ماذا تعني التعديلات العديدة التي طرأت على قيادة البنك المركزي؟
* سؤال موضوعي، يطرح نفسه بقوة، بعد أن تلاحقت القرارات المتعلقة بالبنك المركزي، وبدأت بإعفاء بدر الدين قرشي من منصب نائب المحافظ، وتعيين مساعد محمد أحمد في مكانه، واستمرت بإعفاء مساعدي المحافظ الأربعة، وإلغاء مناصبهم، بخطوات تنظيم جادة، تستهدف إعادة هيكلة المؤسسة التي شهدت أسوأ أنواع الفوضى والفشل والعشوائية خلال السنوات الأخيرة.
* فشل ذريع، وضحت آثاره في انهيار سعر الجنيه في مواجهة العملات الأجنبية بنهجٍ غير مسبوق، وفِي التخبط المريع الذي أديرت به أهم مؤسسة اقتصادية وطنية، بدرجة استدعت تدخل قيادة الدولة لإصلاح حالها بقرارات حازمة.
* اتضحت آثار العشوائية في إصدار قرارات مؤثرة بلا دراسة ولا تبصر، وإلغائها قبل أن يجف حبرها، ولا أدل على ذلك من وقف الاستيراد من دون تحويل القيمة، ثم التراجع عن القرار، وإعادته من جديد خلال أقل من عام.
* كذلك فرض البنك المركزي على شركات خاصة تعمل في مجال الصادر أن تتخلى عن عشرة في المائة من حصائلها لصالح شركات أخرى خاصة، تعمل في مجال استيراد الدواء، وكانت الطامة الكبرى في تسرب تلك الأموال الطائلة للسوق السوداء، وسط غفلة البنك المركزي الذي حاول التنصل من مسؤوليته عن تلك الأموال بالحديث عن أنها كانت في عهدة مصارف تجارية، أساءت استخدامها، وسمحت بتسربها إلى تجار الدولار.
* بعدها اتخذ بنك السودان قراراً كارثياً، قضى بإلزام شركات الصادر بتوريد ربع حصائلها له بالسعر الرسمي، لترتفع عقيرة المصدرين بالشكوى، ويضطر بنك الغفلة والتخبط إلى إلغاء القرار قبل أن يجف حبره.
* أما القرار الذي صدر مؤخراً، وقضى بالسماح للبنوك بتمويل شراء العقارات للمغتربين، فقد أثار موجة غير مسبوقة من السخرية، لأنه حوى ضوابط خيالية، وشروطاً مجحفة، لم تحظَ بأي ترحيب من المعنيين بالقرار.
* اتضحت ثالثة الأثافي في تفشي الفساد داخل المصارف التجارية، وتمدد ظواهر الاحتيال والغش والسرقة لأموالها، على مشهد ومرأى من الإدارة العامة للرقابة المصرفية بالبنك المركزي، التي مارست أسوأ أنواع الغفلة والتفريط، حتى استبيحت أموال البنوك، وسُرقت في وضح النهار.
* ترليونات الجنيهات منحت كتمويل لأفراد وشركات خاصة بلا ضمانات كافية، ومن دون ضمانات أحياناً، بخلاف غض الطرف عن متابعة مدى التزام المصدرين بتوريد حصائل الصادر بانتظام.
* عندما تكاثرت الانتقادات، وتعالت الأصوات المنتقدة لأداء البنك المركزي، بادرت قيادته بإصدار قائمة طويلة تحوي أسماء شركات ومؤسسات رفضت توريد حصائل الصادر، بالإضافة إلى قائمة أخرى لا تقل عن الأولى طولاً، وحوت أسماء أفراد ينشطون في تجارة العملة في السوق السوداء.
* حينها تساءلنا عن المسببات التي جعلت البنك المركزي يتجاهل متابعة أولئك المتجاوزين، ولِم لم يرصدهم ويوقفهم أولاً بأول؟
* سياسة (نفض) البنك المركزي ينبغي أن تستمر، ونحن نستغرب بقاء المحافظ حازم عبد القادر في موقعه، برغم أكوام الفشل التي تراكمت في عهده، وأطنان الفوضى التي تشعبت وتمددت لتصيب الاقتصاد في مقتل، وتقود العملة الوطنية إلى الحضيض.
* لم نرَ لحازم حزماً ولا عزماً في مواجهة الفساد الذي تمدد داخل البنوك، ولم نشهد له أي اجتهاد لإصلاح حال بنك السودان.
* إعادة ترتيب أوراق البنك المركزي يجب أن تستمر بإلحاق المحافظ الفاشل بنائبه ومساعديه.
بقلم
مزمل ابو القاسم
رئيس تحرير صحيفة اليوم التالي