وصول سبع بواخر محملة بالمواد البترولية من البنزين والجازولين لميناء بورتسودان في طريقها إلى ولاية الخرطوم وبقية الولايات، هو الحدث الأبرز لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، إبان اجتماعها أمس للتنسيق بينها والنفط والكهرباء وبنك السودان لوضع حلول حتى لا تتكرر الأزمة مرة أخرى.
ويبدو أن وزارة المالية حريصة كل الحرص هذه المرة على التنسيق مع بنك السودان لضمان السيولة الكافية لاستجلاب المشتقات النفطية متى ما توفر لها ذلك، كما أن الكهرباء في محطاتها الحرارية أيضا في حاجة إلى وقود لتشغيلها، ولكن وزارة النفط التي لوحت قبل أسبوعين حين اشتداد الأزمة بأنها بصدد معاقبة الشركات لدرجة سحب الترخيص بسبب التلاعب في الحصص، تعتقد أنها زادت من الحصة المقررة للخرطوم من 2700 طن إلى اكثر من 4 آلاف طن وقود، إلا أن الأزمة في الواقع هزمت تلك الزيادة.
وعلى الرغم من أن وزارة المالية نفسها ترى في الأزمة عدم وجود أوعية تخزينية للوقود إلا أن حديث الوزير ضرار للصحفيين في البرلمان لم يحرك الجهات المختصة بالبحث عن أوعية لتخزين الوقود في أوقات صيانة المصفاة التي تبدأ فى مارس من كل عام وتستمر ثلاثة أشهر . ولكن الوزير أشار إلى أن الأزمة سوف تستمر إلى نهاية أبريل الجاري، فسرها المراقبون بأن المقصود هو صيانة المصفاة، الأمر الذي جعل وزارة النفط والغاز تسرع في إكمال وصول البواخر المحملة بالوقود إلى السودان وهو ما أكده اجتماع التنسيق أمس.
ولكن ذلك الاجتماع الذي التأم أمس بين المالية والمركزي ووزارتي النفط والكهرباء أيضا شدّد على عقوبات رادعة وزيادة في الغرامات لمحطات الوقود ربما تصل إلى سحب الرخصة منها إلا أن بعض المتابعين يرون أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى إغلاق المحطات وتوقف عملها. ولكن القضية تبدو أنها أكبر من ذلك، ففي حالة وفرة الوقود تعمل المحطات بكل كفاءة لا تحتاج إلى تشديد عقوبات أو سحب الرخص، ولكن البحث عن الأوعية التخزينية يبدو أنه الحل المناسب. الحديث عن زيادة المحروقات ينفيه الوزير ضرار بقوله: لا توجد زيادة في أسعار المحروقات، ولكنه يرى أن الحكومة سوف تستمر في بناء مخزون من المواد البترولية من البنزين والجازولين وموقف الصيانة في مصفاة الخرطوم، إضافة إلى موقف الصيانة في محطات الكهرباء والإمداد فيها. وقال د. ضرار إن المواد البترولية متوفرة الآن بكل محطات الوقود بالخرطوم والولايات مشيراً إلى انسياب الخدمة بكل محطات الوقود وانفراج الموقف وانعدام الصفوف في محطات الخدمة، وشدد د. ضرار على تنفيذ زيادة الغرامات والوصول الى مرحلة سحب الرخصة من المحطات التي تتلاعب في تهريب الوقود بجانب تكثيف المراجعة على الشركات العاملة في التوزيع.
واشتدت أزمة الوقود خلال الأسبوعين الماضيين شهد فيها السودان ندرة أرجعها كثيرون إلى مشاكل في نقل الوقود من الميناء وتوزيعه في مختلف الولايات ما يحول دون وصوله إلى المستهلك فى المواعيد المحددة.
اشتداد الأزمة أوجدت سوقاً سوداء وصل فيها لتر البنزين إلى 80 جنيهاً مقارنة بالسعر الرسمي 6.1 جنيه، فيما بلغ سعر الجازولين 50 جنيهاً مقابل 4.1 جنيه.
هذه الأزمة التي لم يشهد لها الواقع مثيلاً من قبل جعلت بعض المراقبين يطالبون برفع تكلفة النقل من الميناء إلى الولايات حتى لا تتوقف الناقلات، ولكن مسؤولي وزارة المالية طالبوا بتسهيل حركة ناقلات المواد البترولية لضمان سرعة الوصول إلى مناطق الاستهلاك خاصة وأن هنالك رسوماً تُفرض على الناقلات في الطرق القومية.
وتسببت الأزمة في إغلاق عدد كبير من المحطات أبوابها أمام الجمهور لعدم توفر مواد بترولية، فيما تكدست عشرات العربات أمام محطات وقود أخرى أملاً في الحصول على لتر بنزين. وتبادلت الحكومة وأصحاب محطات الوقود إبان الأزمة اتهامات بسبب النقص في الوقود. وتزامنت الأزمة مع دخول مصفاة الجيلي في صيانة دورية منذ مارس المنصرم فيما سعت شركات التوزيع للحصول على حصصها من ميناء بورتسودان ما تسبب في تأخر ونقص الإمدادات وفق حديث أصحاب محطات للوقود بالخرطوم.
وقال وزير النفط والغاز عبد الرحمن عثمان إن هناك حاجة إلى آلية للرقابة، مضيفًا أن الوزارة وفرت نحو 4 آلاف طن من الوقود (بنزين وجازولين) وزادت نسبة المخصص للولايات بحوالي 40 % وأوضح أن المواد البترولية متوفرة، إلا أن هناك تلاعباً في الحصص من بعض الوكلاء والشركات”، معتبرا أن توقف مصفاة النفط لم يؤثر على الحصص. وتستهلك الخرطوم نحو 2700 طن من الجازولين يومياً، وفق بيانات وزارة النفط.
وكانت الحكومة قد قررت العام الماضي 2017 الخروج من تجارة المواد البترولية في إطار تحرير استيراد وتجارة هذه السلعة بدعوى خلق منافسة عادلة تحقق الوفرة وبأسعار معقولة في الأسواق.
ووجهت رئاسة الجمهورية آنذاك، بوضع الضوابط والإجراءات اللازمة لتفادي أي سلبيات قد تحدث نتيجة تطبيق خروج الحكومة من تجارة النفط خاصة أن دور الوزارة بات ينحصر في وضع الإجراءات والسياسات والضوابط.
وأعدت وزارة النفط مؤخراً دراسة عن حجم استهلاك السودان من المواد البترولية مقدرة إياه بنحو 5.8 ملايين طن سنوياً، تصل نسبة الكميات المستوردة منها إلى نحو 29%. وتعمل مصفاة الجيلى بطاقة تكريرية قدرها 90 ألف برميل يومياً.
ومع استمرار نقص المعروض من المنتجات البترولية تزايدت تكهنات بإقدام الحكومة على زيادة الأسعار وهو ما نفاه عبد الرحمن ضرار وزير الدولة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وقال ضرار في تصريحات صحافية إن الأزمة ترجع إلى عدم وجود مخزون يكفي حاجة البلاد ويستخدم خلال فترة الصيانة متوقعاً انقضاء الأزمة بنهاية إبريل الجاري.
صحيفة الصيحة.