كتبتُ قبل نحو شهر بقلب موجوع عقب زيارة وفد من رجال الأعمال السودانيين يتقدّمهم البرلماني علي أبرسي، ليوغندا ومقابلتهم المُتلفزة للرئيس يوري موسيفيني بعيداً عن بلادهم التي غادروها مضطرين، ولولا أنهم أُخرِجوا من ديارهم جراء مناخ استثمار طارد لما خرجوا.
اليوم أكتب عن قصة نجاح أخرى في بلد مجاور نفض عنه ثوب الدعة والتواكل والفساد وحاصر المفسدين واضطر الناقمين من رجال الأعمال السودانيين إلى مغادرة وطنهم توجهاً إليه وإلى مناخ مفروش بالزهور والرياحين لا بالمعوّقين والفاسدين.
إنها إثيوبيا الناهضة التي يُقيم من عمالتها المنزلية في بيوتنا ربما الملايين، لكنها تسير بمعدلات نمو هي الأعلى في أفريقيا وربما العالم.
ماذا دهانا أيها الناس، ولماذا نعجز حتى عن استبقاء بني وطننا من رجال الأعمال، ناهيك عن المستثمرين الأجانب، وهل يجوز بل هل يستطيع من يعجز عن إقناع بني وطنه أن يُقنع المستثمرين الأجانب بالقدوم إلى السودان، وهل يملك فاقد الشيء أن يعطيه؟!
أكتب هذه المقدّمة الحزينة لأترككم مع الكلمات المنقولة التالية بعد أن حذفتُ منها ما هو أكثر إيلاماً علّها توقِظ في مسؤولينا شيئاً من الغيرة وتهزُّ فيهم حسّهم وضميرهم الوطني :
قصة صناعة نسيج أثيوبيا
وهروب رؤوس الأموال من السودان
قام رجل الأعمال السوداني وجدي ميرغني قبل شهر تقريباً بتوقيع عقد لإنشاء مصنع للنسيج في أثيوبيا عبر الذراع البريطاني لشركته Intrade ، سيُكلف المصنع حوالي 100 مليون دولار، علماً بأنه امتلك رخصة للتوسعة حتى 200 مليون دولار، وسيُقام المصنع في مدينة ميكللي الصناعية التي تم افتتاحها خلال الفترة الماضية، وهي المدينة الصناعية الثالثة التي تم افتتاحها في 2017 بعد مدن هواسا وكلوماشي، وسيكتمل بناء المصنع في غضون 18 شهراً ليوفر 1300 وظيفة للأثيوبيين. علماً بأن السيد وجدي أبدى رغبته في زراعة القطن في أثيوبيا. رغم إنه يقوم بزراعة نفس القطن في السودان، ولكن الفرصة التجارية لزراعته هناك أفضل علماً بأن السيد وجدي لديه استثمارات في قطاعات أخرى في أثيوبيا.
بعض الحقائق عن صناعة النسيج في أثيوبيا :
– استثمرت أثيوبيا 4.2 مليار دولار خلال 4 سنوات الماضية في مدنها الصناعية حتى الآن منها فقط 900 مليون في المدن التي افتتحتها في 2017م.
– يعمل حتى الآن في قطاع النسيج 80 ألف عامل، ويتزايد العدد سنوياً بعشرات الآلاف من الفرص بالنظر إلى أن أثيوبيا تخطّط لأن تصدّر ما قيمته 30 مليار دولار من الملابس والأنسجة في عام 2030 .
– في أثيوبيا سنوياً تزيد الصادرات ذات القيمة المضافة من النسيج والملابس والأحذية والزهور والأدوات الكهربائية واللحوم المصنّعة بنسبة كبيرة وتقل صادرات المواد الخام .
– خلال معرض باريس الأكبر للغزل والنسيج الشهر الماضي كان هناك جناح لإثيوبيا عرض 8 مصنعّين أثيوبيين فيه .
– بعض الماركات العالمية التي تصنع هناك Gap الأميركية – H&M السويدية – Tchibo الألمانية والعديد من الشركات مالكة لعشرات العلامات التجارية المعرفة مثل Calvin Klein و Tommy Hilfiger و Levi’s و Zara و Hugo و Boss
– أكثر من 150 مصنّعاً من الهند والصين يخططون لافتتاح مصانعهم هناك، ومن بين المصانع العاملة حالياً العملاق الصيني Jiangsu Sunshine Group
– العديد من صُنّاع الموضة مثل جورج أرماني وحتى ابنة ترامب يستوردون المواد الخام لخطوط موضتهم من أثيوبيا .
– الأهم نشطت حركة ضخمة لتعليم صناعة الموضة ومعاهد وكليات تتبع للجامعات الأثيوبية وللشركات العالمية للنسيج بهدف خلق جيل مستوعب للصناعة.
– لن يكون هدف 2030 بعيد المنال إذا علمت أن أثيوبيا تتفوق على أندونيسيا وفيتنام وبنغلاديش في الميزة النسبية لقربها من الأسواق ولرخص ووفرة العمالة وللطاقة الرخيصة من المصادر المتجدّدة من سدود ورياح ولانخفاض الضرائب- ولتجهيز البنية التحتية من قبل الحكومة.
– بالمناسبة وفقاً للبنك الدولي صادرات النسيج من بنغلاديش 28 ملياراً ومن فيتام 27 ملياراً ومن الصين 273 ملياراً في عام 2017.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة