وصف علم الفلك في كثير من الأحيان بأنه أقدم العلوم، حيث ألهم الناس لآلاف السنين ويبدو أن الآثار القديمة مثل أهرامات الجيزة تتماشى بدقة مع حالات تموضع القمر والشمس في الأفق.
واليوم، يوجد الكثير من المحاولات لتخيل كيفية قيام القدماء ببناء وتوجيه مثل هذه الهياكل، ما أدى إلى العديد من الافتراضات. ويقترح البعض أنه يوجد لدى البشر ما قبل التاريخ بعض المعرفة في الرياضيات والعلوم للقيام بذلك، في حين ذهب آخرون إلى حد التكهن بأن الزوار الأجانب المحتملين، أظهروا لهم كيفية بناء الأهرامات القديمة.
وتعتبر أهرامات مصر من أكثر الآثار القديمة إثارة للإعجاب، وقام عالم المصريات، فلندر بيتري، بإجراء أول مسح دقيق للغاية لأهرامات الجيزة في القرن التاسع عشر. ووجد أن كل من الحواف الأربعة لقواعد الأهرام، تشير إلى اتجاه أساسي في حدود ربع درجة.
ولكن كيف عرف المصريون ذلك؟
مؤخرا، اقترح غلين داش، الذي يدرس أهرامات الجيزة، نظرية بهذا الخصوص، وهو يعتمد على الطريقة القديمة في “الدائرة الهندية”، التي تتطلب عصا ظل خيطية وسلسلة لإنشاء اتجاه من الشرق إلى الغرب. وقد أوضح كيف يمكن استخدام هذه الطريقة في بناء الأهرامات.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يتوصل فيها العلماء إلى استنتاجات حول نهج علمي يطبق على حضارات الماضي. ونحن نحتاج إلى تضمين مقاربات مختلفة من تخصصات أخرى لدعم الأفكار المقدمة.
واقترحت دراسة من عام 2001 أن النجمين، Megrez وPhad، في الكوكبة النجمية المعروفة باسم Ursa Major، ربما كانا المفتاحين المرتبطين بطريقة محاذاة الأهرامات. ويمكن أن يكون أدنى مستوى للنجمين في السماء ليلا، علامة على تحديد الشمال باستخدام أداة ضبط الوقت القديمة، التي تضم شريطا يعلق على مقبض خشبي لتعقب محاذاة النجوم.
وتكمن فائدة هذا التفسير في أنها ترتبط بميثولوجيا نجوم استُخدمت لإنشاء نقوش في معبد حورس في إدفو. وتشمل تفاصيل استخدام أداة “merkhet” للمسح (تقنية تفسر توجه المواقع المصرية الأخرى) الكتابة بالنقش الهيروغليفي “the Bull’s Foreleg”.
ويمكن الإشارة إلى ممارسات مماثلة متعلقة بالآثار التي عُثر عليها في مدغشقر، ما يوحي باحتمال كونها طريقة شائعة اتبعها البشر ما قبل التاريخ.
وساعد علم الفلك الثقافي أيضا في إلقاء الضوء على مقابر عمرها 6 آلاف عام، وهو نوع من المقابر يتألف من غرفة تتضمن حجارة متصلة ومدخلا ضيقا طويلا في البرتغال. وأظهر عالم الآثار، فابيو سيلفا، كيف أن الرسومات داخل المدافن تؤطر الأفق، حيث يرتفع نجم Aldebaran فوق سلسلة من الجبال.
وفي حين أنه من السهل الافتراض أن الأشخاص الذين يعود تاريخهم إلى ما قبل التاريخ، كانوا علماء فلك تحليليين يتمتعون بمعرفة كبيرة بالعلوم، فمن المهم أن نتذكر أن هذا لا يعكس سوى وجهات نظرنا الحديثة عن علم الفلك.
وتُظهر النتائج التي تم الحصول عليها من علم الفلك الثقافي، أن الناس في الماضي كانوا في الحقيقة يراقبون السماء، حيث دمجوا ما رأوه في جوانب عديدة من حياتهم.
روسيا اليوم