قرار طرد (رونالدو) الدبلوماسية السودانية

البروفيسور غندور ليس كغيره من الشخصيات السياسية والمسؤولين الذين يحتاجون لشهادة من صحفي مثلي أو سياسي كي يضيء أو يكشف للرأي العام بحكم احتكاكه أو معرفته بالرجل عن جوانب ومعلومات لا يتمكن الشخص العادي من معرفتها عن غندور.. هو شخصية مهولة الحضور والتأثير مفتاحها الشفافية.. هو معلم يحفظ الجميع درسه دون حاجة لمراجعة الكتاب.
ولذلك ظللت خلال اليومين الماضيين أطالع ضمن ردود الفعل عن قرار إعفاء بروف غندور حالة تعاطف وانحياز ودفاع عن البروف من منصات الرأي العام الإلكتروني من عبارات وخواطر وشهادات صادقة معبرة، تمثل استفتاءً حقيقياً يعكس قدراً من التقدير العام والاحترام والحب لبروف غندور من أوساط سياسية وشعبية مختلفة قدمت لبروف من الحب ما يكفي لتنقية دم العالم بأسره.
الرجل مؤثر جداً.. مقنع.. قادر على تقديم نفسه بشكل مباشر لقلوب الناس دون وسائط إعلامية أو مقالات رأي تستقطب التعاطف معه.

وجدت نفسي قاصراً وقصيراً جداً عن تقديم أكثر مما يعرفه الناس عن غندور دون معرفة مباشرة لهم بالرجل بسبب تأثير هذا الغندور على المشهد السياسي الخارجي خلال الفترة الماضية.

ولو قلنا إن بروف غندور أخطأ التقدير في تصريحاته العاصفة تحت قبة البرلمان، وقبلنا استحقاق الملاحظة عليه، فإننا لم نكن نعرف عن الإنقاذ أنها تحاسب مسؤوليها عن أخطائهم الكبيرة والصغيرة بهذه السرعة.

(يا ما.. شفنا)، وسمعنا من المسؤولين كلاماً فارغاً وليست حقائق قيلت بشفافية أعلى من المطلوب كما فعل غندور، لكننا لم نسمع بإقالتهم وإعفائهم من مناصبهم بهذه الطريقة.

مسؤولون ليس آخرهم من أغلق هاتفه في وجه الرأي العام، أو وصف الصحافيين بقلة الأدب، مسؤولون قدمنا وقدمت الصحافة مستندات فساد مفترض أنها كانت كافية لأن (توديهم في ستين داهية)، لكن ذلك لم يحدث.
وشخصياً في عام 2010 نشرت مستندات خطيرة جداً حول تجاوزات في مال الزكاة تورطت فيها شخصيات كبيرة مع مسؤولين في ديوان الزكاة ولم نستقبل ردة فعل بمستوى وسرعة ردة الفعل التي تلقاها بروف غندور عن حديثه في البرلمان وشكواه من تأخير دفع رواتب الدبلوماسيين لعدة أشهر.

قد يكون بروف غندور اختار هذا الموقف للخروج، لكنه ليس هو بالمسؤول الفاشل الذي يمكننا أن نقول في حقه (يستاهل العقوبة)، بل كان من المفترض أن تشفع له نجاحاته الباهرة في ملف العلاقات الخارجية وتشكل له مناعة مكتسبة ضد التعرض للشطب الفوري بهذه الكيفية.

خسرت بلادنا جهود وقدرات شخص غير متكرر.. مسؤول من طراز فريد حقاً.. رجل لا يملك لا معارض ولا مؤيد غير أن يبذل له كل الاحترام.
لقد خسرتم وزيراً أسطورياً يفوق عدد أهدافه عدد المباريات التي يخوضها مثل ما يفعل (رونالدو)، هذه الأيام حين يحرز هدفاً يصفق له جمهور الفريق الخصم بنفس مستوى تصفيق جمهور فريقه داخل الملعب.
لقد خسرتم رونالدو الدبلوماسية السودانية.

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

جمال علي حسن

Exit mobile version