ما فعله ود الأمين يستدعي المساءلة

شخصياً لم أتفاجأ كثيراً بموقف ود الأمين، فقد كنت حاضراً لموقف مشابه لذلك المقطع الذي كان حديث السوشيل ميديا أمس، قبل أكثر من عشر سنوات تقريباً في حفل للموسيقار ود الأمين في نادي الضباط وحين عزفت الأوركسترا لحن أغنية زاد الشجون – نفسها – صعدت إلى المسرح فتاة عشرينية (بنطالية) الثياب وقدمت لود الأمين وردة تفاعلاً واحتفاءً بزاد الشجون، واستلم هو تلك الوردة فحياه الجمهور بـ(الصفافير) مثلما يمكن أن يتوقع أو يتخيل أي شخص يعرف أجواء الحفلات الجماهيرية وطبيعة تفاعل الجمهور مع الغناء والفنان وكل لطائف الحفل.. لكن ود الأمين أوقف الغناء فوراً وصرخ منفعلاً ومحتجاً على الجمهور يقول (نحن بنحرق أعصابنا عشان نعمل الغنا دا) وعبارات أخرى لا أذكرها بالضبط، لكنها عبارات لوم خشن جداً وتوبيخ للجمهور ثم عاقب جمهور الحفل بتوقفه عن الغناء ونزوله من المسرح.. الذي لم يعد إليه بعد (تحانيس)..!

ويمكن أن يكون ود الأمين فعلها في مرات أخرى سابقة لعهد السوشيل ميديا والوات ساب لا أعرفها ولا يعرفها الرأي العام، لكن حظ ود الأمين السيء هذه المرة أن (يضرب) مقطعه المتداول وينتشر ليشاهده عشرات الآلاف أمس ماضياً نحو ملايين المشاهدات داخلياً وخارجياً، لأنه من غرائب وعجائب مسارح الغناء في العالم.. هي سابقة غريبة وحادثة نادرة ومع احترامي لوجهات النظر حول هذا الموقف لكنني أعتبره غير قابل للتبرير إطلاقاً.. وأن ذات الذين يحاولون تبرير ما فعله ود الأمين بجمهوره في ذلك الحفل والمقطع سيّء الصيت لو حدث ذلك من فنان شاب سيكونون هم أول منتقدي هذا السلوك ويطالبون بمحاسبته.
في حين أن ما يمكن أن نستوعبه من أخطاء مثل هذه من فنان شاب ضعيف التجربة والعلاقة مع الجمهور لا يجب أن نغفرها لفنان كبير وصاحب علاقة طويلة مع المسارح وتجربة متراكمة مع أجواء الحفلات الجماهيرية.

حتى ولو أراد ود الأمين تنبيه جمهوره أو إبلاغهم برغبته في عدم تريد الأغنيات معه، فإن الأسلوب والطريقة التي تعامل بها محمد الأمين لم تكن طريقة لائقة أو مناسبة في التعامل مع الجمهور الذي كان الفنانون في السابق ينحنون أمامه وأمام جماهيرهم احتراماً وإجلالاً وتقديراً لهذا الجمهور وللفن.

ما فعله ود الأمين لم يعرفه التأريخ مع أي فنان سوداني من جيله أو أكبر منه ولا حتى على مستوى العالم من فنانين عالميين لهم أضعاف مضاعفة من حجم جماهير ود الأمين، يغنون معهم بل يكون هذا هو المطلوب إلا لمن حدثه غروره بغير ذلك.

ما فعله ود الأمين يستدعي مساءلته بواسطة اتحاد المهن الموسيقية أو اتحاد الفنانين بكونه كان غليظاً مع جمهوره وتصرف بطريقة لم تراع لأعراف التعامل مع الجمهور والتزاماته الفنية على المسرح، وأوقف الغناء بطريقة غير لائقة وبلا أسباب مقنعة.
حاسبوا الكبار بأشد مما تفعلوا مع الصغار حتى تعدلوا و(تستعدلوا) المسيرة.. فالجمهور أكبر وأهم من أي فنان.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

بقلم
جمال علي حسن
جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version