أصبحنا عرايا أمام كاميراتهم.. من سيراقب من يراقبنا؟

في نهاية فيلم “عدو الدولة” (Enemy of the state) وبعد أن كشف البطل للرأي العام الأمريكي والغربي، حقيقة امتلاك أجهزة أمنية واستخباراتية تابعة لحكومة الولايات المُتحدة لقدرة تقنية مُرعبة تُمكنها من مُراقبة أي شخص على كوكب الأرض، وتَعسُّف بعض العاملين بتلك الأجهزة السرية في استخدام تلك التقنيات والسُلطات المُوكلة إليهم بالأساس لمُراقبة أعداء المجتمع الأمريكي فقط، واستخدامها بشكل مُوسع ولصالح توجهات خاصة.

وفي أثناء جدل عام عمّا يُمثله امتلاك قدرة لوجيستية وتقنية بهذه القدرة من تهديد جذري لحرية المُجتمع الأمريكي، يظهر أحد أعضاء الكونجرس في المشهد الأخير مُطمئنًا الشعب الأمريكي بقوله “جميعنا نعلم أنه يجب علينا مُراقبة أعدائنا؛ لكن بعد هذه الفضيحة؛ علينا كذلك أن نراقب المُراقبين الذين يُراقبون أعداءنا، المُراقبين الذين هم من جهتنا، هذه صارت مسألة أمن قومي”.

في غالبية مُدن العالم الأول الديمقراطي الليبرالي، بات من المُعتاد أن ترى الكاميرات في كل مكان تقريبا، على أعمدة الإنارة، محطات المترو، المباني الحكومية، المحلات التجارية، الأماكن الترفيهية(1)، وفي وقت قريب أثبتت تسريبات العميل التقني بوكالة الأمن القومي الأمريكي “إدوارد سنودن” لصحيفة الجارديان(2) عن اختراق الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والروسية للحواسب والهواتف الخاصة بالمدنيين وتشغيل الكاميرات الخاصة بها وخواص التسجيل الصوتية في أي وقت، وعلى نطاق واسع وبشكل مُفرط، موضحًا أن الأمر الخطير هنا ليس متعلقا بالكاميرات التي تراقب المجال العام طوال الوقت؛ بل امتد الأمر لمُراقبة المدنيين داخل حياتهم الخاصة.

لم يكن ما طرحه “سنودن” جديدا في ذاته، إنما الجديد تحديدًا يتمثّل في مدى التطور التقني الذي بلغته تلك الأجهزة، وهو ما خلق حالة من التساؤل والقلق والإحساس بالتهديد؛ لتظهر مجتمعاتنا الحديثة بهذه الكيفية وكأنها مسكونة بنوع جديد من الرعب، رعب المُراقبة الدائمة، المُراقبة التي صارت تقتحم كل مساحات الحياة حتى أكثرها حميميّة وقداسة والتصاقا بالإنسان.

هل نحن أمام رغبة جديدة فى الكمال وبلوغ اليوتوبيا، وتعميق الإحساس بالأمن وتحقيق غاية الفلاسفة منذ الأزل في تحقيق حلم المدينة الفاضلة؛ الخالية من الجريمة والشر والعنف، أم نحن أمام مجرد نزوع سُلطوي عدمي يرغب فى المزيد والمزيد من السيّطرة والسُلطة، نزوع يهدف إلى أن يرى كل شيء، ويتحكم في كل شيء؟

بحسب الدكتور محمد سبيلا (3) فقد اتسمت الحداثة وسط العديد من معالمها وسماتها -كحدث ثوري وجذري فى الوعي الإنساني- بخلق نمط جديد من أنماط إنتاج المعرفة وطريقة تصور العالم، كان أساسه الانتقال التدريجي من “المعرفة التأملية” إلى “المعرفة التقنية” .

مضيفًا أن المعرفة التأملية التقليدية اتسمت بكونها معرفة كيفية، ذاتية وأقرب إلى النمط الشعري القائم على التشبع بجمال الأشياء والطبيعة، وما تشير إليه من آيات وإبداع وقيّم وما تحتويه من مظاهر التناسق الأزلي، تعكس حكمة إلهيّة مَبثوثة في أرجاء الكون كله.

بينما نمط المعرفة الحديث أو نمط المعرفة التقني عماده الملاحظة والتجريب والإحصاء والترتيب الرياضي، ويُعد النموذج الأمثل لهذا النمط هو العلم الطبيعي أو المعرفة العلمية الطبيعية، التي تَمثّلت الطبيعة كوحدة هندسية مُوحدة، ميكانيكية متجانسة العناصر، وكموّرد اقتصادي ومخزن للطاقة، وكمُختبر علمي لاستنتاج فرضياتٍ واختبارها والخروج منها بقوانين وتصورات عن العالم(4)، ليُصبح ذلك النمط هو النموذج المعيّاري لكل معرفة في العصر الحديث.

هذا النمط من المعرفة، تقني في جوهره، من حيث أن المعرفة العلمية فيه هي استجابة للتقنية وخضوع لمتطلباتـها. فالتقنية -كما أوضح هيدجر- ليست مجرد تجلٍّ للعلم عبر إرادة الإنسان؛ بل هي “ما يُحدد للعلم ولإرادة الإنسان نمط معرفته المطلوب منه. فمعنى أن يكون العلم الحديث والمعرفة الحديثة مجالات تقنية فى جوهرها؛ أي أنها خاضعة لما تقتضيه التقنية بالدرجة الأولى، أي الإحصاء والترتيب الرياضي والرقمي منهجا وطريقة، والتحكم والسيّطرة والوضوح والتحليل غاية وهدفٌ نهائي”(5).

وبمزيد من الاتكاء على “هيدجر” نكتشف أنه لم تكتف التقنية بالتمايز كنمط لإنتاج المعرفة وتصور العالم وحسب؛ بل تحولت إلى “أفق معرفي وأيديولوجيا مهيمنة على الفضاء الثقافي الحديث كله، مُشكلة بذلك المجتمع الحديث ذاته، ومزودة إياه بمشاعر الهوية والانتماء والإحساس بالأمن وبمعرفة وأخلاق عامة. لتُصبح التقنية في نهاية المطاف مصدرًا واهبًا للمعنى في الحياة الحديثة الخالية من الميتافيزيقا، ووعدًا بالخلاص واليوتوبيا، ونواة أي أيديولوجيا سياسية، وإحدى أهم مكونات الشرعية في الدولة الحديثة” (6).

ليست الدولة الحديثة مجرد جزء من الرؤية الحداثية التقنية للعالم؛ بل هي إحدى معماريها الأساسيين، وإحدى أخطر أدوات السيّطرة في التاريخ الإنساني(7).

يحدد الفيلسوف الفرنسي “ميشيل فوكو” طبيعة التحول السياسي الاجتماعي الجذري الذي واكب نشوء الحداثة، عن طريق ما يسميه ظهور المجتمع الانضباطي أو المجتمع البانوبتيكي؛ حيُث “باتت تمارَس السيّطرة على الناس عن طريق آليات جديدة من المُراقبة ولأهداف وتطلعات سُلطوية مختلفة عن السُلطة فى المجتمعات التقليدية”(8).

فكرة “فوكو” الأساسية في هذا السياق؛ هي أن أهم ما قامت به الحداثة حين بدأت أنها قامت بتقسيم البيئات المفتوحة للإنسان وحاصرتها، عن طريق ما يسميه “فوكو” سياسة فضاءات التطويق الواسعة؛ فالدولة الحديثة في تجليها الأهم هي فضاء واسع تم تَطويقه، وداخل هذا الفضاء تقوم الدولة: “بتقسيم المساحة، ترتيب الزمن، وتشكيل قوة عمل منتجة، وتعميم أنماط الإنتاج والاستهلاك، وتفعيل سياسات الهوية ضمن حدود المساحة والزمن المُحاصرة”(9).

ما لاحظه “فوكو” أن هدف تلك المؤسسات “كان خلق نوع جديد من المجتمعات مختلف جذريًا عن المجتمع القديم” (10). فداخل هذه البيئة المغلقة، لا يتوقف الإنسان الحديث أبدًا عن المرور من بيئة مُغلقة لأخرى، ولكل بيئة قوانينها الخاصة وسُلطتها الداخلية، بيئة المؤسسة البيروقراطية، المؤسسة الطبية، والمؤسسة الأمنية، والعسكرية، والاقتصادية وهكذا.

مُجتمع المُراقبة أو حلم البانوبتيكون

فى الحقبة البطولية والمُتفائلة للحداثة، أعلن الفيلسوف الليبرالي والمُنظر القانوني “جيرمي بنتام” عن فكرة جديدة لتنظيم المُجتمع، تم اعتبارها فيما بعد إحدى أهم ثورات العصور الحديثة(11).

فكرة “بنتام” كانت بسيطة في جوهرها، وهي تحويل السُلطة السياسية من تجلٍّ مادي للقدرة على القمع والتحكم، وسحق أجساد الأعداء أو رافضي السُلطة بشكل عام، كما كان الحال في العصور الوُسطى والمجتمعات التقليدية؛ إلى شيء غير ملموس وغير منظور، عن طريق ما أسماه نموذج سجن بانوبتيكون، وهو عبارة عن “طريقة خاصة في التوزيع السياسي المكاني”(12)، مفهوم هذا التوزيع هو السماح لأقل عدد من المُراقبين بمُراقبة أكبر عدد من (الأهداف/السُجناء)، دون أن يكون (الأهداف/السُجناء) قادرين على معرفة ما إذا كانوا مراقبين أم لا.

بهذه الكيفية جاء التصميم الهندسي للسجن بانوبتيكون، ليصير على شكل دائرة هندسية مُغلقة، يتوسطها برج مراقبة، ويتم تصميم المبنى الدائري بحيث تكون جميع خلاياه مكشوفة للبرج طوال الوقت، بينما تكون معزولة عن بعضها؛ حتى يتعذر اتصالها من دون علم من في برج المراقبة(13).

ويشدد “بنتام” على أن يكون المفتش داخل برج المراقبة غير منظور من طرف (الأهداف/النزلاء)، فالفكرة الأساسية عند “بنتام” هنا هي أن جعل الُمُراقبة غير منظورة وغير معروفة للمُراقبين، هو الذي من شأنه أن يجعلهم يشعروا بأنهم تحت المُراقبة المُستمرة والدائمة(14)، ما يُمثل -تحديدًا- وقود وطبيعة السُلطة السياسية الحديثة.

جادل “بنتام” بأن البانوبتية ليست مجرد هندسة معمارية مُخصصة للسجون فقط، وإنما طريقة في فن الاجتماع السياسي، تمثل مخططا لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع الحديث الأخلاقي المُنضبط، وقد أعلن عن طموحه بشكل صريح في كتابه: “يُمكن إصلاح الأخلاق، وتطبيق القانون، وإنعاش الصناعة، ونشر الثقافة، وتخفيف الأعباء العامة، ودعم الاقتصاد وتنظيم العمال، وتعليم الطلاب..، يمكن تحقيق كل هذه الأشياء، بواسطة فكرة بسيطة في الهندسة المعمارية” (15).

وصف “بنتام” نموذج بانوبتيكون على أنه “طريقة جديدة للحصول على قوة العقل على العقل” (16).

يُشبّه “فوكو” مُجتمع المُراقبة -الذي شكلته الدولة الحديثة- بنموذج سجن بانوبتيكون؛ حيث أصبح المجتمع الحديث، عبارة عن “فضاء مُغلق، مقطوع، مُراقب من كل جوانبه، وتخترق السُلطة كل نسيجه الاجتماعي بعمق، فتُسجل فيه كل الأحداث، وتراقب فيه كل حركة، وتُمارس فيه السُلطة دون مشاركة، مُنظم أمنيًا بشكل صارم، وفقا لهيكلية تراتبيّة هرمية؛ حيث كل فرد هو رقم، مُعاين، وخاضع للتحليل”(17)، فجوهر السُلطة في مُجتمع المُراقبة هي سُلطة التحليل والمعرفة (18).

مضيفًا أن الفكرة الرئيسة فى نموذج بانوبتيكون ليست فكرة السجن ذاتها، فالسجن هو العنصر الأقل حداثة في النموذج نفسه، لكن المثير هنا كان في نوع السُلطة السياسية الجديدة، فالفكرة الأساسية لبانوبتيكون -كما يوضح فوكو- “قائمة بشكل رئيس على تصدير حالة من الوعي الدائم عند الناس بوجود السُلطة المُراقبة؛ لكن من دون القدرة على إمساكها، سُلطة حديثة مُتحررة من الأثقال الفيزيائية للسُلطة التقليدية أو ما قبل الحديثة، تقوم على مبدأ اللاتجسد، تخترق كل ما يحيط بها”(18)، وكلما اقتربت من كونها غير ملموسة، كلما كان انتصارها أعمق وأثبت وتَجدّد بشكل دائم؛ انتصار يتفادى كل صدام جسدي مادي من أولئك الذين تُمارس عليهم السُلطة (19).

يُمكن القول بأن الثورة العلمية التقنية والتكنولوجية ارتبطت بصعود الطبقة البرجوازية الرأسمالية في الغرب، وبمشروعها في تسخير الطبيعة والاستيلاء على العالم(19)؛ حيث تشير العديد من الدراسات(20) إلى أن العديد من أصول مُجتمع السيطرة المُراقبة، تعود إلى تزاوج صعود الدولة القومية والرأسمالية، ولـ”أنتوني جيدنز” تحديدًا إشارة هامة إلى هذه الفكرة بقوله “المُراقبة كتعبئة للقوة السياسية الإدارية من خلال تخزين المعلومات وتوثيقها والسيّطرة عليها؛ هي الرافعة الأساسية في تشكيل الدولة القومية والاقتصاد الصناعي الرأسمالي”(21)، وقد صاحب انتشار التقنية تغيّر في التصور والتنظيم التقليدي للزمان والمكان وللعلاقات الاجتماعية بين الناس، وفي مدلول السُلطة السياسية. وغالبًا ما أدت التقنية إلى تقوية السُلطة السياسية والاقتصادية (22).

بيد أنه فى النصف الأخير من القرن، تطورت الرأسمالية نفسها من كونها تقوم على اقتصاديات مُتمركزة على الإنتاج إلى اقتصاديات مُتمركزة حول الاستهلاك، لتنقل آليات المُراقبة والضبط -وبمعزل عن سُلطة الدولة الحديثة نفسها- من المصنع إلى السوق، ومن العامل إلى العالم(23)، فبينما ظل الإنسان للبعيدين عنه مجهولا، له ميول مُركبة ومُتنوعة، غير نمطيّة ومختلفة من شخص لآخر، تنامت على الناحية الأخرى عند النظام الرأسمالي التقني حاجة مُلحة إلى تطوير تقنية للكشف عن ميول الإنسان وغزوها والتلاعب بها، أو في أفضل الاحتمالات تشخيصها وتحليلها؛ “فالمُستهلك -كما يوضح هربرت ماركيوز(24)- في التحليل الأخير هو إنسان خاضع لسُلطة التحليل” .

حيث أدت حَوسبة التسويق وإدارة الزبائن وتحليل سلوكهم وميولهم عن طريق التقنيات التي يستخدمونها ونوافذهم الخاصة على الإنترنت، ببناء بنوك من المعلومات حول حياتهم الطبيعية والاجتماعية(25)، فتحول الناس إلى بيانات مُجردة وصُنفوا بالتوافق مع المتطلبات التجارية.

العالم كساحة اعتقال

إن التأمل فى المجتمع التقني الذي نعيش فيه يجعلنا ندرك بأن حلم “بنتام” قد تحقق بالفعل، أصبحت السُلطة ترى كل شيء تقريبًا، تُراقب كل الأمكنة وفي جميع الأوقات، من دون أن يراها أحد، لأنها غير مرئية، ومُتوارية وراء عدسات زجاجية أو رقاقات ذكية فى داخل الأشياء كلها تقريبا من الهاتف الذكي إلى السيارة وكأن تمدد السُلطة في الحياة العامة والخاصة أصبح مرهونا بحجم الانتشار التقني.

يشير “ديفيد ليون” في كتابه “نظرية المراقبة”: إلى أن التفاعل الحادث بين التقنية والمجتمع، هو المادة الأساسية لمجتمع المُراقبة، ويتشكل هذا المجتمع من مَجموعة كبيرة ومُتنوعة من التقنيات التي تحولُه في مجموعها إلى شكل متطور وأكثر معاصرة من البانوبتيكي (26).

مؤكدا أن التقنية في ذاتها ليست محايدة أو بريئة؛ بل هي “تعبير عن توزيع معين لعلاقات القوة فى المجتمع، وتعكس المصالح والأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأولئك الذين يقومون بصناعتها أو استعمالها أو الإشراف عليها”(27). حيث تُستخدم المعلومات التي تمتصها التقنية من الناس طوال الوقت لأغراض مختلفة عن التى قادت في تجميعها، فغالبا ما يتم استعمال سجلات الهاتف مثلا لدى شركات الاتصالات في المُمارسات الشرطية، سواء في التنصت على الأشخاص أو في تحديد مواقعهم، نفس الأمر ينطبق على خيارات الأفراد على مواقع التواصل أو محركات البحث أو في تطبيقات الهواتف الذكية، عن طريق برامج أعدتها الأجهزة الأمنية والشركات لرصد وتحليل البيانات الضخمة وتصنيف المُستخدمين طبقا لمعايير أمنية أو اقتصادية وتسويقية حسب السُلطة التي تقوم بالمُراقبة.

منذ ثلاثة أعوام، تحديدًا في (يونيو/حزيران) من العام 2013؛ كشف العميل التقنى الأمريكي “إدوارد سنودن” عن تطوير وكالة الأمن القومي لبرامج تجسس قادرة(28) على القيام بمراقبة مُعمقة للاتصالات الحية والمُسجلة واختراق رسائل البريد الإلكتروني، ومحادثات الفيديو والصوت، وعمليات نقل الملفات، وتفاصيل التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخيرًا؛ القدرة على تفعيل كاميرا الأجهزة الشخصية دون علم أصحابها؛ لتخترق وكالة الأمن القومي أعمق تفاصيل الحياة الخاصة لمن تريد وفي أي وقت ترغب فيه، كل هذا مصحوب ببرامج قادرة على استيعاب وتحليل عدد هائل من البيانات وتصنيفها فى أقل من الثانية.

أثارت تلك التسريبات الأخيرة موجة عارمة من الانتقادات(29) للسُلطة الأمريكية والأجهزة الأمنية التابعة لها، وللشركات الكبرى كآبل وفيسبوك وغوغل وياهو ومايكروسوفت؛ حيث تم اعتبارهم متواطئين مع تلك العملية رغم إنكارهم الشديد لعلمهم ببرامج وكالة الأمن القومي الأمريكي.

إلا أن القلق الذي سببته تلك التسريبات لم يكن جديدا فالمعلومة نفسها لم تكن جديدة بأي حال، فالسينما العالمية والعديد من الروايات العالمية قد عبرت عن هذا النوع من القلق بشكل أو بآخر، إنما كان مَبعث القلق هذه المرة هو حجم التطور الذي بلغته التقنية، وما توفره من آليات وقدرات مُرعبة في المراقبة والسيّطرة، وما أحدثه القائمون عليها من اختراق لأدق تفاصيل حياتهم الخاصة واليومية، يقول ميلان كونديرا(30) في إحدى رواياته “حين يُذاع حديث بين الأصحاب أمام كأس النبيذ على الملأ عبر الراديو، فهذا لا يعني إلا شيئًا واحدًا: العالم يتحول إلى معسكر اعتقال” .

الجزيرة

Exit mobile version