جاء في الأخبار الأيام الماضية أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سيزور السودان ولكن ظل يزور عددا من الدول ولا يزورنا..ويرسل ولي عهده لزيارات أخري ولا يرسله لزيارتنا فرأيت أن أوجه عتابا من منطلق المحبة لدولة شقيقة وجارة وحاضنة لأول بيت وضع للناس كانت يوما قبل ملايين السنين تشكل معنا أرضا واحدة لا يفصلها بحر الا بعد أن فعلت حركة الألواح الصهارية في باطن الأرض فعلها فكان البحر الأحمر أو بحر القلزم حيث ظلت تتحرك تباعدا سنويا بحوالي ثلاثة سنتمترات كما يقول علماء الجيولوجيا، ورغم ذلك تخطي عرب الجزيرة العربية البحر نحو أرض السودان الي ما أطلقوا عليه أرض المعدن من أجل الذهب أنتج فوائدا مشتركة بل تصاهرا وتماذجا ثقافيا قوى من عروته الإسلام واللغة العربية، بل كما أكد العالم عبد الله الطيب أن هجرة المسلمين الأولي فرارا من اضطهاد كفار قريش كانت للسودان التي يحكمها النجاشي المسيحى الذي لا يظلم عنده أحد..
حتي لا يظن الاخوة في قيادة الدولة السعودية أني أكتب اليوم بايعاز من الحكومة السودانية فأشهد الله لا صلة لها بذلك بل أكتب ما أعتقده صوابا من منطلق وطني خالص، بل يعرف الجميع أنني عام 1994 اتهمت زورا أنني (عميلا سعوديا) وذلك في قضية صحيفتي آنذاك ( السوداني الدولية) حيث وجدوا معي عند عودتي من جدة صورة من خطاب اداري كتبته لوكيل وزارة الاعلام السعودية أبرر فيه لماذا أشحن صحيفتي من السودان و كانت الصحف السودانية ممنوعة من دخول المملكة ..
ظلت القيادات السودانية ورئآسة دولته منذ استقلال السودان حتي اليوم هم الذين يذهبون للسعودية ولم يزور السودان الا الملك فيصل بن عبد العزيز عليه رحمة الله وكان ذلك بمناسبة مؤتمر الخرطوم الشهير عام 1967عقب حرب يونيو حيث كانت الخرطوم العاصمة العربية الوحيدة المحايدة بين المعسكرين العربيين.
في اعتقادي أن السودان قدم للمملكة أكثر ما قدمت هي للسودان كان آخرها ارسال آلاف الجنود الي اليمن استشهد فيها المئآت دعما لموقف المملكة، ومنها مصالحته للرياض مع القاهرة عام 1967 في مؤتمر الخرطوم وإيقاف نزيف اليمن، وقبلها قدم السودان (مشروع الجزيرة) السوداني ضمانا لاستثمار البترول السعودي، وسودانير للخطوط السعودية، هذا في التاريخ المعاصر، أما في التاريخ القديم فقد حكي لي شيخ سعودي كيف كانوا كتجار ينتظرون السفن في ميناء جدة تأتي من السودان تحمل السلع الغذائية الي بلادهم! بل ذكر التاريخ ارسال السلطان علي دينار المحمل وكسوة الكعبة وحفر الآبار في طريق المدينة المنورة عرفت بآبار علي.. كما ساهم السودانيون خاصة المعلمون والخبراء والمهنيون والعمال في خدمة ونهضة المملكة وهو واجبهم تجاه دولة تحرس وتخدم الحرمين الشريفين..
يردد غالب اهل السودان أنه كان الأوفق لو وقفت المملكة مع السودان مواقف أكثر مما هو حاصل سيما وأن السودان يشكل ثغرا استراتيجيا هاما وخطيرا في غربها لا يقل أهمية عن ثغور أخري مثل دول أخري نالت من المملكة أكثر مما ناله السودان هذا البلد الهام والذي لقي جزاء سنمار من المملكة في خلافه مع مصر في قضية حلايب السودانية وكان الأجدر بالمملكة ان تكون محايدة أو معينا للتوافق وحل المشكلة. مثلما كان الأوفق منذ ستينات القرن الماضي ألا تتكاسل في مشروع كنز البحر الأحمر لمجرد أنه لا يشكل أولوية استثمارية لها لغناها البترولي بل لحاجة السودان له!! أختم بالقول لا بد أن تغير المملكة استراتيجيتها ونظرتها للسودان.. مع حبي وتقديرى ليس كعميل ولكن كشقيق.
بقلم
محجوب عروة