لم تشهد وسائل الإعلام الداخلية والدولية ردود أفعال على إقالة وزير (سوداني) خلال الثلاثين سنة الماضية، كما شهدت خلال الـ(24) ساعة الماضية، تأثراً بقرار إعفاء وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم أحمد غندور”، وهذا لعمري شرف له، وشهادة تقدير بتوقيع الملايين من العامة والخبراء، واستفتاء شعبي حقيقي وطبيعي على مكانته الرفيعة في قلوب السودانيين، سواء كانوا موالين للحكومة أو معارضين لها.
“غندور”.. لم يكن وزيراً اعتيادياً، ولم يكن سياسياً ودبلوماسياً كبقية خلق الله من الساسة والتكنوقراط في بلادنا، بل كان رجلاً مختلفاً في كل شيء، في علمه وثقافته الموسوعية، وليس مستغرباً فقد شغل قبل الوزارة مقعد مدير جامعة الخرطوم، أعرق جامعات السودان، ثم هو مختلف في أدبه الجم وتهذيبه الرفيع، وقدرته الاستثنائية على التعاطي مع مختلف الشخصيات والجهات بقدر عال من الحصافة واللباقة والدبلوماسية التي تجري في دمه مجرى الدم.
هو بلاشك من أعظم وزراء الخارجية الذين عرفتهم وزارات الدبلوماسية في جميع الدول العربية والأفريقية، وهذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي معلقين ومقدمي برامج في إذاعات وفضائيات دولية علقوا أمس على قرار إقالته بدهشة وأسف!!
إن الامتحان العسير الآن أمام قيادة الدولة والمؤتمر الوطني في إيجاد البديل المناسب الذي يمكنه أن يملأ هذا الفراغ العريض الذي خلفه غياب البروف “غندور” عن وزارة الخارجية.
وهو مقعد ساخن لا ينجح فيه وزير قادم من صف السفراء التكنوقراط بروتينيتهم وبيروقراطيتهم المعروفة، إذ لابد أن يكون وزيراً دبلوماسياً بالقدرات، وسياسياً بالممارسة، صاحب شخصية إدارية قوية، وثقافة عالية وقدرة على التعبير.
هل يوجد الكثير ممن تتوفر فيهم هذه الصفات في حزب المؤتمر الوطني؟!
لا أظن.
يكفيك سيدي البروف “غندور” هذا الاستفتاء الشعبي العظيم الذي قال لك: (نعم أغلبية ساحقة.. بنسبة 99.99 %)، وهذا القبول الواسع الذي نادراً ما يتوفر لسياسي في بلادنا، يحق للمؤتمر الوطني أن يفاخر به ويستثمر فيه، لا أن يقصي صاحبه!
سبت أخضر.
الهندي عزالدين
المجهر