موافقة السودان على إدارة مشتركة لمنطقة حلايب و الخرطوم تنفي علمها.. والسؤال: من الذي يملك حق التنازل عن أرض سودانية؟

بحسب ما نقل موقع (أفريكا أنتلجينس) عن مصادر دبلوماسية موافقة الخرطوم على الإدارة السودانية المصرية المشتركة لمثلث حلايب المتنازع حوله، بينما يصر السودان على حقه في المنطقة التي تسيطر عليها القوات المصرية منذ العام 1994 محاولة أن تفرض سياسة الأمر الواقع في سعيها لمصرنة المنطقة التي تقطنها قبائل العبابدة السودانية، ومع تأكيدات سودانية على أنه لا تنازل عن شبر من الأرض المحتلة وربما للتأكيد على ذلك فإن الحكومة السودانية تجدد شكواها لمجلس الأمن بخصوص الموقف المصري دورياً في سياق التأكيد على أحقية السودان في أراضيه.

ينقل الموقع أن الاتفاق على فرضية الإدارة المشتركة للمنطقة إحدى القضايا التي حملها مدير جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل الذي زار الخرطوم الأسبوع الفائت والتقى خلالها برئيس الجمهورية ومدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق صلاح عبد الله، فيما نقلت مصادر أن الاقتراح جاء في ثنايا وساطة تقودها وكالة المخابرات الأمريكية من أجل تقريب وجهات النظر وحلحلة الخلافات بين الخرطوم والقاهرة وعلى رأس هذه الخلافات ما يجري في مثلث حلايب المحتل الذي تتعاطى معه الحكومة السودانية باعتباره قضية قومية حلها الوحيد هو مغادرة الجنود المصريين لها وإنهاء الاحتلال بحسب ما يقول والي ولاية البحر الأحمر على أحمد حامد الذي أدى صلاة العيد على مقربة من البوابة التي تقيمها القوات المصرية من على بعد خطوات من منطقة (أوسيف) التي تستضيف مباني محلية حلايب بصورة مؤقتة.

بالطبع لم تكن الدعوة لإقامة إدارة مشتركة للمنطقة هي الدعوة الأولى في سبيل السعي لإيجاد حلول مرض عنها من قبل الجانبين، ففي أوقات سابقة وتحديداً في فترة الرئيس المخلوع محمد مرسي بدأ تداول مصطلح منطقة (تكامل) على نطاق واسع باعتباره خيار بديل لخيارات المواجهة التي سرعان ما تشتعل بين دولتي وادي النيل، وأن نيرانها دائماً ما تبرز هناك في المنطقة المحتلة بالطبع لم تغير الدعوة للتكامل من الموقف السوداني الرافض للوجود المصري في المنطقة واعتبرها محاولة لشرعنة الاحتلال، وهو ما جعلها تنتهي إلى “لا شيء”، وتعيد ذات السؤال المتعلق بإمكانية الوصول إلى حل أخير للقضية.

بالنسبة لممثل دائرة حلايب السابق في البرلمان السوداني والقيادي بالمنطقة عثمان تيود، فإن المقترح بالإدارة المشتركة لا يعدو سوى كونه مراوغة مصرية جديدة في سبيل كسب ود السودان في أعقاب تداعيات سحب السفير في الوقت السابق، ويرفض تيود الدعوة للإدارة المشتركة وقبلها الدعوة للتكامل، ويردد: “مافي حاجة اسمها إدارة مشتركة دي أرض سودانية ومساحتها 300 كيلو متر لا تنقص شبر”، واعتبر تيود الدعوة محاولة مصرية من أجل منح السودان 28 كيلو والاحتفاظ ببقية المنطقة تحت الإدارة المصرية.

ويرى عيسى مصطفى عضو البرلمان من القائمة الحزبية لحزب التحرير والعدالة أن الاتفاق على معالجة مشكلة حلايب المحتلة من دولة مصر بإدارة مشتركة يعني التنازل عن حق مشروع والتفريط في السيادة الوطنية في حلايب والتنازل عن جزء من أرض السودان، وأردف قائلاً: “لو سمحنا بذلك سنكون عملنا سنةً سيئة في ضياع تراب الوطن وربما ينطبق الأمر على شلاتين وأبيي وغيرها”، وهذا بدوره سوف يشجع بقية دول الجوار للطمع في حدود السودان والاستقطاع من أراضي السودان وادعاء تبعيتها لهم، وتساءل: “لماذا نتنازل عن حلايب لمصر ومن هو الذي يمتلك حق التنازل عن أرض الوطن لدولة أخرى؟” وقال مصطفى في إفادة لمحررة “اليوم التالي” للشؤون البرلمالنية، أمس، إنه سيطالب باستدعاء الوزراء المختصين بهذا الشأن وإن دعت الضرورة سيقوم بالدعوة إلى عقد جلسة طارئة للبرمان لمناقشة هذه القضية المهمة والبالغة الأهمية التي تمس تراب الوطن، والوقوف ضد أي قرار غير سودانية حلايب.
ووسط توقعات بقمة مرتقبة بين الرئيس البشير والرئيس المصري السيسي بالقاهرة، فالمتوقع من أي لقاء سوداني مصري أن يتداول ما يجري في حلايب، وبالطبع فإن الموقف الثابت للسودان هو التأكيد على سودانية المنطقة، وأن الامر ليس مدخلاً للتنازلات بحسب ما أكد رئيس الجمهورية في أوقات سابقة، لكن في كل الأحوال فإن إثارة الموضوع في الوقت الراهن يطرح مجموعة من التساؤلات بمقاربته بالواقع السياسي في الشمال والجنوب معاً، فالرئيس المصري يخوض في الوقت الحالي استحقاق انتخابي لن يجد فيه منافسة، وان الدخول إلى مرحلة رئاسية جديدة عبر حلحلة القضية في حلايب من شأنه أن يدعم موقفه الجديد، وهو أمر حتماً يصطدم بالرفض السوداني.

اليوم التالي.

Exit mobile version