* يحتم المنصب العام، خاصة إذا كان رفيعا كمنصب الوزير أو رأس الدولة على شاغله وأفراد أسرته ضرب القدوة والمثل للمسؤولين والشعب، خاصة فى السلوك الشخصى، فلا يبدو عليهم الكبر والزهو والخيلاء والتكبر والتفاخر، وإلا بعدوا عن قلوب الناس، أو إتخذهم الجهلاء مثلا لهم .. فينتشر التفاخر والاسفاف فى المجتمع فيفسد وينهار، خاصة إذا كان مجتمعا ناميا أو فقيرا فى حاجة لكل قرش وجهد وتعاضد من أجل التنمية والبناء !!
* رغم المصائب الكبيرة التى ابتلى بها شعبنا فى السنوات الاخيرة، مثل المظهرية والتفاخر الزائد عن الحد، إلا أن الغالبية ظلت على صفاتها الجميلة، فإذا توفى جار فى الحى (مثلا)، لا يتردد الجيران فى إلغاء حفل زواج تصادف مع الوفاة، أو نقله الى أى مكان آخر، أو التصرف بما يليق بالموقف الحزين!!
* ولقد اعتدنا فى مناسبات الزواج ومنذ زمن طويل، على اختصار المراسيم، فمعظم الولائم التى كانت تصاحب العقودات ألغيت، واكتفى الكثيرون بإجراء العقد فى المساجد، كما ألغيت الكثير من المظاهر الأخرى، مثل فتح الخشم وسد المال والحنة والجرتق التى كانت تقام لها ولائم منفصلة عن ولائم الزواج ..إلخ!!
* صحيح أن البعض لا يزال يتمسك بهذه المظاهر، كما عاد البعض لممارستها بشكل بذخى مظهرى تشمئز منه النفوس، إلا أن الاغلبية الساحقة ظلت تحافظ على وسطيتها، وإن كانت فى نظر الكثيرين، وأنا منهم، فى حاجة لاعادة نظر حتى تتلاءم مع الظروف الصعبة التى تعيشها البلاد ويعانى منها الكثيرون، والتخفيف عن الاسر وتشجيع الشباب على الزواج وحماية المجتمع من المظاهر الضارة !!
* لقد شاهدنا فى الايام الماضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الالكترونية صورا فوتغرافية لمظاهر البذخ الفاحش فى زواج إبنة شقيق رئيس الجمهورية، التى فاقت التصور، وبذت مظاهر حفلات الامراء والاثرياء ونجوم السينما فى البلاد الثرية، وكان من المؤسف أن يكون رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة على رأس الحاضرين، مما أثار التقزز فى نفوس الكثيرين، خاصة تحت ظل انهيار اقتصادى عارم إضطرت معه الحكومة للإستدانة بشروط مجحفة من المرابين وسماسرة القروض، وحرمان الكثيرين من ابسط حقوقهم المالية والتصرف فى اموالهم المودعة فى المصارف!!
* لقد كان من الواجب على رئيس الجمهورية أن يمتنع عن حضور هذا الحفل المظهرى الفاحش، إن لم يكن راغبا فى منعه، مراعاة لمشاعر الاغلبية المحرومة، خاصة أنه ظل فى العديد من المناسبات، يوجه باختصار اجراءات ونفقات الزواج تسهيلا على الشباب واقتداءً بالسلف الصالح !!
* وعلى ذكر السلف الصالح .. نذكر بإحدى روائع الخليفة العادل (عمر بن عبدالعزيز)، الذى بلغه أن ابناً له اشترى خاتماً بألف درهم، فكتب إليه: “بلغني أنك اشتريت خاتماً وفصّه بألف درهم، فإذا أتاك كتابي هذا، فبع الخاتم، وأشبع به ألف بطن، واتخذ خاتماً بدرهمين، واجعل فصّه حديداً، واكتب عليه: رحم الله امرءاً عرف قدره”. .. شتان ما بين عمر وعمر !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة