في قضية الجريف .. المسؤولون .. يلقون قولاً ثقيلاً!!!

*مأمون حميدة: (لايهمني قوة مفرطة ولا لا).. فهذا كلام واضح هؤلاء حفنة من المواطنين يحرقون في (الزبالة والوسخ)..
*معتمد شرق النيل: قولاً فصلاً الكمائن سنزيلها..

*حسن إسماعيل: تركيبة المسألة المستعجلة حول القوة المفرطة خاطئة
*حماية الأراضي: (هناك ممارسات (لاتشبه ناسنا) ولا تقل خطورة عن مخاطر المخدرات

رئيس لجنة الصحة بتشريعي الخرطوم: حيثيات نتائج التحقيق تشير الى عدم الإفراط في القوة

في الوقت الذي يلزم فيه مرضى الجريف شرق السرير الأبيض بسبب الإصابات التي تعرضوا لها خلال عملية إزالة كمائن الطوب الخميس الماضي، خصصت حكومة ولاية الخرطوم منبرها الإعلامي للحديث عن كمائن الطوب مطالبة الإعلاميين بضرورة دعم خطط الوزارة وتأييدها والقيام بتوعية المواطن.
وحشدت في هذا المنبر رئيس المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية حسن إسماعيل ومعتمد شرق النيل ومدير جهاز حماية الأراضي ورئيس لجنة الصحة بالمجلس التشريعي ووزير الصحة الولائي مأمون حميدة والمدير العام لمجلس البيئة التيجاني الأصم.
يبدو أن المنبر خصص للكسب الإعلامي خاصة أن كل الكلمات التي قدمها المسؤولون بالولاية كانت بهدف ضم الإعلام لحملة إزالة الكمائن ورأت رئيس لجنة الصحة بالمجلس التشريعي أن الإعلام دوره التوعية رامية باللوم على الصحفيين الذين رأت أنهم يمارسون التحقيق.

وبالرغم من الحديث المتكرر عن أضرار كمائن الطوب وضرورة إزالتها الا أن الحديث في الوقت الحالي له من الأهمية بمكان خاصة أن الجميع توقع أن يتحدث المنبر عن تفاصيل الأحداث التي وقعت بالجريف شرق الخميس الماضي وأدت الى استخدام القوة المفرطة الذي وصل حد إطلاق الرصاص المطاط ما ادخل الرعب والخوف وسط الأهالي، خاصة انها لم تكن المرة الأولى التي تحول فيها السلطات منطقة الجريف الى منطقة غير آمنه مما يشير الى فشل السلطات في تقنين استخدام القوة في مواجهة المواطنين العزل وإيجاد حلول جذرية للأزمة، ويبدو أن خطوة مجلس تشريعي الخرطوم للتحقيق في استخدام القوة المفرطة في الجريف شرق تأييد على إسراف الشرطة في استخدام القوة خلال الأحداث السابقة.

الغريب في الأمر أن السلطات لم تزعن أو تعر انتقادات المجلس التشريعي حول استخدام القوة ولم تنتظر الى حين إعلان نتائج لجنة التحقيق عن استخدام القوة المفرطة وواجهت الرافضين لإزالة كمائن الطوب بالجريف بقوة أكبر من القوة التي تم حشدها المرة السابقة.

وتواجدت القوات الشرطية بشكل كثيف بالجريف الخميس الماضي وحولتها الى مستعمرة عسكرية حيث رصدت (الجريدة) تمركز أكثر من (40) دفار شرطة وحوالي (20) عربة بوكس مليئة بأفراد الشرطة وما يقدر ب(15) حفارة بوكلي لجرف الكمائن، الا أن مقاومة الأهالي حالت دون تنفيذ الإزالة لتنتقل المعركة الى داخل احياء الجريف وسط ملاحقات وكر وفر من الأهالي الذين جددوا تمسكهم بالأرض مقدمين أرواحهم وممتلكاتهم فداءاً لها، ولم تتردد القوات الشرطية المدججة بالسلاح في استخدام القوة حيث أصيب المواطن مبارك عبد الكريم برصاصة مطااطية على رأسه وتباينت إصابات أحمد المبارك وكمال الدين بركات وعمر حسن ما بين عميقة وسطحية بالوجه والأطراف بالإضافة لإصابة الطفلة أسنات يوسف التي تبلغ 7 أشهر (4) نساء باختناقات في التنفس بسبب الغاز المسيل للدموع نقلوا على إثرها للمستشفى لتلقي العلاج. ولم يسلم الأهالي والمنازل من الضرب بالهراوات وإطلاق الغاز المسيل للدموع والذي تسبب في حدوث حرائق بحي كركوج مربع (21) بمنزل المواطن صلاح الدين عبدالرؤوف الذي احترق بالكامل مخلفاً خسائر بملايين الجنيهات حيث لم تسلم الأثاثات والمعدات الكهربائية وغيرها من الحريق بفعل عبوات البمبان التي أطلقت بكثافة داخل المنزل الذي تحول الى ركام.

وأعتبر المواطن بدر الدين الحاج قرار ولاية الخرطوم الخاص بإزالة الكمائن التي تقدر ب(1000) كمينة، مدخل للاستيلاء على أراضيهم واتهم الحكومة بتسليمها لمستثمرين محليين وأجانب، وأكد أن قوة شرطية مدججة بالسلاح تمركزت بمحازاة الكمائن عند العاشرة من صباح الخميس، وأشار لتمسك الأهالي بالكمائن التي قال إنها مصدر رزق وحياة لملاكها ولا ينبغي انتزاعها وتمليكها كارض لآخرين، وأشار الى أن الاشتباكات في العام الماضي بين الشرطة وأهالي الجريف راح ضحيتها شخص وإصابة آخرين، وأكد جاهزية الأهالي للتصدي لكل ما هو آت، ونبه الى أن الأهالي لم يعوضوا وفق الاتفاق الذي تم بينهم وبين الجهات الحكومية بولاية الخرطوم في وقت سابق، وأكد استعدادهم للدفاع عن حقوقهم وفق الطرق القانونية وأشار الى ثقة الأهالي في القضاء السوداني. ونفى بدر الدين في الوقت ذاته تسلم الأهالي لأية انذارات للإزالة وزاد درجت السلطات مفاجأة الأهالي العزل وترويعهم بقدومهم مدججين بالأسلحة.

واعترض النائب معتصم يوسف على الكيفية التي تمت بها إزالة الكمائن، وأكد أنها أثارت الرعب بين المواطنين وأوقعت إصابات لأبرياء منهم، وحمل الوزير حسن إسماعيل المسؤولية كاملة عما لحق من ضرر وترويع بالمواطنين، وقال: نحن لسنا ضد التخطيط والتنظيم ولكن ليس بهذه الطريقة.

كل ما تم في الجريف لم يتطرق له المنبر إلا من خلال ردودهم على أسئلة الإعلاميين وبدأ وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفسير مأمون حميدة مقللاً بخطورة استخدام القوة المفرطة وأعلن عدم اهتمامه بإستخدام القوة المفرطة لإزالة الكمائن أو عدم استخدامها وقال (لا يهمني قوة مفرطة أو لا فهذا كلام واضح هؤلاء حفنة من المواطنين يحرقون في (الزبالة والوسخ) لماذا لا يقال لهم هذا غلط، وأضاف (هناك خوف من المواطن وحتى الصحف لا تقول انه مخطئ وشغالين يلوموا في الحكومة فقط).

ومن جهته قال حسن إسماعيل رئيس المجلس الأعلى للبيئة في رده على سؤال الجريدة حول نتائج لجنة التحقيق التي شكلها المجلس التشريعي لولاية الخرطوم حول استخدام القوة المفرطة وتبرأه من استخدامها وتحججه بالسفر.
قال إن تركيبة المسألة المستعجلة كانت خطأ وأن نتائج التحقيق أثبتت عدم استخدام قوة مفرطة ولفت الى وجود انقسام بين المواطنين وقال إن هناك فئات قليلة تقف ضد إزالة الكمائن حددها فيما أسماهم بالملاك والمستأجرين والمتعدين على الأراضي.

فيما أكدت رئيس لجنة الصحة والبيئة بالمجلس التشريعي الزهو الصادق أحمد في ردها على سؤال الجريدة حول تقرير لجنة التحقيق الذي اتهمها نائب دائرة الجريف بالمجلس التشريعي معتصم الخليفة بالتباطؤ في عدم تمليكه نسخة منه أكدت الزهو أن مخرجات التحقيق لم يخرج عن الحيثيات التي ذكرها المسؤولون بجهاز حماية الأراضي والمجلس الأعلى للبيئة وتشير الى انه لم يكن هناك إفراط في القوة بأحداث الجريف السابقة.
وكان رئيس المجلس التشريعي صديق محمد علي الشيخ أكد أن استخدام القوة المفرطة مزعج وغير مقبول في مواجهة مدنيين، بقوله (حتى لو كانوا مخالفين يجب معاملتهم وفق القانون) وشدد على ضرورة تهيئة البيئة وإيجاد البدائل لأصحاب الكمائن تؤمن لهم أوضاع معيشية محترمة.

تبرير المعتمد:
وبرر معتمد شرق النيل عبدالله الجيلي مواجهة مواطنو الجريف بالقوة المفرطة بتسلمه لشكاوى متضررين من وجود الكمائن التي قال إنها تشكل عبء كبير على المحلية وأشار لتسليم أصحاب الكمائن انذارات من جهة وزارة الصحة بولاية الخرطوم ووزارة البيئة للاضرار الصحية والبيئة المترتبة على حياة المواطنين بتلك المنطقة، وأشار الى اجتماعه بالمعنيين من اصحاب الكمائن وأكد موافقة 80% ملاك الكمائن وتعهدهم بالتوقف عن العمل، ونبه الى أن الأراضي الواقعة بمحازاة النيل منحت لأصحابها لمزاولة النشاط الزراعي وليس لصناعة الطوب، وفي سؤال حول تنفيذ حملة مسلحة لإزالة الكمائن دون سابق إنذار قال الجيلي حددنا موعد مسبق لإزالة الكمائن وطالبنا أصحاب الكمائن بعدم تصنيع الطوب خوفاً من وقوع خسائر و20% منهم طالبوا بتوفير بدائل وخصصنا لهم مساحه بمنطقة الشيخ الأمين تقدر 83 فدان مطابقة للمواصفة وتم توفير الخدمات من مياه وكهرباء وغيرها فضلاً عن كونها مجازة بواسطة مركز الأبحاث بجامعة الخرطوم ومع ذلك استجابة الملاك كانت ضعيفة وتمسكوا بالكمائن، وشرعوا في ممارسة نشاطهم بالرغم من الانذارات والبلاغات المفتوحة في مواجهتهم وهدد بتطبيق القانون في مواجهة ما أسماهم بالمخالفين المقدر عددهم ب 200 وتوعد بإزالة كافة الكمائن استجابة لشكاوى المتضررين.

إقرار آخر:
من جهته أقر المدير العام للمجلس الأعلى للبيئة د. التجاني الأصم بانتشار الكوليرا وأعتبر الكمائن المتسبب الرئيس في انتشار المرض طبقاً لإحصائيات وزارة الصحة.

حماية الأراضي تتهم:
وأشار مسؤول بجهاز الأراضي الى وقوع ممارسات خطيرة بالكمائن، واستدرك أن ما يحدث مخل قانونياً، وشدد على ضرورة إقلاع أصحاب الكمائن عن صناعة الطوب لارتباطه بالممارسات السالبة وقال هناك ممارسات (لا تشبه ناسنا) ولا تقل خطورة عن مخاطر المخدرات.

الخرطوم: ندى رمضان – عازة أبوعوف
صحيفة الجريدة

Exit mobile version