رغم احتلال وفاة العالم الشهير ستيفن هوكينغ، والإجراءات البريطانية ضد روسيا لاتهامها بالضلوع في اغتيال عميل مزدوج للعناوين، فإن تغيير رئيس أكبر دولة في العالم لوزير خارجيته، ظل الحدث الأهم في الأخبار وموضوعا للتحليلات والتعليقات.
السبب المباشر لإقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، هو ما ذُكر عن خلفه مدير المخابرات السابق مايك بومبيو “إنه والرئيس على نفس الموجة”.
لكن تيلرسون على ما يبدو لم يكن على “أي موجة”، كما ذكرت تقارير كثيرة في سبتمبر العام الماضي، حين سرت شائعة قوية بأن ترامب أقال تيلرسون.
فبعد عام ونيف في وزارة الخارجية، كان تيلرسون -على حد قول أحد المعلقين- قد “استعدى كل من كان عليه أن يحظى بدعمهم”، بدءا من الرئيس والبيت الأبيض، وانتهاء بموظفي الوزارة التي يرأسها، مرورا بأعضاء الكونغرس من الحزبين.
الإعلام
حتى الصحافة والإعلام لم تجد شيئا إيجابيا تقوله عن تيلرسون، رغم محاولات تمييزه عن ترامب الذي يتخذ منه الإعلام الأميركي موقفا سلبيا.
فقد بدأ تيلرسون عمله بالتوقف عن اصطحاب الصحفيين معه في مهامه الخارجية، ولم يتمكن كثير من كتاب ومحللين مختصين في الشؤون الخارجية من الحديث إليه.
وقبل أشهر قال توم فريدمان، الكاتب المختص بالشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز: “عندما أحتاج للتفكير في، أو مناقشة، سياسة الولايات المتحدة الخارجية الآن، أذهب إلى أشخاص في البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)”.
جاء ذلك بعدما طلب فريدمان من المتحدث باسم تيلرسون، إن كان بالإمكان لقائه للحديث معه، حتى ليس للنشر، مرتين دون استجابة.
وزارته
وقد ركزت الصحافة على عدد كبار الموظفين من خيرة الدبلوماسيين المهنيين في وزارة الخارجية الذين استقالوا منذ تولي تيلرسون.
ويجمع الكل على أن الرجل أحاط نفسه بعدد قليل من مساعديه لا يستمع إلا لهم ويتجاهل البقية، وبعض هؤلاء البقية من مخضرمي السياسة الخارجية.
وحتى دوائر السياسة الخارجية شبه الرسمية، من مراكز الأبحاث والدراسات، فلا يتلقى منها أي مشورة أو يستمع لأحد.
وربما كان الأخطر، والذي يكاد يكون “قلب وزارته عليه”، هو خطته التقشفية لتقليص ميزانية الوزارة بنحو الثلث، وهو ما اعترض عليه حتى رجال الكونغرس من الحزب الجمهوري، خاصة في لجنة الشؤون الخارجية.
وعلق أحدهم بأنه لو كان الوزير يدير شركة تجارية فلا يمكنها أن تعمل بهذا القدر الهائل من خفض الميزانية.
البيت الأبيض
يعلق الكل في واشنطن، خاصة موظفو البيت الأبيض، على ما تسمى “حكايات مارغريت”، في إشارة إلى كبيرة موظفي تيلرسون مارغريت بيترلين، التي لطالما أثارت تصرفاتها الغضب والسخرية معا.
فهي تعمل على إبقاء الرجل بعيدا عن الكل، حتى أنها مرة أصرت على التدقيق في طلب كوندوليزا رايس الاتصال بتيلرسون.
ولا يخفى التباين الدائم بين تيلرسون ورئيسه، تقريبا في كل قضايا السياسة الخارجية للإدارة الأميركية الجديدة: من الاتفاق النووي مع إيران، إلى تهديدات كوريا الشمالية، مرورا بقضايا أخرى كثيرة، مثل أزمة قطر وتعليقات تيلرسون السلبية تجاه السعودية والدول الداعمة لمكافحة الإرهاب، والتي بدت كأنها تعليقات قطرية.
لكن الأهم ربما، والذي لا يركز عليه الإعلام، أن ترامب أتى برجل الأعمال، وأصله من تكساس، ليكون ذراعه اليمنى في “إبرام الصفقات”، لما اشتهر عن الرجل إبان رئاسته لعملاق الطاقة إكسون موبيل من أنه رجل صفقات.
لكن تيلرسون فشل في كل ما كان مأمولا منه على مدى أكثر من عام، فلا هو اتفق مع الأوروبيين على خطوات لتعديل الاتفاق النووي مع إيران، ولا هو جاهز للتعامل مع احتمالات اتفاق مع كوريا الشمالية، ولا نجح في إقناع قطر بالتخلي عن سياستها في دعم الإرهاب وزعزعة استقرار جيرانها، ولا حتى برر مواقف بلاده من قضايا كثيرة من اتفاق المناخ إلى اتفاقيات التجارة.
من هم أصدقاء تيلرسون؟
فلاديمير بوتن، هيوغو تشافيز، الشيخ حمد بن خليفة، وغيرهم من أمثالهم.
تلك هي الصداقات القوية للرجل الذي جاب العالم موظفا كبيرا، ثم رئيسا لأكبر شركات الطاقة الأميركية، حتى أن الرئيس بوتن منحه وسام الصداقة الروسية.
ففي 1998 تولى تيلرسون مسؤولية أعمال إكسون موبيل في روسيا وبحر قزوين، ليقود بعد ذلك اتفاقا مع عملاق الطاقة الروسية روزنفت.
وبعد عامين بدأ التنقيب المشترك في الجزء القطبي لروسيا، ولم يتوقف ذلك إلا مع فرض عقوبات أميركية على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا في 2014.
ويصف البعض علاقة تيلرسون ببوتن، بأنه لم يكن لشخصية أميركية تلك الدرجة من العلاقة سوى هنري كيسنجر. كذلك كانت علاقته بحاكم فنزويلا الراحل هيوغو شافيز، الذي كان من ألد أعداء الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية.
أما علاقته بالعائلة الحاكمة القطرية فتمتد لأكثر من عقدين، وبلغت ذروتها في الوقت الذي كانت وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الأمن والمعلومات الأميركية تطالب قطر بالتوقف عن إيواء وتمويل الإرهابيين، الذين يستهدفون المصالح الأميركية، بل وحياة الأميركيين وحلفائهم.
سكاي نيوز