مازال الغموض يكتنف قصة أليمة روعت الهند، حين قُتل شاب وأُصيبت زوجته في انفجار قنبلة أُرسلت لهما بالبريد بعد خمسة أيام من زفافهما.
ساوتك بيسواس، مراسل بي بي سي في الهند، توجه إلى ولاية أوريسا، شرقي البلد، لمتابعة أحدث تطورات القصة.
في يوم 23 فبراير/ شباط الماضي، الذي ساده طقس صيفي لطيف، كان سوميا سيخر ساهو، وهو مهندس برمجيات يبلغ من العمر 26 سنة، وزوجته ريما (22 سنة)، يستعدان لطهي الطعام في منزلهما الجديد ببلدة باتناغارا الهادئة بولاية أوريسا.
حينها، وصل ساعي البريد يحمل طردا موجها إلى سوميا.
وتروي ريما أن زوجها فتح الطرد ليجد صندوقا ملفوفا بورق أخضر اللون، يتدلى منه خيط أبيض. وحينها، دلفت جدته جيماماني ساهو (85 سنة) إلى المطبخ لترى ما في الطرد هي الأخرى.
وبمجرد أن جذب سوميا الخيط، برق وميض من الضوء وهز انفجار شديد المطبخ. وطُرح الثلاثة على الأرض مدرجين في دمائهم. وألحق الانفجار أضرارا بالغة بالمكان، إذ دمر منقي المياه، ونافذة المطبخ التي تطاير زجاجها إلى الحقل المجاور وأتلف الطلاء الأخضر للجدران.
وأظهر فيديو، سجل بعد دقائق من الحادث، الجيران وهم يحملون المصابين الثلاثة ملفوفين في أغطية أسرة إلى سيارات إسعاف. ومات سوميا وجدته، اللذان أصيبا بحروق بلغت نسبتها 90 في المئة من الجسم، في الطريق إلى المستشفى. وظلت الزوجة ريما على قيد الحياة، لكنها تتعافى ببطء من حروق بالغة في مستشفى حكومي.
خلف الانفجار أضرارا بالغة في موقع الحادث
وبعد مرور نحو شهر على الحادث، لم تظهر أي أدلة تشير إلى الجاني الذي قتل سوميا سيخر المعروف بين الأقارب والأصدقاء بأنه كان شابا “لطيفا يخشى الله”.
وقال سودام شاران ساهو والد ريما زوجة القتيل “نحن بسطاء. نحيا حياة بسيطة. ليس لدي أو لدى ابنتي أعداء. كما أن زوج ابنتي لم يكن له أعداء أيضا، ولا أتهم أحدا، وليس لدي أدنى علم بمن قد يكون فعلها”.
ولا تتوافر أية مفاتيح للغز هذه الجريمة الغامضة سوى مكالمة غريبة تلقاها القتيل أثناء وجوده في بنغالور.
قالت ريما إن “المكالمة كانت العام الماضي، وكنا نتحدث عبر الهاتف فأخبرني أنه يستقبل مكالمة أخرى، لذلك وضعني في الانتظار وبعدها أخبرني أنه تلقى تهديدا من رجل حذره من الزواج”.
واستجوب أكثر من 20 محققا ما يزيد على 100 شخص يشتبه في علاقتهم بالحادث من أقارب وأصدقاء الزوجين. كما حصلت جهات التحقيق على نسخة من سجلات الهواتف الذكية الخاصة بهما، مع إجراء مسح لأجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بهما.
واحدة من آخر الصور التي التقطت لسوميا وريما أثناء حفل الزفاف
وظهر أمل في الوصول إلى حل اللغز بعد الحصول على معلومات تفيد بأن شخصا ما حاول تتبع مسار الطرد مرتين من معهد لتدريس علوم الكمبيوتر في منطقة كالاهاندي، التي تبعد نحو 119 كيلومترا عن موقع الحادث. وأثار هذا تكهنات بأن مرسل الطرد كان يحاول متابعته، لكن التحقيقات توصلت إلى أن شركة الشحن نفسها هي التي كانت تتابع مسار الطرد.
أما المعلومة الوحيدة المؤكدة لدى الشرطة فهي أن الطرد أرسل من مدينة رايبور باسم وعنوان زائفين. واختار القاتل شركة الشحن بعناية، فلم تكن هناك لدى الشركة كاميرات مراقبة كما لم يتعرض الطرد للمسح من قبل الشركة. وسافرت الشحنة 650 كيلومترا في ثلاث حافلات قبل الوصول إلى باتناغارا حيث كان يقيم سوميا.
لكن سوميا لم يتسلم الطرد في محاولة أخرى لتوصيله، وهو ما أدى إلى إعادته إلى الشركة لازدحام المكان بهدايا الزفاف، وفقا لديليب كومار، المدير المحلي لشركة الشحن الذي أكد أن الرجل تسلم الطرد بعد ثلاثة أيام من إعادته للشركة.
ويحاول خبراء المعمل الجنائي التعرف على درجة التعقيد التي اتسمت بها القنبلة. وبشكل مبدئي، يقول المحققون إنها كانت عبوة ناسفة بدائية الصنع ملفوفة بحبل من الألياف النباتية وهو ما تسبب في انبعاث دخان أبيض بعد الانفجار.
ومازالت ريما في المستشفى. وأصبحت قصتها مثارا لحزن شديد في الهند يوم الاثنين الماضي بعد أن سجل أحد الأقارب فيديو وهي منهارة تماما بعد أن علمت من صحيفة قديمة في غرفتها أن زوجها مات إثر الانفجار، وذلك بعدما أخفت عنها الأسرة الخبر طيلة ثلاثة أسابيع.
بي بي سي عربية