وقّع السودان وقطر، أمس في الخرطوم، اتفاقاً تجارياً لتطوير ميناء سواكن على ساحل البحر الأحمر بقيمة 4 مليارات دولار. ويقضي الاتفاق بدخول الدوحة كشريك في الميناء بنسبة 49 % من حصة المشروع.
ويتضمن الاتفاق، حسب مصادر “العربي الجديد”، إعادة تأهيل البنى التحتية والفوقية لميناء سواكن، وإنشاء أرصفة جديدة للسفن، وتأمين معدات حديثة مع زيادة حجم المناولة، على أن تلتزم وزارة النقل السودانية بربط الميناء بخط سكك حديدية.
وشهدت الخرطوم أمس، مراسم التوقيع على محضر المباحثات المشتركة بين الخرطوم والدوحة بشأن تطوير الميناء بحضور وزير النقل السوداني، مكاوي محمد عوض ووزير المواصلات والاتصالات القطري، جاسم بن سيف السليطي، حيث وقع عن الجانب السوداني، مدير هيئة الموانئ البحرية، عبد الحفيظ صالح وعن الجانب القطري مستشار وزير المواصلات والاتصالات حسن الهيل.
وخلال مراسم التوقيع، أعلن السليطي، عن نية بلاده إرسال عدد من الرافعات لميناء سواكن في القريب العاجل لاستخدامها مؤقتا قبل التوصل إلى اتفاق على الجوانب الفنية كاملة.
وأكد الوزير القطري أن الدوحة ستفتح عدداً من الخطوط البحرية التجارية مع السودان، كما أنها ستعمل على الاستفادة مستقبلا من ميناء (هيدوب) السوداني المخصص لتصدير المواشي، بغرض استيراد احتياجاتها من الماشية من السودان.
من جهته، ذكر وزير النقل السوداني، أن ما يحدث من تعاون بين البلدين في مجالات النقل والموانئ وغيرها، نتاج طبيعي للتوجيهات المباشرة من قيادة البلدين، مشيراً إلى أن بلاده ترغب في الاتفاق على توأمة بين مينائي حمد القطري وسواكن، وأوضح أن الاتفاق الخاص بتطوير الميناء هو مجرد لبنة في طريق التعاون بين السودان وقطر في مجال النقل والاتصالات.
وفي تصريح خاص لـ “العربي الجديد”، أكد وزير النقل السوداني، أن الاتفاقية سوف تجعل من ميناء سواكن ميناء لكل أفريقيا، مبيناً أن التفاوض بين الخرطوم والدوحة حول المشروع بدأ في 2016 بخمس جولات، ثم ثلاث جولات أخرى في 2017، بينما اكتمل الجهد خلال الجولة الأخيرة بالخرطوم.
وأشار إلى أن الجانب السوداني أكمل تجهيز رصيفين لاستقبال الجيل الخامس من السفن بسعة 100 ألف طن، موضحاً أن المرحلة الأولى بتكلف 500 مليون دولار.
وليس مستبعداً أن تثير الاتفاقية ردود أفعال في مصر والسعودية ودول أخرى، على غرار ما حدث بعد الاتفاق السوداني التركي حول تطوير جزيرة سواكن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. إلا أن الوزير القطري شدد خلال تصريحاته قبيل مغادرته الخرطوم على أن “الغرض من إعادة تأهيل الميناء تجاري محض، وأن الموضوع لن يكون على حساب أحد ولا يمثل تهديداً لأي جهة”.
وتعد سواكن أقرب الموانئ في البحر الأحمر، لميناء جدة السعودي، وباب المندب وقناة السويس، ما يجعله موقعاً استراتيجياً سواء على مستوى التجارة الدولية. كما يُعد الميناء رابطا بين أفريقيا وآسيا، إضافة لكونه واحدا من روابط تجارة النفط الدولية.
وحول تفاصيل الاتفاق، يقول مدير هيئة الموانئ البحرية السودانية عبد الحفيظ صالح لـ “العربي الجديد” إن الاتفاق الحالي يركز على المرحلة الأولى للمشروع على أن يتم الاتفاق على التفاصيل الأخرى في مراحل لاحقة، منوها إلى أن شركات سيتم تعيينها عبر عطاءات، ستقوم بجلب المعدات وبناء الأرصفة وغيرها من الخدمات، مشيراً إلى أن المدة الزمنية للشراكة غير محدودة باعتبارها شراكة استراتيجية.
وحول إدارة المشروع بعد اكتماله، يقول صالح إن الجانبين اتفقا مبدئيا على وجود إدارة مشتركة للميناء، قبل أن يستدرك: “إن الأمر كله ما زال تحت النقاش”.
ونفى صالح، وجود أية علاقة للاستثمار القطري في ميناء سواكن، بما تقوم به تركيا من ترميم للآثار في المنطقة، مجددا التأكيد أن الشراكة بين قطر والسودان في سواكن لا تستهدف أية دولة أو منظومة إقليمية إنما هو تطوير لميناء قائم أصلا ويوجد داخل دولة ذات سيادة.
وأوضح صالح، الذي قاد الجانب السوداني للتفاوض حول المشروع، أن أهم الأهداف التي سيحققها المشروع المشترك هو الارتقاء بحركة النقل البحري وزيادة الطاقة الاستيعابية للميناء، بما يتوافق وحركة التجارة الدولية، خاصة وأن السودان سينضم قريباً لمنظمة التجارة الدولية. وتبعد سواكن مسافة 642 كيلومتراً من العاصمة السودانية الخرطوم، وترتفع 66 مترا فوق سطح البحر الأحمر.
العربي الجديد