يا دمِّك !!

*ماتت بواعث الدهشة في دواخلنا..

*ما عدنا نندهش لأي شيء؛ فكل شيء بات جائزاً… وممكناً… ووارداً..

*أصابتنا تخمة المدهشات… فما عدنا نهضم المزيد منها..

*طوال أكثر ربع قرن ونحن نحظى بوجبة دهشة يومياً… على الأقل..

*وتمدنا بها جهة واحدة… وهذا سبب موت الإحساس بها..

*تماماً مثلما يسأم الناس وجوهاً تطل عليهم كل يوم… على مدى سنوات..

*ثم يتزايد سأمهم حين تتوحد الوجوه… والجهة… والمدهشات..

*وقبل يومين لم أصدق ما انهمر – أثيرياً – عن تسريب لامتحان الكيمياء..

*قلت لا يُعقل أن تبلغ المدهشات بنا هذا الحد الجنوني…

*أو أن تتواصل بعد دهشتي حادثة مدرسة (الريان)… وحادثة الطلاب العرب..

*أن تتواصل بشكل أشد سفوراً… وجنوناً… وإدهاشاً..

*أن تصل شهوة الإتجار، والتكسب، والسرقة حوش (مقدسات) شهادتنا السودانية..

*أن تتردى الضمائر إلى هذا الدرك الواطئ..

*ولكن ما إن فتحت الوزارة (خشمها) – نفياً – حتى صدَّقت… على طول..

*فهكذا تعوَّدنا من (وجوه) تمثل هذه (الجهة)..

*وتعودنا منها – كذلك – ألا تستقيل ؛ وإن ألمحت…أو صرحت…أو حتى أقسمت..

*لا تستقيل وإن اجترحت إثماً وطنياً ذا دهشة مجلجلة..

*ومن قبل قالت الوزيرة السابقة – عقب فضيحة الريان- أنها ستستقيل… ولم تفعل..

*وهذه الحالية لن تستقيل أيضاً….. ولن تُقال..

*وكأن (صناع) القرار عندنا يعجبهم أمثال (صناع) المدهشات هؤلاء..

*ثم لا يهمهم أن يُقال (لم يحدث إلا في عهدهم)..

*ففضيحة تسريب امتحان الكيمياء لم يشهد السودان مثلها طوال عهوده..

*ولم يندهش السودانيون لفعل يشابهه إلا في هذا العهد (المدهش)..

*وإزاء كل دهشة من تلقائهم يُفاجؤون ببرود من تلقاء فاعليها… ومن فوقهم..

*وحين تكاثرت عليهم الدهشات ما عادوا يندهشون..

*ولكن رغم ذلك ما كانوا يتوقعون مساساً بثوابت تليدة… كالشهادة السودانية..

*وربما هذا كان سبب تصديقهم لنفي الوزيرة… بادئ الأمر..

*ولكني – بعكسهم – توجست خيفةً من صيغةٍ للنفي حفظتها عن ظهر (ألم)..

*حالوا تذكُّر صيغ نفي رسمي بقدر ما تسعفكم الذاكرة..

*فهي لا تخرج عن (متردَّم) مفردات محفوظة…كحفظنا للوجوه..

*وهي من قبيل: ينفي… ويهيب بالناس… والوضع المطمئن… والشائعات المغرضة..

*أها؛ الست الوزيرة نفت بشدة تسرُّب أية ورقة امتحان…

*وأهابت بالممتحنين – وأولياء أمورهم – عدم الالتفات إلى لشائعات المغرضة..

*وقالت إن الوضع مطمئن… وأوراق الامتحان مؤمنة..

*وبعد ساعات لحست كلامها هذا… بما أن الحقائق التي تكشَّفت لا تحتمل (الغلاط)..

*فهذه ليست موازنة… ولا أزمة وقود… ولا تقارير حقوق إنسان..

*والمصيبة أن ترى كلمتي هذه النور اليوم… وحضرة السيدة الوزيرة في (النور)..

*إذن أستميحكم عذراً لأقول لها (يا دمِّك !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version