اشترط في مرشحيه اجتياز عدة دورات الوطني .. (ليكم تدربنا)

تلجأ الشركات الكبرى –عادةً- إلى حفظ مكالمات العملاء (لأغراض الجودة والتدريب)، وهذا في طريقه اليوم – بصورة ما- إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي اشترط التدريب المُفضي إلى جودة الكوادر كشرط لتسنم عضويته مناصب في كابينة القيادة.

وبلا شك فإن (أغراض الجودة والتدريب) ارتقت برئيس التنظيم السابق في الوطني، لمنصب مساعد الرئيس، ونائب رئيسه للشؤون الحزبية، د. فيصل حسن إبراهيم، لحسم مشكلات التنظيم قبيل حلول انتخابات 2020م.

وقبيل وصول فيصل اعترت (الوطني) مشكلات تنظيمية كادت أن تعصف بولايات تشمل الجزيرة والبحر الأحمر وكسلا وجنوب دارفور، لولا (عاصفة الحزم) التي أطلقها رئيس الحزب ورئيس الجمهورية، عمر البشير، وانتهت بإقرار الطوارئ في الجزيرة لتثبيت حكم محمد طاهر ايلا، بينما انحنى البقية المتشاكسين مع حكام الولايات مخافة العاصفة.

ما بعد 2015

إعادة بناء (الوطني) تنظيمياً تأتي بعد إحجام الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم في انتخابات 2015 عقب ثورة أطاحت بـ (الحرس القديم) لصالح قيادات شابة، ثم تلى ذلك إقرار قانون لتعيين الولاة عوضاً عن انتخابهم مخافة الجهوية والقبيلة، ثم كانت المرحلة الأخيرة لحسم المتفلتين والخارجين على طوع المركز وخياراته بما في ذلك إعادة انتخاب البشير بحسب ما أقره د. فيصل في زيارته لحاضرة النيل الأزرق أخيراً.

لكن على رغم من التطوير والتحديث التنظيمي المستمر داخل (الوطني) الذي عرفه الناس في انتخابات 2010 فيما عرف بـ (بندول نافع) لحسم المترشحين كمستقلين، فإن الناظر يلمح تطوراً مماثلا في المشكلات التي قد تصل إلى حدود قريبة جداً من التمرد.

وللقضاء على هذه التفلتات وضع د. فيصل حسن إبراهيم، لائحة جديدة تأتي في أعقاب الانتهاء من حملة (رؤوس قد أينعت وحان قطافها) لانتقاء أفضل الوجوه في الانتخابات المقبلة.

بين اليوم والأمس

قبل سنوات تصرمت وانقضت، وضع (الوطني) اشتراطات لمن يريد وضع اسمه في قائمة مرشحيه لانتخابات 2015 على رأسها الحصول على المؤهل الجامعي – مثلاً- لمن ينتوي أن يكون عضواً في المجلس الوطني (البرلمان).

وعلاوة على الدفع بولاة من خارج الولايات عقب 2015 إقر د. فيصل شروطاً جديدة لمرشحي الحزب في 2020 على رأسها الانتماء القومي والنأي عن العصبيات و(الشلليات) علاوة على أن يكون الاختيار منسدلاً من أصغر وحدة (الأحياء السكنية) حيث لا مجال لـ (الكباتن) وهو مصطلح لمن اعتيد اختيارهم في الكليات الانتخابية ويملكون تأثيراً بائناً على مجرى الأحداث في ولاياتهم ولو اعتاشوا في قلب الخرطوم.

أما النقطة الأهم هذه المرة في مرشحي (الوطني) فهو ضرورة خضوعهم لدورات تدريبية تنظمها إدارة التدريب في الحزب بالتعاون مع (الاكاديمية والوطنية للتدريب) واصفاً ذلك بالأمر الحتمي الذي لا مناص منه.

أمر محمود

اتجاه (الوطني) لتدريب كوادره وتصعيدهم من القواعد رضينا أم أبينا فهو فردوس مفقود في العملية السياسية بالبلاد، حيث يتسور عدد كبير من القيادات على السلطة داخل منظوماتهم بسبب دفوعات لا علاقة لها بالقدرة والكفاءة بحال.

وعلى الرغم من القدح الكبير الذي تجده سياسات (الوطني)، فإن صفه الأول عالي التأهيل وقادم من قلب الجامعات السودانية، ودون كبير جهد فإن أكثر الأحزاب تكدساً بالدرجات العلمية هو الحزب الحاكم.

ولكن مع ذلك فإن سياسات (الوطني) تجد ممانعة من العلماء والمختصين وحتى من رجالات الشارع العادي الذي يجأرون بالشكوى لا سيما حين تتعلق المسألة بالاقتصاد وإتاحة الحريات السياسية.

شكوك

إذاً فاشتراط (الوطني) على مرشحيه في انتخابات 2020 الحصول على دورات تدريبية مسألة محمودة للتهيؤ لمتطلبات المنصب. بيد أن المحلل السياسي محمد نورين، قلل من جرعة التدريب في (الوطني) وقال لـ (الصيحة) إن السياسات والقبضة المركزية التي لا تسمح بهامش لطرح الرأي المختلف والمناورة تجعل من كل تدريب أمر بلا طائل، مستدلاً بالبرلمان الحالي الذي تسيطر عليه كتلة (الوطني) بأغلبية ميكانيكية ساحقة، ومع ذلك تمرر القرارات التي يريدها الحزب وإن خالفت هوى النواب.

سبب ثانٍ دفع به نورين للتقليل من خطوة (التدريب) في الحاكم، ومتصل بمخاوف تنتاب قيادات داخله بمساعٍ لإبعادهم عن الصورة، عبر وضع عراقيل كثيرة أمام أصحاب الرأي والاتجاهات المغايرة.

تفصيل

سؤال مهم يبرز في هذا السياق ومتصل بماهية الدورات التي سيخضع لها منتسبو (الوطني)، أحلناه للأكاديمي في مجال الإعلام عبد الرحيم عركي فقال لـ (الصيحة) إن أولى المهارات التي يفترض توافرها في القيادات الحزبية، هي حسن التعاطي مع وسائل الإعلام، وقال إن أكثر مصارع الساسة تكون جراء ألسنتهم.

وفي الصدد نذكر بأحاديث فيصل عن ضرورة أن تشهد المرحلة المقبلة خطاباً يحض على وحدة الصف الوطني.

ويستمر عركي في حديثه بالتأشير إلى أهمية علم التفاوض كعلم مهم في العملية السياسية، بجانب المعرفة والإلمام بالتواصل الجماهيري ووسائله الحداثوية القادمة على متن العولمة.

تجهيزات مبكرة

نوايا واضحة لـ(الوطني) بدخول انتخابات العام 2020 بصف موحد، وبدرجة صفرية من الخلافات التنظيمية، ولهذه الأغراض كانت الاشراط، بل وكان اطلاق يد د. فيصل الخبير في مسائل التنظيم.

الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة.

Exit mobile version