“المهندس سيف”.. دراما صعود وهبوط نجل القذافي القوي

من مكان مجهول قرر نجل العقيد الراحل معمر القذافي الترشح لرئاسة ليبيا، ليكمل سيف الإسلام، المطلوب حاليا للمحكمة الجنائية الدولية، رحلة بدأها والده عام 1969 وانتهت بمقتله عام 2011، بعد أشهر من انتفاضة طالبت بالتغيير ثم سرعان ما تحولت إلى حرب.

ورغم أن سيف الإسلام، صاحب الـ 45 عاما، يراهن في برنامجه الانتخابي المفترض على “المصالحة الليبية الشاملة ولم شمل البلد التي مزقتها الصراعات”، فإن قرار ترشح “الوريث” في حد ذاته أدى إلى مزيد من التشتت في الأوساط السياسية والشعبية الليبية، بين من يرى أن البلاد بحاجة لرجل قوي ينهي الصراعات الداخلية، ومن يقول إن النظام القمعي لا يجب أن يعود إلى ليبيا، وإن بوجه يبدو أكثر تحضرا.

سيف الإسلام هو الابن الأكبر للعقيد الراحل من زوجته الثانية صفية فركاش، الممرضة التي تعرف عليها القذافي عام 1970 في مستشفى ليبية، حصل على بكالوريوس العلوم الهندسية في جامعة الفاتح في طرابلس ولقب بـ”المهندس سيف”، ثم أكمل دراسته في فيينا ولندن في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال، ويعتقد أن له علاقات شخصية بمسؤولين بريطانيين كبار منهم رئيس الوزراء الأسبق توني بلير.

ورغم أنه كان ينظر إليه كوريث الحكم بعد معمر القذافي، فإن سيف الإسلام كثيرا ما كان ينكر ذلك، واشتهر بتصريحه عام 2008 الذي قال فيه إن “ليبيا ليست مزرعة تورث”.

لكن مزاعم خلافة الحكم لم تأت من فراغ، فقد لعب سيف الإسلام دورا دبلوماسيا في ملفات خارجية عدة، وظهر في صورة الممثل الرسمي لليبيا.ونجحت “دبلوماسية المهندس” في حل بعض القضايا التي ظلت عالقة وعانت ليبيا بسببها، فقد لعب دورا مهما في الإفراج عن الفريق الطبي البلغاري في يوليو 2007، بعدما أمضى 8 سنوات في السجن في ليبيا، وفي إغلاق ملف تعويضات طائرة “لوكيربي” و”أوتا” اللتين اتهمت ليبيا في إسقاطهما.

وكان لسيف الإسلام، مثل والده، شطحات فلسفية في علاج بعض القضايا السياسية، منها أنه كان وراء اقتراح “إسراطين” لإقامة دولة واحدة في على الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية، كما لعب القذافي الابن أدوار وساطة في بعض الصراعات الدولية، وأهمها نجاحه في إيصال حكومة الفلبين وحركة “مورو” المسلحة إلى اتفاق سلام وقع في طرابلس عام 2001.

ومنذ الأيام الأولى في احتجاجات عام 2011 التي أدت إلى حرب حقيقية في ليبيا قتل خلالها القذافي، انخرط سيف الإسلام في السياسة كعادته، مدافعا عن نظام والده الذي حكم أكثر من 4 عقود، وعاش بعدها سنوات من الدراما شهدت محاولة هروب ومحاكمة وقرارا بالإعدام وعفوا، وأخيرا ترشحا للرئاسة.

ودخل سيف الإسلام دائرة الضوء بقوة أثناء الاحتجاجات، ولا تنسى المجموعات المسلحة التي قادت الحراك ضد والده في 2011 وصفه لهم بالجرذان، وتهديداته بسحقهم عن طريق الكتائب التي كان تدافع عن القذافي وأبنائه.

لكن بعد التدخل الدولي الذي قلب طاولة النزاع على القذافي، مما أدى إلى الإمساك به وقتله في العشرين من أكتوبر، حاول سيف الإسلام برفقة عدد من رموز نظام القذافي الهرب إلى النيجر، لكن ألقي القبض عليه في نوفمبر 2011.

وقضى القذافي الابن سنوات سجينا في الزنتان غربي ليبيا، وفي عام 2015 حكم عليه بالسجن غيابيا في محكمة في طرابلس.

لكن في يونيو 2017، أفرج عن سيف الإسلام بموجب قانون عفو أقره البرلمان الليبي في طبرق شرقي البلاد، إلا أن يعيش منذ ذلك الحين في مكان غير معروف، وحسب “رويترز”، كانت آخر مرة يشاهده فيها مراقب دولي مستقل في يونيو 2014.

وسيف الإسلام مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، في اتهامات بارتكاب “جرائم حرب”، تتعلق بقمع وإخضاع المعارضة لحكم والده، فيما يؤكد ممثلوه أنه لن يسلم نفسه للمحكمة.

سكاي نيوز

Exit mobile version