شيخي، انصحني كيف أتعامل مع زوجي الذي لا يثق في مطلقا رغم أني احترمه جدا؟

السؤال:

السلام عليكم شيخي انصحني كيف أتعامل مع زوجي الذي لا يثق في مطلقا رغم أني احترمه جدا؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فهذه مشكلة كثير من الأزواج، وسبب ذلك أن الوسواس قد غلب على كثيرين؛ كما أن تقوى الله وصيانة العرض صارت من القضايا المؤخرة عند كثيرين، ولو أن كل زوج أنزل زوجته من نفسه منزلة أخته فأحب لها ما يحب لأخته وكره لها ما يكره لأخته ما كان لهذه المشكلة من وجود، ولو أن كل زوج عمل بقول الله تعالى {اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم} وقول النبي صلى الله عليه وسـلم “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث” لزال الإشكال وطابت الحياة، لكن غلب على الناس سوء الظن بسبب كثرة ما يشاهدون من مسلسلات ويقرؤون من روايات، وبسبب شيوع تفاصيل الجرائم فيما يسمى بالصحف الاجتماعية، هذه كلها عوامل جعلت كثيراً من الأزواج يفتتح حياته الزوجية وهو مرتاب ويتوقع كل شيء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والعجب كل العجب من إنسان يجترئ على أن يقول في مؤمنة ما ليس فيها، ويرميها بما هي منه بريئة، وقد غفل عن أن قذف محصنة يهدم عمل مائة سنة، وأن الله تعالى توعد من يستطيل في أعراض الناس بلسانه بالعذاب المهين؛ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب مهين. يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين} والجزاء من جنس العمل ولا يظلم ربك أحدا، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسـلم «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ، وَمَنْ خَاصَمَ فِى بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِى سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِى مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» رواه أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. قال في عون المعبود: قَالَ الْقَاضِي: وَخُرُوجه مِمَّا قَالَ أَنْ يَتُوب عَنْهُ وَيَسْتَحِلّ مِنْ الْمَقُول فِيهِ. وَقَالَ الْأَشْرَف: وَيَجُوز أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَسْكَنَهُ اللَّه رَدْغَة الْخَبَال مَا لَمْ يَخْرُج مِنْ إِثْم مَا قَالَ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ إِثْمه أَيْ إِذَا اِسْتَوْفَى عُقُوبَة إِثْمه لَمْ يُسْكِنهُ اللَّه رَدْغَة الْخَبَال، بَلْ يُنَجِّيه اللَّه تَعَالَى مِنْهُ وَيَتْرُكهُ.ا.هـــــــــــــــ

واعلمي – علمني الله وإياك – أن المؤمن مبتلى، ولست خيراً من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي رميت في عرضها وقذفت في شرفها، ومع ذلك قال الله لها {لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم} وقد رفع الله بذلك درجتها وجعل لها المكانة في قلب نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا أحب الله قوماً ابتلاهم؛ فعليك – أحسن الله إليك – بالصبر الجميل، والله يدافع عن الذين آمنوا، وقد يأتي الله بالفرج من حيث لا تحتسبين فأكثري من الدعاء والجئي إلى الله لجوء المضطر، وهو سبحانه قادر على أن يكشف الضر، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ثم إنني أنصحك بعد هذا كله أن تتدبري في عاقبة أمرك وتنظري هل هذا الشك الذي يخالج نفس زوجك له ما يبرره؛ من حيث كونك تخرجين بغير حجاب مثلاً، أو تكلمين رجالاً أجانب، أو تخرجين متزينة متعطرة، ونحو ذلك من الأسباب التي تبعث في نفسه الغيرة وتثير الشك؛ من أجل أن تعملي على إزالتها والتوبة إلى الله منها؛ حتى يطمئن قلبه وتهدأ نفسه وتذهب شكوكه، وتستمر حياتكما على ما يرضي الله.

أو أن هذا الشك حالة مرضية تعتري هذا الرجل دون وجود ما يبررها، بل هي ملازمة له، وفي هذه الحالة لا أنصح بالاستمرار معه؛ لأن الحياة على تلك الحال ستكون جحيماً لا يطاق، وينبغي إرشاده إلى طلب العلاج، والله المستعان.

فتاوى
الشيخ عبدالحي يوسف

Exit mobile version