قبل أن تنتشر الأطباق الفضائية ويصبح الرسيفر لدى كل مواطن داخل العاصمة أو الولايات أو في أي غابة أو مزرعة أو أي مكان من بقاع السودان أدخلت قناة الخرطوم أجهزة لاستقبال القنوات الفضائية وانتقلت بعض القنوات التي تخلو من المواد التي تخدش الأسرة، وكلنا نعلم كيف كانت تلك القنوات التي لا تفرق في تقديم موادها للأسر المحافظة أو غيرها، ولذلك كانت فكرة جيدة ووجدت الاستحسان والقبول لدى الكثير من الأسر وحتى مؤسسات الدولة اشتركت فيها، وكان الاشتراك معقولاً ويمكن لأي أسرة أن تشترك وهناك عقد بين الطرفين، فقناة الخرطوم ونظراً لتوفر أجهزة الاستقبال الأخرى وبدون أي إرهاق للأسر أصبحت قناة الخرطوم وكأنها غير موجودة إلا في حالة عدم بث المباريات الرياضية عبر القنوات الأخرى أو التي تتطلب مبلغاً مالياً كبيراً لمشاهدة مباريات كأس العالم أو البطولات الأوربية أو الأفريقية ومن هنا اشتراك المواطنين فيها نظراً لقلة تكلفتها المالية مقارنة مع أجهزة الاستقبال الأخرى التي تتطلب ملايين من الجنيهات، ولما كنت من ضمن الحاصلين على تلك القناة لم يخطر على بالي أن القناة قد غيرت أجهزتها بأجهزة غالية الثمن ولن يستطيع أحد أن يخطر على باله هذا الرقم الخرافي ولا سعر بلازما ورسيفير وطبق ومصنعية العامل الذي يقوم بالترتيب! هل تدرون كم سعر الاشتراك في قناة الخرطوم لن يصدق أحد ومهما قيل له هذا الرقم لن يخطر على باله، فقد سألت الموظفة في كاونتر الدفع قلت لها لدى اشتراك قديم وأريد أن أجدده، هل تدرون ماذا قالت لي قالت الأجهزة انتهت ولابد أن تسجل قبل أن تصل الأجهزة الجديدة، فقلت لها كم السعر إذا كان لدى اشتراك قديم قالت لي عليك أن تدفع ما قيمته أربعة آلاف وأربعمائة جنيه تقريباً إن لم تخن الذاكرة ورسالتها عن الشخص الذي يريد أن يشترك جديد قالت لي لابد أن يدفع الخمسة آلاف جنيه تقريباً، ورسوم الاشتراك الشهري مائتين جنيه، تخيلو هذه قناة في السودان وهذا المبلغ الخرافي يدفعه المواطن المسكين عشان يشاهد قنوات يمكن أن يشاهد آلاف منها مجانياً، فبدلاً أن تعمل الدولة على المحافظة على هذا الجيل من تلك القنوات التي تفسد الأسرة تقوم برفع الأسعار مئات أو عشرات المرات، ولا ندري ومعظم الأسر تستعد لمشاهدة كأس العالم وهذه هي القناة الوحيدة أو المتنفس للأسر السودانية التي لا تمتلك الملايين للاشتراك في الباقات الأخرى التي تبث كأس العالم، فهل إدارة قناة الخرطوم تراعي ظروف أولئك البسطاء والمساكين لتفتح لهم القناة بأسعار تكون في استطاعة أي فرد منهم أم أن الثقافة والدرجة أصبحت بملايين الفلوس، ولا ندري ما هو مصير أصحاب الأجهزة القديمة، وهل التعامل معهم بنفس الأسعار الجديدة التي تقدر بتلك الملايين وما هو مصير الاتفاق القديم لأن العقد القديم ما فيه أي شرط في حالة التحويل إلى أجهزة جديدة.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي