سد النهضة كشرط .. مجلس الأطلنطي .. سدود أمريكية أمام الإزالة من قائمة الإرهاب

تسلمت الحكومة السودانية من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قائمة توصيات جديدة -غير رسمية- بهدف رفع اسمه من قوائم الدول الراعية للإرهاب والتي تقبع فيها الخرطوم منذ العام 1993.

وأعدت القائمة مجموعة عمل السودان بـ “المجلس الأطلنطي” للتفاوض عليها في جولة ثانية عقب أولى انتهت برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997.

ولا تختلف التوصيات الجديدة عن توصيات الجولة السابقة التي انهت العقوبات الاقتصادية على السودان، إذ تضمنت ملف حقوق الإنسان وإنهاء الحرب، وتحقيق التحول الديمقراطي والحريات، وكان الملمح الجديد في الجولة هو ظهور ملف سد النهضة الأثيوبي ضمن أجندة المفاوضات ما شكل علامة استفهام كبيرة انتهت بإحداث ربكة وسط المراقبين عن سر ظهور الولايات المتحدة في هذا الملف.

لاعب رئيسي

قال الخبير في القانون الدولي د. أحمد المفتي لـ (الصيحة) إن الجديد في هذه التوصيات هو إدخال مناقشة قضية سد النهضة وهي المرة الإولى التي يدخل فيها الأمريكان علانية في هذا الملف ووضعه ضمن أجندات النقاش المتعلق برفع اسم السودان من قائمة الأرهاب. أما بقية التصويات فقد كانت ضمن أجندة الجولة الأولى من الحوار السوداني الأمريكي .

وأشار د. المفتي إلى أن مجلس الاطلنطي هو الذي وضع مشروع قرار حقوق الإنسان الخاص بالسودان في اجتماع مجلس حقوق الإنسان الأخير في جنيف وكان قراراً مقبولاً ومتوزاناً وشكل إستراتيجية جديدة في التعامل مع حكومة السودان .

مضيفاً بأن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة؛ ما الغرض من إقحام سد النهضة في المفاوضات السودانية الأمريكية في الوقت الحالي مع العلم بأن هذه المفاوضات بدأت منذ العام (2011).

مردفاً بأنه يعتقد بأن مفاوضات سد النهضة ستكون موجهاً أساسياً في مفاوضات الجولة الثانية من الحوار السوداني الأمريكي رغم أنها ضمن الأجندة التي ناقشها الوفد الأمريكي الذي زار السودان بغرض معرفة موقف الدول الثلاث من السد.

يتابع المفتي أن ظهور مفاوضات سد النهضة ضمن أجندة الجولة الثانية يعني أن أمريكا دخلت في قضية سد النهضة بصورة واضحة ما يعني أنها لاعب رئيسي في القضية مشدداً بأن ذلك يحتم على السودان أن يعيد النظر في استراتيجيته تجاه سد النهضة بعد ظهور أمريكا كلاعب أساسي في سد النهضة تعمل من وراء ستار ولم تكن ظاهرة على المسرح.

ظهور مفاجئ

ينبه د. أحمد المفتي إلى أن موقف السودان كان ليكون مختلفاً لو ظهر الدور الأمريكي منذ البداية، حيث كان من المقدور أن ترفض الخرطوم ولكن أمريكا تركت الأمر لأثيوبيا في التفاوض وبداية التنفيذ وبذلك استطاعت كسب موافقة السودان وبذلك تكون جردته بهذه الموافقة من كل أوراق الضغظ عليها لتظهر على المسرح بعد أن ضمنت تنفيذ (65%) من السد وأصبح حقيقة على الأرض.

ونبه المفتي إلى أن على السودان أن يعيد النظر في الجولة القادمة من مفاوضات سد النهضة التي كانت جولتها السابقة فيها الطرف الأمريكي هو الحاضر الغائب حتى لايرفض السودان الموافقة وهو لا يعلم بأن هناك أطرافا أخرى في اللعبة بدأت تظهر وستتكشف تبعًا لذلك في الجولة القادمة (الأجندة الخفية )، وعليه الآن أن يتعامل معه باعتباره تحولًا من موضوع فني إلى سياسي إستراتيجي .

وختم المفتي بأنه ظل ينبه الحكومة منذ بدايات التفاوض بخطابات ودراسات وأوراق قدمها لكن لم يجد آذاناً صاغية.

قوة

بدوره يرى أستاذ السياسية بروفيسور الطيب زين العابدين أن مجموعة عمل السودان بالمجلس الأطلنطي جهة غير رسمية وذات صلات بالجهات الرسمية في الولايات المتحدة وعلاقة قوية بالمتنفذين في الحزبين الجمهوري و الديمقراطي على حد سواء.

مشيراً إلى أن المجموعة التي يمكن اعتبارها (لوبي) يستقي قوته من العدد الكبير لرجال الأعمال الامريكيين ما يجعل صوتها مسموعاً بين المنظمات واللوبيات المختلفة داخل الولايات المتحدة، وبالتالي لها مقدرة قوية على إيصال رسالتها للجهات المتنفذة داخل الإدارة الأمريكية ولديها اهتمام خاص بأفريقيا والاستثمار فيها كما أن اهتمامها بالسودان مبعثه قناعتها بأنه صالح للاستثمار.

وقال زين العابدين لـ (الصيحة) إن التوصيات التي قدمتها هذه المجموعة معقولة ومقبولة حيث سبق لها أن زارت السودان وأبدت رغبة في زيارته مرة أخرى. مضيفاً أن على الحكومة أن تتعاون معهم بمصداقية لتصل معهم لاتفاق ببرنامج يتم إنفاذه بجدول زمني محدد وممرحل قبيل حلول انتخابات 2020 بجعل سجل السودان نظيفاً.

مردفاً بأن الرئيس عمر البشير أعلن عن رغبته في هذا الموعد- 2020- بحل كل مشاكل السودان الأساسية وهي تحقيق السلام وإقامة نظام ديمقراطي حقيقي أما المشكلة الاقتصادية فرجال الأعمال الامريكيون الموجودون بكثرة في هذه المجموعة يمكن أن يساعدوا في حلها. بيد أنه أبدى تخوفه مما أسماه (الخداع والدغمسة) التي تمارسها الحكومة في تعاملها مع مواطنيها قائلاً بأن ذلك لن ينطلي على هذه المجموعة وغيرها لما لهم من ذخيرة وافرة من المعلومات حول السودان خاصة ملف الحريات الذي يشهد انتهاكات تشمل اعتقال بعض رموز الأحزاب وتهديد آخرين رغم أن مدير الأمن الفريق صلاح قوش وعد في اجتماع مع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بأنهم ضد الاعتقالات السياسية.

وأكد زين العابدين أن التوصيات الجديدة والشروط التي قدمتها مجموعة الأطلنطي كثير من مكرور وأشبه بالشروط التي وضعت إبان مفاوضات رفع العقوبات الاقتصادية مثل السلام وحقوق الإنسان والاتفاق مع الجنوب مبينًا أن الفارق في أن شروط رفع العقوبات الاقتصادية موضوعة من قبل الحكومة الأمريكية والشروط الجديدة وضعتها منظمة طوعية لكنها قريبة من السلطة في أمريكا.

ونبه زين العابدين إلى ضرورة أن تستجيب الحكومة السودانية لمطالب هذه المجموعة حتى تكون وسيلة للدفاع عن السودان أمام الحكومة الأمريكية لأنها مؤثرة في توجيه قرارات الإدارة الأمريكية خاصة أن السودان يحتاج لجهات تدافع عنه أمام إدارة ترامب.

تساؤلات

تثير قضية اقحام مفاوضات سد النهضة في الجولة الثانية من الحوار السوداني الأمريكي علامات استفهام كبيرة لا تخفي على أي متابع كان، ولكن ذلك يفرض سؤالاً حول ما إذا كانت أمريكا ستأخذ ما تريد بينما تظل عصا وجود اسم السودان في قائمة الإرهاب قائمة لاستخدامها في نيل غنيمة جديدة كما حدث في اتفاقية السلام الشامل – نيفاشا 2005 – عندما طرحت مطالبها للسودان برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب في حال التزام الخرطوم بإجراء استفتاء سلمي في الجنوب وأبيي وإبداء تعهدات بإيجاد الحل السلمي لدارفور لكنها عادت وتنصلت من التزاماتها ملوحة بعصا قائمة الإرهاب في وجه السودان.

صحيفة الصيحة.

Exit mobile version