* الذين انتقدوا عودة الداعشيات واستقبالهن بالزغاريد فى مطار الخرطوم وكأنهن أسيرات تم الافراج عنهن، أو صغيرات تم التغرير بهن، على حق، فلقد إرتكبن جرائم فادحة يعاقب عليها القانون أشد العقوبات (على الأقل جريمة الانضمام الى تنظيم داعش الارهابى)، وكان من المفترض أن يُحتجزن فور وصولهن وفق القانون، ويخضعن لتحقيقات تكشف عن ما ارتكبنه من جرائم والشبكة التى جندتهن، والتعرف على آرائهن وأفكارهن، وتقديمهن للعدالة لتقتص منهن إن كن مجرمات، أو تبرئهن إن كن بريئات!
* يعلم الجميع أن الارهاب من أخطر الجرائم، لأنه يثير الفوضى والخراب فى المجتمع، ويعصف بالأمن، ويشن الحرب على الجميع، ويقتل الأبرياء بلا جريرة أو ذنب، ويسيل الدماء ويثير الفتن، وينشر الخوف والرعب والرذيلة، ويستحل كل شئ، فكيف يُعامل من يرتكب هذه الجرائم البشعة بكل هذا العطف واللين والرقة، بل ويستقبل بالهتافات والزغاريد، وتُفتح له الصحف للحديث عن تجربته، فتجعل منه بطلا فى نظر الناس، وكأنها تحرض لآخرين على سلوك مسلكه، وارتكاب ما ارتكبه من جرائم، ليجد التهليل والتصفيق والزغاريد من الجميع!!
* والغريب أن اجهزة الدولة وعلى رأسها الأجهزة الأمنية تقف على رأس المستقبلين والمزغردين، وتحتضن بكل عطف وحنان الداعشيات، بدلا عن إتخاذ الإجراءات القانونية ضدهن، بينما تعتقل الابرياء الذين لم يرتكبوا أى جريرة أو ذنب، بالشهور فى أماكن مجهولة، ولا تسمح لأحد بزيارتهم، أو حتى السماح لهم بالعلاج وتناول الدواء وفيهم المرضى وكبار السن.. !!
* أى منطق وأى عدل وأى قانون يسجن الابرياء بدون ذنب، أو لمجرد إبداء الرأى، ويترك المجرم الذى انتمى لتنظيم ارهابى أثار الخراب والدمار فى معظم أنحاء العالم ، وقَتل الأبرياء وأسال الدماء، وانتهك الحرمات، واغتصب النساء والفتيات والأطفال، حرا طليقا يفعل ما يشاء، بل ويستقبله بالأحضان والزغاريد، ولم يبق إلا أن تفتح له أبواب كبار الشخصيات والقادة والرؤساء !!
* أتفق مع حديث الروائى المعروف (حمور زيادة)، بأن الانتماء لداعش ليس خطأً صغيرا يتراجع الشخص عنه، فيربت الناس على كتفه، ويستقبلونه بالزغاريد، وكان على الدولة أن تتحفظ عليه (على الأقل) وتحاول أن تستخرج منه معلومات أمنية تساعدها فى التعامل مع ملف الإرهاب الشائك، بغرض حماية المجتمع والدولة من خطر الارهاب، ومن الذين يروجون له، ويجندون الشباب لمفارقة دينهم واسرهم ودولهم ويتحولون الى مجرمين ارهابيين يثيرون الفتن ويسفكون الدماء وينشرون الرعب والفوضى ويعصفون بالأمن والسلام!!
* كما أن للحكومة اتفاقيات أمنية مع العديد من الدول فى مجال مكافحة الإرهاب تفرض عليها التعامل بطريقة محددة مع الارهاب والارهابيين لتحقيق الامن والسلام العالميين، فكيف تتخلى الحكومة عن واجباتها الوطنية والدولية بترك إرهابيين بدون تحقيق أو حتى إستجواب، بل تستقبلهم بالزغاريد مع المستقبلين، وتجعل منهم فى نظر البعض أبطالا صناديد وقدوة يحتذى بها؟!
* صحيح أن عددا من الذين انضموا لداعش، ضحايا غرر بهم أو بهن، ولكن ليس معنى ذلك، أن يتركوا هكذا بلا استجواب أو تحقيق، أو بلا تأهيل نفسى (على الأقل) بغرض إزالة اى رواسب ومفاهيم خاطئة من افكارهم، ومحاولة محو التجارب المؤلمة من نفوسهم، وإعادة التوزان إليهم فيسهل إندماجهم فى المجتمع من جديد، ويصبحوا نافعين له ولاسرهم ولانفسهم، بدلا من البقاء بنفس الأفكار والتجارب التى قادتهم لممارسة الارهاب والقتل وسفك الدماء وترويع الآمنين، وتهديد السلام !!
* لا أحُرِّض على الانتقام، أو أخذ القادمات بالشبهات، أو معاملتهن بقسوة .. لكن لا يصح إلا الصحيح، وعلى القانون أن يأخذ مجراه بعيدا عن العواطف والدموع والزغاريد !!
* ويبقى سؤال: ما هى دلالات الاستقبال الحافل للداعشيات، وما هى المآلات التى تنتظرهن؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة