* ما الفائدة من قصص اعتقال فلان، أو رفد علان، وأخبار التهديد بملاحقة القطط السمان التى تنضح بها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى كل يوم، إذا لم يحدث كل ذلك أمام سمع وبصر الجميع، ويُحَاسب الفاسدون المفسدون وفق القانون، وما تقتضيه مبادئ العدالة، ويجد كل منهم المصير الذى يستحق؟!
* لقد قلت من قبل، وأعيد القول، والتكرار يُعلِّم (الشطار) ــ أو يُعِّلم (الحمار) كما يقول البعض ــ ان الاعتقال بالطريقة التى تتناقلها الاخبار أمر يدعو للسخرية والرثاء، ويقدح فى مصداقية الحكومة فى مكافحة الفساد (إن كان قد بقى لها مصداقية)، فما الذى يجعلنا نصدق أن هنالك اعتقالات، وأن هنالك تحقيق، وأن هنالك إجراءات قانونية تٌتخذ إذا كان كل ذلك يحدث بسرية مطلقة، خارج الأطر القانونية المعروفة، ولا يعرف الناس شيئا عنها الا من التسريبات الموجزة التى يطلعون عليها فى الصحف او وسائل التواصل الاجتماعى، وهل هنالك فساد يكافح بالتسريبات والقصص والحكاوى وأحاديث القهاوى ؟!
* لماذا لا يحدث كل ذلك تحت اشراف ديوان النائب العام، وبمحاضر رسمية، ويجرى كل شئ فى الضوء .. بل إن ما يضحك ويثير الشك أن النائب العام نفسه قد يكون غائبا ومغيبا عن ما يحدث، دعكم من أن يكون مشرفا على كل شئ ، أو ملما بشئ !
* وأين الشرطة أو (الأداة الرسمية التنفيذية) الموكل إليها حسب القانون القيام بإجراءات الضبط والاحضار والتحرى المبدئى تحت اشراف النائب العام، فى التهم ذات الصفة الجنائية المنصوص عليها فى القانون الجنائى والقوانين ذات الصلة، أم أنها مختصة فقط فى قضايا المساكين والبسطاء وعامة الشعب، ومطاردة الفتيات والنساء فى الحفلات والشوارع وستات الشاى واولاد الدرداقات، ولا شأن لها بحكاية القطط السمان و(بعاعيت الفساد) الذين نسمع عنهم ولا نراهم، أم أن هذه الحكاية ليست سوى أحجية مثل التى ترويها الحبوبات للاطفال قبل النوم ؟!
* أين جهات الاختصاص الأخرى من كل ذلك .. أين الهيئة التشريعية الاتحادية، وأين المجالس التشريعية فى كل ولايات السودان، التى تُنفَق عليها الأموال الضخمة من عرق ودم الشعب، ولا تفعل شيئا سوى التصفيق والتهليل للحكومة، والجرى وراء الامتيازات والسفريات والسيارات الفارهة وقطع الاراضى، ثم النوم تحت تأثير نسيم الإسبليت العليل !!
* ثم أين الجهات الرقابية الرسمية .. أين ديوان المراجع العام الذى يأتينا كل عام بتقرير يحمل أقل القليل من انتهاكات المال العام لذر الرماد فى العيون، وحجب الرؤية عن الفساد الحكومى الكثيف الذى اعترفت به الحكومة مؤخرا عندما ضاق بها الحال ولم تجد ما تنفقه على ملذاتها ؟!
* أين المؤسسية وأين المؤسسات .. أين الوكلاء والمدراء الذين تقع عليهم تبعة مراقبة أداء مرؤوسيهم ومحاسبة المقصرين والمهملين وتقديم الفاسدين للعدالة، أين الوزراء الذين تقع عليهم تبعة مراقبة ومحاسبة الوكلاء والمدراء، أين رئيس الحكومة الذى تقع عليه تبعة مراقبة ومحاسبة الوزراء، أين الرئيس الذى تقع عليه تبعة مراقبة ومحاسبة رئيس الحكومة، واين البرلمان الذى تقع عليه مراقبة ومحاسبة كل هؤلاء .. أم أننا يجب ان ننتظر الرئيس ليراقب ويحاسب كل هؤلاء … ولا ندرى من يراقب ويحاسب الرئيس ؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة