التقيت الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد عدة مرات.
جلهن في طفولتي، في منزلنا بحي البوستة في أم درمان.
كان شيخ صادق زميلا لوالدي في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، جامعة القاهرة لاحقا.
وربطت بينهما صداقة منذ نهاية اربعينيات القرن الماضي.
كان يطرق بابنا فأفتح له لأجده باسما هادئا. يسألني في خفوت “أستاذ زيادة موجود؟”. كان مهذبا لا يكاد ينادي شخصا باسمه الا بلقب يليق.
وحين أدخل الصالون حاملا صينية الشاي كنت أجد صوته الخافت يضيع في صخب أبي وعلو صوته.
كنت مرات أتعجب لماذا يزورنا هذا الرجل ليبقى صامتا لساعات ويستمع لأبي يتحدث.
ظل انطباعي عنه دوما محملا بمودة تلك الطفولة والصداقة الطويلة مع أبي.
وبعد 25 عاما على وفاة أبي أقرأ خبر وفاة شيخ صادق. فأجدني أستعيد ذات احساس الطفل الذي مات صديق والده.
كان لأبي مجموعة من الأصدقاء والزملاء. تتفاوت أعمارهم. من الشيخ علي عبدالرحمن الأمين، وأحمد السيد حمد، أقرب المقربين لأبي الذين دعوتهم دوما بلقب “أعمامي”، وجبر عبدالرحمن و تاج السر الأمين وعبدالله عبدالوهاب وسليمان صالح خضر. وقد سبقوا أبي للموت أو لحقوا به. وهاهو أخر المقربين منه يلحق به. لا أذكر حتى زميلا له أعرفه بقي على قيد الحياة بعد شيخ صادق عبدالله عبدالماجد.
لذلك ومنذ الأمس يسيطر علي الشعور أن عالم والدي قد تكامل موته. وانطوت صفحته. كل رفاقه انتقلوا الى الضفة الاخرى. لعله لم يبق الا قلة ربطته بهم السياسة والعمل العام أكثر من الصداقة الشخصية، مد الله في أعمارهم ومتعهم بالعافية.
بعد ربع قرن يعاودني شعور اليتم اذ مات صديق أبي. فياوجع موت تحسه في ميتات.
بقلم
حمور زيادة