ما هو أسلوبك المفضل في كتابة خاتمة رسائل البريد الإلكتروني التي ترسلها للآخرين؟ وهل تنهي رسائلك بكلمات ودية، أم بطريقة رسمية، أم بحروف مختصرة لتؤكد على أنك شخص ذو أهمية، أو شخص مشغول جدا؟
عندما كانت الخطابات الورقية التقليدية هي الوسيلة الوحيدة للتواصل كتابةً، كانت عبارات التحية التي تكتب في نهاية تلك الخطابات لها صيغ ثابتة وواضحة.
فإذا كنت تخاطب شخصا ربما لا تعرفه، كان الأمر بسيطا في أن تختتم رسالتك باللغة الإنجليزية بعبارة مثل “Yours faithfully” (أو تفضلوا بقبول فائق الاحترام). وعندما كنت تكتب لشخص محدد تعرفه، كان يمكنك أن تنهي خطابك بعبارة مثل “Yours sincerely”.
أما الخطابات التي كنت ترسلها إلى أفراد عائلتك، أو أحد الأصدقاء المقربين إليك، فكانت تختتم بعبارة مثل “لك مني كل الحب”.
لكن بعد تطور وسائل الاتصال، وظهور البريد الإلكتروني، حدث تغير في هذه القواعد والتقاليد، وأصبحت تلك القواعد أقل وضوحا، بل ربما لم تعد هناك قواعد ثابتة في هذا الإطار. فقد ظهرت ثقافة مختلفة في طريقة إنهاء رسائل البريد الإلكتروني، تعتمد على طبيعة كل شخص وطريقته المفضلة.
فقد ظهرت في بريطانيا عبارة مثل “TTFN” (وهي حروف تختصر كلمات بالإنجليزية تعني “سلام الآن”)، وعبارة أخرى مثل “peace out” (سلام). ولذا، لم يعد الأمر يقتصر على ما نقوله، ولكن لماذا نقوله بهذه الطريقة أو تلك.
ويقول مايكل روزين، الكاتب ومؤلف كتب الأطفال: “لقد أصبحت رسائل البريد الإلكتروني وسيلة للعمل، ولقضاء وقت الفراغ، وللتواصل مع أفراد العائلة، ولتبادل مشاعرالحب، وكل شيء تقريبا”.
وحينما نكتب عبارات لإنهاء الرسائل الإلكترونية، فإننا نحاول أيضا عن نعبر عن مشاعرنا الحقيقية.
ويضيف روزين أن الأمر يتعلق بالطريقة التي نريد أن نتواصل بها مع متلقي الرسالة، وهل نريد أن نعبر له عن “شكرنا، أو امتاننا، أم عن انشغالنا الشديد”.
ويُعرف عن بعض أكثر رجال الأعمال نجاحا في العالم طريقتهم الحادة في التواصل عبر رسائل البريد الإلكتروني مع الآخرين، وربما لا يكترثون أبدا لإنهاء رسائلهم البريدية بأي عبارة ختامية.
وتقول المؤلفة إيما غانون: “هناك شيء غريب يرتبط بالمكانة أو الوضع الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بمدى حدتك في كتابة رسائل البريد الإلكتروني. فعندما تكون في منصب رفيع في شركتك، تميل في الغالب إلى أن تكون أكثر حدة في رسائلك”.
وتتذكر غانون كيف كان رئيس تحرير إحدى الصحف الشهيرة يرد على مقترحات الكُتاب الذين يرغبون في كتابة مقالات للصحيفة، وذلك باستخدام كلمتين فقط في ردوده، وهما “yep” (نعم)، أو “nope” (لا).
ورغم أن الرد الموجز يمكن أن يعبر عن سلطة معينة، أو مكانة خاصة، فإنه ينقل أيضا لمحة عن أهمية ذلك الشخص، أو يعطي انطباعا عن غروره وغطرسته.
وقد تعامل معظمنا مع رؤساء عمل يرسلون رسائل بريد إلكترونية مختصرة يكتبون فيها فقط “هل انتهى ذلك العمل؟” أو “أبلغني عن الجديد في هذا الأمر”.
ويرغب العديد من كُتاب رسائل البريد الإلكتروني في نقل شعور بانشغالهم، حتى لو لم يكونوا مباشرين في ذلك، من خلال استخدام حروف مختصرة بدلا من الكلمات.
فنجد مثلا أن بعض الناس يكتبون في نهاية رسائلهم بالإنجليزية “KR” بدلا من عبارة “kind regards” (مع أطيب التحيات).
وهناك أشخاص يصل بهم الأمر إلى عدم كتابة أي جمل ختامية، وينهون رسائلهم باستخدام أسمائهم فقط، أو حتى الحروف الأولية من أسمائهم.
وبعض الناس قد لا يستخدمون أي جمل ختامية أو حتى توقيع بأسمائهم على الإطلاق. ومع أن البعض قد يرون أن ذلك لا ينم عن احترام لمتلقي الرسالة، يقول البعض إنه حل أفضل من أن يُساء فهم العبارات الختامية أو طريقة توقيع الرسالة.
وفي المقابل، هناك بعض الأشخاص يذهبون إلى النقيض من ذلك، وينهون رسائلهم بعبارات ودية للغاية.
وفي حين يرى معظم الناس أن استخدام القُبل ليس له مكان في بيئة العمل، فإنها قد تتسلل إلى بعض الرسائل الإلكترونية من خلال استخدام كلمة “قبلة” في نهاية الرسالة.
وفي بعض الأحيان، يعتقد البعض أن استخدام حرف “x” (كاختصار يشير إلى كلمة kiss “قبلة”) في نهاية الرسائل، يعد شكلا من أشكال النهايات الودية للرسالة، بينما يعتقد آخرون أن استخدامها غير لائق تماما.
ومن الواضح أن بعض التعبيرات البريطانية المستخدمة في نهاية رسائل البريد الإلكتروني قد تساء ترجمتها في بعض الأحيان.
فكلمة “cheers” على سبيل المثال، والتي تستخدم كثيرا في نهاية رسائل البريد الإلكتروني غير الرسمية في بريطانيا، قد تسبب الحيرة لبعض أبناء الجنسيات الأخرى.
فهذه الكلمة من الشائع استخدامها عند قرع أكواب المشروبات ببعضها في الحانات، أو عند توجيه الشكر لعميل في متجر بعد إنهائه عملية الشراء.
لكن بالنسبة للكاتب روزين، تحتل رسائل البريد الإلكتروني الآن مكانة في منتصف الطريق بين الرسائل النصية القصيرة، وبين الخطابات التقليدية الطويلة.
ويقول روزين: “النقطة الأساسية هي أن رسائل البريد الإلكتروني ليست كالخطابات التقليدية، وأنا أعتبر تلك الرسائل الإلكترونية في منزلة وسط بين الرسائل النصية القصيرة، والخطابات الورقية. فهذه الرسائل رسمية إلى حد ما، لكنها ليست رسمية بشكل كامل، كما أننا لا يمكننا أن نعتبرها غير رسمية…”.
ويضيف روزين أن موقع رسائل البريد الإلكتروني كوسيلة للتواصل في هذا الإطار، سيجعلها تستمر في أن تكون لها نهايات عديدة ومختلفة، عندما نريد أن نقول “مع السلامة”.
هذه المقال مبني على حلقة إذاعية بثت عبر موجات راديو بي بي سي 4 باللغة الإنجليزية، أعدتها سالي هيفين، وقدمها كل من مايكل روزين، ودكتور لورا رايت.
BBC