ألمح السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي إلى أن مختبر أبحاث في بريطانيا قد يكون مصدر غاز الأعصاب الذي استخدم في الهجوم على جاسوس روسي سابق وابنته في بريطانيا.
وقال السفير الروسي فلاديمير تشيزوف، في لقاء ببرنامج أندرو مار شو على بي بي سي، إن روسيا “لم تفعل شيئا” فيما يتعلق بتسميم ضابط المخابرات الروسي السابق سيرغي سكريبل وابنته يوليا، في بلدة سالسبيري.
وأوضح تشيزوف أن روسيا لم تخزن هذا النوع من السموم، كما أن هناك مختبرا للأبحاث العسكرية في بريطانيا وهو “بورتون داون لاب” بالقرب من المدينة التي وقع فيها الهجوم.
ورفضت الحكومة البريطانية تعليقات السفير الروسي ووصفتها بأنها “هراء”.
ولا يزال سكريبل، البالغ من العمر 66 عاما، وابنته في حالة حرجة داخل مستشفى بريطاني، منذ أن عثر عليهما في غيبوبة على مقعد في منطقة سالسبيري منذ 4 مارس/آذار.
حقيقة مختبر بورتون داون
وقالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، أمام أعضاء البرلمان إن مختبر أبحاث بورتون داون، وهو قاعدة للأبحاث العسكرية، تعرف على المادة المستخدمة في تسميم سكريبل وقال إنها جزء من مجموعة من غازات الأعصاب التي تستخدم في أغراض عسكرية تعرف باسم نوفيتشوك، وقد طورها الاتحاد السوفيتي في وقت سابق.
ما هو “غاز الأعصاب” وماذا يفعل؟
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إن خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية سيزورون بريطانيا، يوم الاثنين، لفحص عينات من غاز الأعصاب.
وتنفي الحكومة الروسية تورطها في الهجوم الذي استهدف سكريبل وابنته داخل بريطانيا.
وجاءت تعليقات السفير الروسي بالاتحاد الأوروبي في أعقاب تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي قالت إنه من المرجح أن تكون بريطانيا هي مصدر غاز الأعصاب المستخدم في الهجوم، بجانب جمهورية التشيك وسلوفاكيا والسويد أو حتى الولايات المتحدة وجميعها تصنع غاز الأعصاب نوفيتشوك.
وقالت زاخاروفا إن هذه الدول كانت تجري “أبحاثا مكثفة” على الغاز في أواخر التسعينات، وإن الكثير من العلماء في الاتحاد السوفيتي السابق انتقلوا إلى الغرب “ونقلوا التكنولوجيا التي كانوا يعملون عليها من قبل”.
ورفضت جمهورية التشيك مزاعم روسيا، وقال وزير الخارجية التشيكي مارتن ستروبنسكي “لا يوجد دليل على هذا الاتهام على الإطلاق” وانه “محض تكهن”.
وأضاف :”إنها طريقة كلاسيكية لاستغلال المعلومات المنتشرة في الفضاء العام، ونشر مزاعم تعتمد على التكهن بدرجة كبيرة لا دليل عليها على الإطلاق”.
وقال “المعلومات ظهرت بالفعل منذ عدة أيام على موقع سبوتنك الإخباري”.
كما رفضت السويد “بقوة” التلميحات الروسية حول امتلاكها هذا الغاز.
“سكريبل غير مطلوب في روسيا”
وأكد السفير الروسي في الاتحاد الأوروبي لبي بي سي على أنه يمكن الإشارة إلى سكريبل كونه “خائنا”، ولكن من وجهة النظر القانونية “فإن الدولة الروسية ليس لديها شيء ضده”.
وبسؤاله عن كيفية وصول هذا الغاز إلى ساليسبري، قال: “عندما يكون لديك عامل أعصاب أو أي شيء آخر، عليك فحصه ومقارنته بعينات معينة تحتفظ بها في مختبراتك”.
وأوضح :”مختبر بورتون داون ، كما نعلم الآن، هو أكبر منشأة عسكرية تتعامل مع أبحاث الأسلحة الكيماوية في بريطانيا، ويبعد في الواقع 12 كم فقط عن مكان الهجوم”.
وبسؤاله عن إذا ما كان يشير إلى أن بورتون داون “مسؤول” عن غاز الأعصاب المستخدم، قال تشيزوف :”أنا لا أعرف. ليس لدي أي دليل على أي شيء قد تم استخدامه.”
وقال إن عددا من العلماء الذين يزعمون أنهم مسؤولون عن إنتاج بعض مواد الأعصاب “تم إخراجهم من روسيا ويقيمون حاليا في بريطانيا” لكن لم تخرج أية مخزونات من الأسلحة الكيميائية من البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
“روسيا لا تمتلك غاز أعصاب”
وأضاف أنه لا يوجد في روسيا حاليا “مخزون من أي نوع من مواد الأعصاب”.
وقال إن روسيا توقفت عن إنتاج أسلحة كيماوية منذ عام 1992، ودمرت جميع مخزوناتها في العام الماضي.
ووصفت وزارة الخارجية البريطانية تصريحات تشيزوف عن مختبر بورتون داون بأنها “كاذبة تماما”.
وقال متحدث باسم الخارجية :”إنها مجرد محاولة يائسة أخرى من جانب روسيا لتحويل مسار القصة بعيدا عن الحقيقة، وقد خرقت روسيا بوضوح تعهداتها الدولية”.
ومن جانبه قال الخبير الكيميائي الروسي فيل ميرزيانوف، الذي كشف وجود غاز نوفيتشوك في التسعينيات وهرب بعد ذلك إلى الولايات المتحدة، إنه على قناعة تامة بان روس يا صنعت المادة المستخدمة في الهجوم.
وأضاف لبي بي سي :”روسيا هي من اخترعته، ولديها الخبرة وحولته إلى سلاح. إنها البلد التي اخترعت العجلة”.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، يوم السبت، إنها ستطرد موظفين بريطانيين من موسكو في غضون أسبوع، ردا على قرار بريطانيا طرد 23 دبلوماسيا روسيا.
تيريزا ماي اتهمت روسيا بالوقوف وراء الهجوم
وقالت أيضا إنها ستغلق المجلس البريطاني في روسيا الذي يروج للعلاقات الثقافية بين الأمم، وكذلك القنصلية البريطانية في سان بطرسبرج.
ورد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، بمقال في في صحيفة صن، يوم الأحد، إن عمليات الإغلاق “غير مجدية” وقال إنها “ستعاقب الروس العاديين فقط” بحرمانهم من الفرص لتعلم اللغة الإنجليزية والتقدم بطلبات للحصول على تأشيرات لزيارة بريطانيا.
وسيلتقي جونسون نظرائه في الاتحاد الأوروبي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، لإجراء محادثات في بروكسل، يوم الاثنين.
وقال ستولتنبرغ إنه يتوقع من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وزعماء آخرين إعادة تقييم ردهم على روسيا في قمة الناتو القادمة في يوليو/ تموز.
وقال لصحيفة فيلت أم سونتاغ الألمانية: “إن حادثة ساليسبري توضح نمطًا لاحظناه منذ بضع سنوات، وهو أن روسيا أصبحت لا يمكن التنبؤ بردود أفعالها وأكثر عدوانية”.
وقالت تيريزا ماي إن حكومة بريطانيا ستدرس خطواتها التالية “في الأيام المقبلة، بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا”.
وقالت: “إن رد روسيا لا يغير من حقائق الأمر، محاولة اغتيال شخصين على أرض بريطانية لا يوجد لها بديل آخر غير أن الدولة الروسية كانت مذنبة”.
وفي كلمة ألقتها أمام مجلس العموم الأسبوع الماضي، قالت ماي إن قرار اتهام موسكو يستند أيضا إلى “سجل روسيا في عمليات الاغتيال التي ترعاها الدولة وتقييمنا بأن روسيا تنظر إلى بعض المنشقين كأهداف مشروعة للاغتيالات”.
بي بي سي عربية