، فقال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} معناه: تذللاً واستكانة، أي بخشوع قلوبكم ، وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه ، لا جهاراً ومراءاة. (الْمُعْتَدِينَ) إن من الدعاء اعتداءً، يُكره رفعُ الصوتِ والنداءُ والصياحُ بالدعاء، ويُؤمر بالتضرُّع والاستكانة.

5- أن يعلم أن حاجته لا يقدر علي إجابتها وتيسيرها إلا الله سبحانه وتعالي .

6- ألا يستعظم الطلب علي الله سبحانه وتعالي؛ لأن طلبه مهما كان لا يكون أعظم من الله وهو العلي العظيم

7- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالي فلا يدعو أمام أحد رياء؛ لأن الله مطلع علي ما في نفسه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)

8- يجب أن يكون الدعاء خالياً من الإثم، وألا يدعو بقطع صلة رحم، وأن يدعو بدعاء مشتملاً علي الخير له ولغيره، وألا يستعجل الإجابة.

في صحيح البخاري ومسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يغفر لي.

وفي صحيح مسلم أيضاً: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله: ما الاستعجال ؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء- يتركه- .

أما الشروط المطلوبة في صيغة الدعاء: قال صلي الله عليه وسلم: (إذا صلي أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالي والثناء عليه ثم يصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم ليدع بما يشاء) .. رواه الترمذي وأبو داوود والحاكم عن ابن عبيد رضي الله عنه.

* المصادر:

– “تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي” للعلامة المباركفوري

– تفسير ابن كثير

– الصحيحان: البخاري ومسلم

مصراوي

Exit mobile version