أصبحت الاوضاع الاقتصادية اكثر صعوبة و ازدادت تعقيداً وتشابكاً بدليل انها اسهمت في اقتلاع وزير الخارجية بروفيسور غندور من منصبه، جراء حديثه الواضح والشفاف في البرلمان عن توقف مرتبات الدبلوماسيين لـ7 اشهر متتالية بمبلغ تجاوز 30 مليون دولار.
ولا اريد ان اكرر ما ساقته الاقلام من تحليلات سياسية حول القرار في وسائل الاعلام المختلفة التي تناولت قرار الاقالة بتوسع وتحليل شامل من الناحية السياسية، واريد فقط اعادة قراء ة الاقالة من ذات النواحي الاقتصادية التي اصبح الجميع يعرف الى اين وصل بها الحال، وكذلك سياسات بنك السودان المركزي وتأخره عن سداد المستحقات ليس للدبلوماسيين فقط ولكنه عجز عن توفير المبالغ البسيطة في الصرافات الالية والبنوك بمبالغ بالجنيه السوداني، ناهيك عن الدولار وادخلنا في نفق مظلم ودوامة ما زلنا نجاهد للخروج منها دون فائدة تذكر .
بنك السودان خلال مسيرته في الاعوام الماضية لم يكن حجر عثرة امام عمل الدولة ولا منسوبيها من السفراء والوزراء والدبلوماسيين او حتى العمال والموظفين ابان تبعيته لوزارة المالية ويجري العمل بسهولة وسلاسة دون مشكلات تذكر مع كامل التنسيق مع الجهات المختصة الاخرى ذات العلاقة، ولكن دوام الحال من المحال فرياح التغيير عصفت بالبنك لتجري فيه الكثير من التعديلات في المحافظين على التوالي بدءاً من د. صابر محمد الحسن والزبيرمحمد وبدرالدين محمود وحازم عبد القادر وهذا الاخير شهدت الاوضاع المالية في عهده المزيد من التقاطعات وتشابك الملفات وتأخر المرتبات حتى للسفراء والدبلوماسيين الذين نالوا نصيبهم معنا في المعاناة ولم يشفع لهم انهم بدرجات وظيفية عليا واصبحوا مثلهم والعمال والموظفين في الداخل على حد سواء
*شُح السيولة ما زالت مظاهره واضحة في الشارع العام حتى كتابة هذه السطور فالصرافات الالية للبنوك خالية من النقود والبعض الاخر خارج نطاق الشبكة والمواطن ما زال يعاني من اجل الحصول على نقوده لقضاء احتياجاته مع العلم ان امس السبت تتوقف البنوك عن العمل طبقاً لاجازة السبت مما يجعل الوضع اكثر تأزماً.
*سياسات البنك المركزي وعدم الوفاء بالاموال المطلوبة لاستيراد المشتقات النفطية من الجازولين والبنزين وتعللت الوزارة بان المبالغ المرصودة للبواخر تأخر تسليمها لذا كانت الازمة التي خلفت تكدساً كبيراً في الطلمبات للعربات التي تقضي يومها في الصفوف من اجل التزود بالوقود، وهناك شُح وندرة في الجازولين والازدحام والصفوف خير شاهد على الازمة رغم انكارها من قبل وزارة النفط والغاز وما على المواطن الا الصبر وانتظار الفرج من عند مليك مقتدر .
*السياسات الاقتصادية في حاجة الى وقفة للتدقيق والمراجعة لاجراء الاصلاحات المطلوبة، ولابد من اعادة النظر خاصة في سياسات البنك المركزي التي خلقت مشكلات كبيرة على الصعيد السياسي والاقتصادي واقالة غندور لن تكون الاولى او الاخيرة اذا تحلى بقية الوزراء والمسؤولين بذات الشفافية والوضوح التي يملكها غندور ويكفي الرجل سيرته الطيبة منذ بداية عمله رئيساً لاتحاد عمال السودان وحتى وصوله الى منصب وزير الخارجية فمسيرته لا تحتاج شهادتنا او مدحنا ونقدر ان لرئاسة الجمهورية تقديراتها الخاصة في الاقالة والتعيين ولكن التصحيح واجب في المرحلة المقبلة لكثير من الاوضاع المائلة في اجهزة الدولة، فهناك وزراء فاشلون في ادارة مسؤولياتهم بوزاراتهم ومازالوا مصرين على البقاء رغم انف الجميع دون ادنى اعتراف بالفشل او العجز في المهام الموكلة اليهم.
* مشكلة السيولة والمشتقات النفطية كانت كافية من وجهة نظري لتقدم محافظ بنك السودان ووزير النفط والغاز بتقديم استقالتهما حفظاً لماء وجهيهما ولكن ادب الاستقالة عند الفشل ثقافة لا يجيدها وزراؤنا ولا يفقهون عنها شيئاً.
رحم الله وزير الصناعة الاسبق عبد الوهاب محمد عثمان .
بقلم :رشا التوم
صحيفة الانتباهه.