التقت وكالة الأناضول فهد محيي الدين، الذي كان الطبيب الوحيد المتخصص بجراحة الأعصاب في غوطة دمشق الشرقية إبان حصارها من قبل النظام السوري وداعميه، واضطر مؤخرا إلى مغادرتها مع بقية المهجرين.
وسرد محيي الدين، للأناضول، الظروف المأساوية التي عاشها مع أهالي الغوطة الشرقية بسبب الحصار وانعدام أبسط مقومات الحياة، خاصة بعد تضييق النظام حصاره على المنطقة بشكل أكبر خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
وقال محيي الدين إنه كان طبيب الأعصاب الوحيد في الغوطة الشرقية منذ عام 2012، وإن مهمته ازدادت صعوبة خلال الفترة الأخيرة بسبب شدة القصف والركام وإغلاق الطرقات الواصلة بين المناطق السكنية.
وأضاف: “هناك الكثير من الحالات لا تفارق مخيلتي، منها أنني في بداية شهر آذار / مارس الماضي، عندما أتتني رسالة عن حدوث نزف فوق الجافية نتيجة إصابة شاب، وقتها لم يتمكن الدفاع المدني والإسعاف من إيصاله إلى حمورية من شدة القصف”.
وتابع الطبيب السوري: “بعد عدة محاولات في صباح اليوم التالي تمكن الدفاع المدني من نقل الشاب إلى مكان العمل الجراحي بمشفى القدس، وكان المريض قد دخل مرحلة الموت الدماغي”.
وأوضح أنه في مثل هذه الحالات كان يمكن إنقاذ حياة الشاب ليعود إلى أهله وأولاده بعملية جراحية بسيطة، ولكن عدم وجود إمكانية لتقديم هذا العون الطبي في الوقت المناسب، أدى إلى دخول المريض مرحلة موت دماغي ومن ثم وفاته.
ولفت محيي الدين إلى أن هناك حالة خاصة لا تفارق ذاكرته، تتمثل في إصابة طفل يدعى “معتصم”، نجا لوحده من بين 3 إخوة له من شدة القصف، حيث كانت لديه إصابة واسعة في الناحية القفوية المسؤولة عن الرؤية.
وأكد أن النزف المستبطن لدماغ الطفل (عام ونصف) أدى إلى تخريب القشر المسؤول عن الرؤية، وبالتالي أصبح لديه عمى دائم وكامل، بسبب عدم توافر التقنيات اللازمة للتعامل مع هكذا حالات، معربا عن أسفه حيال ذلك.
وتطرق محيي الدين إلى قصة الرضيع “كريم” (40 يوما) الذي فقد عينه اليسرى وأصيب بكسر في جمجمته وفقد والدته جراء قصف النظام السوري على بلدة حمورية في الغوطة الشرقية.
وقال الطبيب السوري إن كريم كان برفقة والدته التي استشهدت مباشرة بقذيفة من الطيران الروسي، فيما أصيب الطفل بجرح بالغ جدا يشمل معظم الوجه من الجهة اليسرى، مع ضياع واسع بالعظم الجبهي الأيسر وخروج قسم كبير من المادة الدماغية خارج الدماغ.
وأوضح أنه قام مع فريقه بإدخال كريم إلى غرفة العمليات وتم فيها تعويض النزف وإلقاء الأوعية النازفة وإجراء العمليات الترميمية للسحايا، حيث استغرق الأمر حوالي 4 ساعات.
الرضيع كريم الذي نشرت الأناضول حكايته وصوره، لاقى تفاعلا كبيرا في وسائل التواصل الاجتماعي بعد حملة أطلقها ناشطون للتضامن معه.
وانتشرت الحملة لتشمل شخصيات كبيرة مسؤولة، ومنظمات إنسانية ووسائل إعلامية حول العالم، ليتحول كريم إلى رمز لمعاناة غوطة دمشق الشرقية.
الاناضول