** رغم وضوح عزفها في العراق ، إلا أن آذانا سودانية هنا لم تسترق السمع بعد إلي تلك الألحان ، وكذلك عقولا هنا لم تستوعب معاني كلمات تلك الأغاني الغربية ، الحرية والعدالة والديمقراطية ..وهذه دعوة للإستماع والاستيعاب ، قبل أن تبدأ دول الغرب عزفها ثم تعلن : إنتهى الحفل يا أهل السودان ، فاستمتعوا بألحاننا ..يجب الإنتباه قبل فوات الأوان ، أي قبل أن نفقد وطنا فى خضم حفل غربي صاخب بألحانه تلك .. للأسف ، الآذان التى لم تستمع وكذلك العقول التي لم تستوعب ، ليست كلها في أعداء الحكومة وخصومها ، بل بعضها في بعض هم أقرب إلي الحكومة من حبل وريدها ، وهم المسمى ب ( الصديق الجاهل ) ..هذا الصديق الجاهل أو هؤلاء الأصدقاء الجهلاء يجب أن يكبوا فى محرقة العراق ، حتى يستوعبوا الدرس و ( يعقلوا ) ..!!
** أفهم أن يحرض معارض للحكومة أوعدوا لدود للرئيس البشير والوزير هارون ما يسمى بالمجتمع الدولي ومجلس أمنه إلي تنفيذ قرار لاهاي بأية وسيلة ، حتى ولو بغزو السودان ، أفهم أن يصدر قول كهذا من مناضل غير شريف ، فهو بالتأكيد لم يعد لديه مايخسره ، فليحترق الوطن ويتمزق شعبه ، فهذا وذاك ليس بأغلى من مبادئ النضال الشريف التى أحترقت وتمزقت في دواخله ، أو هكذا لسان حاله..جاهل بحيث يظن أن قتل الجنين وأمه هو أنجح وأفضل عملية طبية لإزالة ما ترآى له ورما .. نعم ، نجد العذر لهذا النوع الجاهل الذي يظن بأن غزو السودان عسكريا أوحصار شعبه إقتصاديا سوف يأتي به حاكما .. ولكن ما لا أفهمه ولا أجد له العذر هو أن بعضا يرتدى ثوب الحكومة مظهرا ، بيد أن جوهر تفكيره لا تختلف غايته عن غاية ذاك المعارض الجهلول ، وهنا مكمن الكارثة و( أس البلاء ) ..هل تريد نموذجا أو نماذج لهذا النوع الموالي بجهالة ..؟.. حسنا .. تابع ..!!
** الكل يعلم ، حتى صغار رياض الأطفال ، بأن قضية البلد منذ الرابع من مارس لم تعد مع المدعى العام لمحكمة لاهاى ، فالمدعي أدى دوره وغادر مسرح الحدث تاركا بقية الأدوار للمحكمة وقضاتها ومجلس الأمن ..وبما أن المحكمة لاتملك أية آلية لتنفيذ قرارها إلا اللجوء إلي مجلس الأمن وآلياته ، تصبح قضية البلد السياسية المرتقبة مع دول مجلس الأمن ..أي هى معركة سياسية تبدأ في يوليو القادم – موعد تقديم المدعي العام لتقريره نصف السنوي – وتتواصل إلي حيث تنتهي ب : إلغاء القرار أوالمواجهة .. ولا نرى فى الأفق إحتمالا ثالثا ..هكذا الواقع ، علما بأن الحكومة أعلنت رفضها لتجميد القرار لمدة عام بعد أن لوحت به دول فى مجلس الأمن ، رفضته لعلمها بأن قبول مقترح تجميد القرار يعد بمثابة قبول القرار ..فالتجميد مصيدة ، والحكومة تعلم ذلك ، ولذا لم يعد يصلح بأن يعد إحتمالا ثالثا ..وإحتمال إلغاء القرار – بأى غطاء قانونى أوسياسي – وارد جدا ، بل حضور هذا الإحتمال أقوى وأوضح من إحتمال المواجهة .. فالمواجهة لن تصيب الخرطوم بالعطس وترحل ، بل عواصم عربية وأخرى إفريقيا ستصاب بالزكام المزمن ، والمصالح الدولية تعلم ذلك ..!!
** المهم : المعركة المرتقبة سياسية ..وعليه ، يجب إيقاف مظاهر التهريج التى من شاكلة إهدار دم أوكامبو وغيره من غرائب الأقوال والأفعال التى لايحتملها المناخ السياسي الراهن .. نعم كفى تهريجا يا كل مهرج ، وسعيك مشكور، وقم إلى عملك الخاص أوالعام ، وأنتج فيه ماينفع الناس ، وهكذا تكون قد خدمت البلد .. وذلك حتى تتفرغ الدبلوماسية السودانية لأداء دورها بهدوء وحكمة حاسمة ..أي ، لا داع لتعكير الملعب السياسي بأقوال أوأفعال لاتخدم القضية ، بل قد تضرها .. فالمرحلة القادمة لمن يستأنس في نفسه الكفاءة السياسية ..( قولا وفعلا ).. !!
إليكم – الصحافة الاربعاء 11/03/2009 .العدد 5640 [/ALIGN]