تتباين آراء الاقتصاديين إزاء توجّه حكومة السودان في الآونة الأخيرة نحو الحصول على قروض وتسهيلات مصرفية لاستيراد سلع أساسية ومواد استهلاكية. إذ فيما يُرجّح كثيرون أن تفاقم هذه الديون أعباء الاقتصاد السوداني، يرى آخرون أنها ستؤثر إيجاباً في الاقتصاد وترفع من قيمة الجنيه وتوفر سلعاً وتختصر للحكومة واردات شهرين.
فقد كثفت الحكومة السودانية في الآونة الأخيرة جهودها للحصول على تسهيلات مصرفية وقروض لتوفير سلع أساسية، ووقعت اتفاقاً مع شركة “أوزترك” التركية لتقديم تسهيلات مصرفية بملياري دولار، من أجل استيراد مواد نفطية وسلع أساسية، إضافة إلى توقيع عقود مع 3 بنوك إماراتية للحصول على قرض مجمّع بقيمة 200 مليون دولار لتمويل استيراد سلع أساسية واستراتيجية.
كما سعت الحكومة إلى الحصول على قروض من مصرفين في لبنان وإيطاليا بقيمة 100 مليون يورو، لاستيراد القمح والأدوية، في وقت كشف المدير العام للبنك الزراعي في السودان (حكومي)، أن الخرطوم حصلت على موافقة من أكبر البنوك الروسية على منح تسهيلات وقروض ائتمانية بمبالغ ضخمة من دون سقوف خلال عام 2018.
وعلى رغم جدلية القروض الربوية، إلا أن هيئة علماء السودان أجازت في السابق قرضاً من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بـ200 مليون دولار، لتمويل مشروع الروصيرص الزراعي.
ويدحض الاقتصادي والنائب البرلماني، بابكر محمد توم، كل حجج الحكومة، ويقول لـ”العربي الجديد”، إنها تورطت منذ أول قرض سلعي (للقمح) من أميركا، ولم تستطع سداده حتى الآن، ويؤكد وجود ذوبان لقروض كثيرة من دون أن تحقق منفعة، ما يزيد من أعباء الاقتصاد.
أما الاقتصادي إبراهيم عثمان، فقال: “إذا تم توجيه القروض إلى مشاريع استثمارية، فسيكون لها عائد جيد، وبخلاف ذلك، ستصبح ديوناً هالكة لا بد من معرفة كيفية توظيفها”، مبيّناً أن السودان يتمتع بموارد لا تحتاج إلى قروض بل إلى تقليل الإنفاق الحكومي.
ويرى البروفسور عصام عبدالوهاب بوب، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أنه “في حالة الاقتصاد المعافى والمنتج، تكون القروض عبارة عن رؤوس أموال لتمويل مشاريع أو الاستخدام الآني مع وجود ضمانات السداد بحسب برنامج يُتفق عليه. لكن تظل المشكلة في تعارض بعضها مع أحكام الشريعة، فكلها بهامش ربح أو فائدة”.
لكن الدكتور خالد التجاني النور، يقول لـ”العربي الجديد”، إنه “لا توجد شفافية حتى الآن في حجم القروض، ولتكون سارية يجب إجازتها من البرلمان”، وأضاف: “كلها مجهولة الاستخدامات في ظل غياب تام للمعلومات، الأمر الذي يطرح تساؤلاً حقيقياً من ناحية فنية”.
مصدر مطلع في بنك السودان المركزي، قال لـ”العربي الجديد”، إن “من آثار الديون السالبة مفاقمة ديون السودان التي وصلت حالياً إلى 56 مليار دولار، إلا أن البنك المركزي لا يستطيع نشر ذلك، لأنه يؤثر سلباً في جذب قروض جديدة”، وقال: “لا يوجد احتياطي نقدي، والخزينة فارغة، لذا لن يستطيع البنك التوقف عن جذب قروض”.
وقال وزير التعاون الدولي، إدريس سليمان، في حوار مع “العربي الجديد”، إن الديون الخارجية تمثل عقبة أساسية أمام جلب قروض جديدة لبناء بنية تحتية، مبيناً أن الديون عقبة تعوق إحداث تنمية حقيقية في السودان.
العربي الجديد