صديقنا الصحفي الطاهر ساتي، الكاتب بهذه الصحيفة “السوداني”، وجه اتهامات صادمة ومباشرة عبر عموده بهذه الصحيفة، وعبر لقاء بفضائية S 24 ، لوزير الخارجية السابق، ولوزارة الخارجية ومنسوبيها، حول ما أدلى به وزير الخارجية السابق من بيان أمام المجلس الوطني، أوضح فيه أن منسوبي وزارته بالبعثات الخارجية لم يتسلموا مرتباتهم لسبعة أشهر. الأخ الطاهر، اعتماداً على معلومات مغلوطة، طفق يوزع الاتهامات بالكذب، وأوصاف أخرى لا أود إيرادها، على الوزير السابق ومنسوبي الوزارة. إتضح أن كل ما قاله الوزير السابق صحيح مائة بالمائة بدليل أن البنك المركزي بدأ في سداد المتأخرات. قد يكون من المناسب أن يقدم الأخ الطاهر إعتذاراً واضحاً وشجاعاً لكل من انتاشته هذه الاتهامات.
الأكثر أهمية بالنسبة لي في هذا المقال تصحيح بعض المعلومات حول أهمية التمثيل الخارجي، يتحدث البعض عن أن سفارات وممثليات السودان بالخارج تفوق التسعين في حين أن السفارات والممثليات الأجنبية بالخرطوم لا تتجاوز الستين، ويقولون لماذا نفتح سفارة في بلد هي لا ترغب في فتح سفارة عندنا على مبدأ (ما بنمشي لي ناس ما بيجونا). في العلاقات الدولية مصالح الدولة السياسية والاقتصادية هي التي تحدد اتجاهات العمل، إذا وجدنا أن دولة ما نحن نستفيد منها فائدة مؤكدة نذهب ونؤسس سفارة فيها، ولا ننظر هل هذه الدولة مهتمة بفتح سفارة عندنا أم لا. على سبيل المثال مملكة البحرين لدينا سفارة فيها، وهم ليس لهم سفارة عندنا، أسسنا السفارة هناك لأننا نعرف أن البحرين مركز مالي إقليمي مهم. ولا يعنينا بعد ذلك توجهات سياستهم الخارجية، هذا أمر يخصهم.
المسألة الثانية وجود أكثر من ممثلية في بلد واحد، وضربوا مثالاً بمصر حيث لدينا السفارة في القاهرة، وقنصلية بأسوان، وأخرى بالأسكندرية. بينما لمصر السفارة بالخرطوم وقنصلية ببورتسودان. لا يشترط التساوي، كل دولة تعمل وفق مصالحها ومجالات اهتمامها، لدينا الآن أكثر من 15 حافلة سفرية تعبر يومياً من السودان الى مصر وبالعكس عبر الحدود المشتركة، مهم جداً بالنسبة لنا متابعة هذا الانسياب البشري الهائل، ومتابعة انعكاساته الاقتصادية والأمنية، ورعاية مصالح السودان عبر القنصلية في أسوان.
وعبر القنصلية في الإسكندرية نتابع حركة انسياب التجارة الإقليمية، والسياحة من أوروبا لمصر وإمكانية ربطها بالسودان، وأنشطة الاتجار بالبشر عبر المتوسط، ومهام أخرى كثيرة ومتشعبة تقوم بها قنصليتنا بالإسكندرية. وبالمثل لمصر مصالح ترعاها من خلال قنصليتها ببورتسودان، وكان لها سابقاً قنصلية بالأبيض وأخرى بجوبا في وقت من الأوقات حينما كان السودان موحدا. إن فتح سفارة أو ممثلية للسودان في بلد ما يخضع لمعايير سياسية واقتصادية وأمنية غاية في الدقة تراعى فيها مصالح السودان كأولوية قصوى.
تم التداول أيضاً حول وجود سفارتنا لدى اليمن، مقيمة بالرياض بالمملكة العربية السعودية. هذا أمر لا عيب أو منقصة فيه. حيث معلوم أنه في أوقات الحروب والأزمات ووفقاً لاتفاقية فينا للعام 1962 يجوز لدولة ما رعاية مصالح دولة أخرى في بلد ثالث بالاتفاق ما بين الدول الثلاثة، ويجوز لدولة ما رعاية مصالح مواطنيها في بلد ما من خلال سفارة تقيمها في بلد مجاور، إما بسبب الاضطرابات الأمنية أو لأي أسباب أخرى. والله الموفق.
د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com