طالعت خبر اتفاق وزارة النقل والطرق والجسور السودانية مع نظيرتها وزارة المواصلات القطرية لتطوير ميناء سواكن بقيمة (500) مليون دولار في المرحلة الأولى، ليصل تمويل المشروع إلى (4) مليارات دولار في نهايته حسبما ذكر وزيرنا المهندس “مكاوي محمد عوض”.
هو بلاشك خبر اقتصادي مفرح، اهتممنا به وجعلناه العنوان الرئيسي الأول (مين شيت) لعدد (المجهر) الصادر أمس، ونحن ندعو أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة خاصة بعد استقبال السيد رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” للوزير القطري في بيت الضيافة أمس الأول، ومباركته المشروع.
غير أن تجربة الاستثمار القطري المتمثلة في مدينة “مشيرب” على شاطيء النيل الأزرق الساحر جهة “بحري” أسفل كُبري “المك نمر”، لا تدعو للتفاؤل، فالمشروع الذي يتبع لشركة (الديار) القطرية، كان يفترض أن يكتمل قبل عدة سنوات، ويضم فندقاً من (5) نجوم، ومنتجعاً، ومراكز للتسوق والتنزه، فضلاً عن الأبراج السكنية، لم يبلغ نهايته حتى اليوم، ولا رأينا غير البنايات السكنية التي لم تكتمل جميعها، لا رأينا فندقاً ولا (مولاً) ولا منتجعاً.. ولا يحزنون، مع أن حكومة السودان كانت مهتمة غاية الاهتمام بهذا المشروع، إذ كلفت وزيراً كبيراً لمتابعته، وكان تحت إشراف رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ “حمد بن جاسم” !!
أكثر من (7) سنوات ولم تكتمل “مشيرب” القطرية، وما تزال شاحنات الرمل والحصى والأسمنت تدخل وتخرج من بوابات المجمع السكني.. ثم لا جديد !!
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لمجمع سكني، فما بالك بميناء “سواكن” الذي تطمح اتفاقية تطويره إلى أن يكون أكبر موانئ البحر الأحمر !!
في رأيي.. أن تطوير الموانئ السودانية يحتاج إلى شراكات ضخمة مع شركات أوربية رائدة ومتخصصة في المجال، وقد طرحت شركة فرنسية كبرى عرضها على طاولة وزارة النقل لتشغيل ميناء بورتسودان لكنها لم تجد رداً حتى اليوم .
لكي تتطور.. لابد أن تنظر للعالم (الأول).. أوربا.. اليابان.. كوريا الجنوبية.. لا أن تغرق في وحل صراعات وأجندات دول عربية متطاحنة في الإقليم، تفكر بعقلية (المعسكرات والأحلاف)، لا برؤية استثمارية تنموية تنهض ببلادنا.
يتوجب على دولتنا أن تغادر مربع تداعيات أزمة الخليج سريعاً، فلا شركة (موانئ دبي) ولا هيئة الموانئ السعودية ستعمل على تطوير ميناء “بورتسودان”، ولا (المواصلات القطرية) ستبني “سواكن” لتكون قبلة كل السفن في البحر الأحمر.
هو مجرد (صراع نفوذ) على البر.. والبحر.. لا أكثر ولا أقل.
فأخرجوا – يرحمكم الله – من هذه (الورطة).. ويمموا شطر (الخواجات).
الهندي عزالدين
المجهر