تعرف إلى الرابحين والخاسرين في سوق العملات الرقمية

تعيش العملات الافتراضية حقبة من أسوأ حقباتها في السنة الجارية، خصوصاً مع التقلب الحاد في أسعارها منذ بداية السنة وحتى اليوم.

وسجلت “بيتكوين” السنة الماضية (2017)، أعلى مستوياتها تاريخياً، لتصل إلى مستوى 19346.04 دولاراً في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2017. لتنهي السنة على مستوى 13860.14 دولاراً في 31 ديسمبر 2017.

ومع بداية السنة الجارية، بدأت “بيتكوين” مسلسل التقلبات المستمر، لتسجل أعلى مستوى لها هذه السنة في 5 يناير/ كانون الثاني عند 16937 دولاراً، وتبدأ مسلسل التراجع المستمر منذ ذلك الوقت.

وفي آخر التعاملات، حتى تاريخ كتابة هذه السطور، ارتفعت عملة “بيتكوين” الافتراضية لتتجاوز حاجز 7 آلاف دولار، كما ارتفعت أيضاً العملات الافتراضية الأخرى في مقدمها “إيثريوم” و”ريبل”.

وسجلت “بيتكوين” ارتفاعاً الإثنين بنسبة 4.69% لتصعد فوق عتبة 7 آلاف دولار وتسجل 7061 دولاراً.

كما ارتفعت “إيثريوم” و”ريبل” بنسبة 3.12% و1.05% على التوالي وسجلت أسعار الأولى 389.8 دولاراً، في حين ارتفعت “بيتكوين كاش” 2.92% لتصل إلى 678.56 دولاراً.

وكانت العملات الافتراضية شهدت تراجعاً في الأسبوع الماضي، لتنزل “بيتكوين” بنسبة 7.64% إلى 6958 دولاراً، في حين تبعتها “إيثريوم” بنسبة انخفاض وصلت إلى 6.11% لتسجل 387.1 دولار.

ينصبّ التركيز بشكل عام عند الحديث عن العملات الافتراضية على “بيتكوين”، خصوصاً أنها تستحوذ على معظم القيمة السوقية، بأكثر من 119 مليار دولار عند قيمتها الحالية، من أصل قيمة إجمالية مقدرة بـ264.86 بليون دولار، وفقاً لموقع “كوين ماركت كاب” المتخصص في متابعة سوق العملات الافتراضية.

وتحتل “إيثريوم” المركز الثاني بقيمة إجمالية تُقدر 38.59 بليون دولار، في حين أن “ريبل” و”بيتكوين كاش” التي انقسمت من “بيتكوين” تصل قيمتها السوقية عموماً إلى 19.62 بليون دولار، و11.55 بليون دولار على التوالي.

وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن هذه الأرقام قابلة للتغير لحظة بلحظة، خصوصاً أن أي ارتفاع أو انخفاض في قيمة أي من العملات الافتراضية، يغير بطبيعة الحال القيمة السوقية الإجمالية.

واللافت أن على رغم التقلب الشديد في حجم العملات الافتراضية وقيمتها السوقية خلال السنة الجارية، إلا أن عدد هذه العملات في تطور مستمر ويزيد مع كل لحظة، خصوصاً أن بإمكان أي أحد اليوم ابتكار عملة افتراضية خاصة به.

ويوجد حتى هذه اللحظة، أكثر من 1596 نوعاً مختلفاً من العملات الافتراضية، تصل قيمة أقلها إلى 0.000185 دولار.

ويأتي التقلب في أسعار العملات الافتراضية بسبب الضغوط الحادة التي تتعرض لها هذه العملات من قبل السلطات النقدية في كل أنحاء العالم، وخصوصاً كوريا الجنوبية والصين.

وفي 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، نزلت “بيتكوين” عن عرش الـ15 ألف دولار لتنخفض 7.57% وتسجل 14902.9 دولار، للعملة الواحدة. وأتى هذا الانخفاض مع لجوء كوريا الجنوبية إلى فحص ستة بنوك محلية تقدم للمؤسسات خدمة فتح حسابات بالعملات الرقمية.

كما عمدت السلطات في الشهر ذاته، إلى حظر استخدام حسابات بنكية مجهولة الهوية في إجراء معاملات مالية بالعملات الإلكترونية.

وتهدف تلك الخطوة إلى وقف استخدام العملات الافتراضية في ارتكاب جرائم، مثل غسيل الأموال.

ويعتقد أن كوريا الجنوبية هي ثالث أكبر سوق في مجال تداول عملة “بيتكوين” والعملات الافتراضية الأخرى، بعد اليابان والولايات المتحدة.

وفي السياق، انخفضت أسعار العملات الافتراضية بشكل حاد في منتصف الشهر ذاته، لتهوي “بيتكوين” تحت عتبة 10 آلاف دولار وهو ما يقدر انخفاضاً بنسبة 30%.

وأتى هذا الانخفاض بعد تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” يفيد بأن مسؤولين صينيين رفعوا درجات الحيطة للحد من الاتجار بالعملات الرقمية.

كما لفت التقرير إلى أن الحكومة تعتزم حظر الوصول المحلي إلى منصات التداول التي توفر التجارة في العملات الرقمية، فضلاً عن استهداف الأشخاص الذين يقدمون خدمات التداول والبنى التحتية الأخرى لأسواق العملات الرقمية، والتي تسمح بإجراء صفقات أصغر بين الأفراد.

وفي مارس/آذار الماضي، أعلن محافظ بنك الصين المركزي تشو شياو تشوان أن السلطات الصينية لا تعترف بالبيتكوين كطريقة دفع مشروعة، لافتاً إلى أنها بصدد إطلاق عملة افتراضية خاصة بها و”لكنها غير مستعجلة على هذا الأمر”.

وتتخوف السلطات التنظيمية من العملات الافتراضية نظراً إلى أنها لا تخضع لأي رقابة حكومية أو مصرفية، بالتالي تخضع لقوانين العرض والطلب.

ومن الممكن لأي اهتزاز في الأسواق، أن يهوي بقيمة العملات الافتراضية، ما يعني خسائراً تُقدر بمليارات الدولارات للاقتصاد، ما قد يؤدي إلى آثار سلبية على المستهلكين.

كما تستطيع هذه العملة الحد من عمليات الرقابة المالية التي تفرضها السلطات على خروج الرساميل، إذ يعمد أصحاب رؤوس الأموال إلى شراء “البيتكوين” وإعادة بيعها في دول أخرى تقبل التعاملات بهذه العملة، ما يرفع من سعرها أولاً نظراً إلى ارتفاع الطلب، ويساهم في تهريب رساميلهم حتى ولو فرضت السلطات حظراً على خروجها.

وهو ما تمكن ملاحظته في العام 2013، عندما ارتفعت العملة للمرة الأولى فوق حاجز الألف دولار. وعمدت قبرص في مارس/ آذار إلى فرض ضرائب على أصحاب الحسابات فوق 100 ألف يورو، في وقت عمدت الهند في أغسطس/ آب من العام ذاته إلى فرض إجراءات على العملات الأجنبية في ظل انخفاض الروبية.

ولعل الجانب الأبرز الذي تخاف منه السلطات يتمثل في صعوبة ملاحقة أثر التحويلات التي تعتمد على العملة الالكترونية، إذ من شبه المستحيل معرفة هوية الأشخاص الذين يقومون بتحويل الأموال والحسابات التي تستقر فيها العملات، في وقت أن جميع تحويلات العملات الافتراضية توثق وتسجل في خوادم خاصة.

وبمعنى آخر، تمكن معرفة التحويلات كلها وقيمتها بشكل عام، إلا أن من المستحيل معرفة الأشخاص الذين يقومون بالتحويل والحسابات التي تصب فيها العملات الافتراضية، وهو ما يسهل بشكل كبير في عمليات غسل وتبييض الأموال، بالإضافة إلى تمويل العمليات الإرهابية.

والحال، أن العملات الافتراضية لم تصل إلى هذه النقطة لتندثر إلى غير رجعة، خصوصاً أنها تعتمد على نظرية تكنولوجية ثورية تدعى “البلوكشين”، والتي تحاول المصارف المركزية ومؤسسات المال حول العالم تبنيها.

إلا أن هذه العملات الافتراضية قابلة بشكل كبير للتقلب في قيمتها، وهو ما يجعلها استثماراً خطراً لا يمكن التعويل عليه أو البناء على أساسه. والأكيد أيضاً أن هذه التقلبات في طريقها إلى الاستمرار، خصوصاً مع تزايد الحملات على هذه العملات حالياً وفي المستقبل القريب.

ولعل استقرار هذه العملات مربوط بشكل رئيس بوصول السلطات المالية والبنوك المركزية إلى اتفاق لـ”ترويض” هذه العملات وضبط تنقلها وحركتها في الأسواق.

العربي الجديد

Exit mobile version