تمويل عقاري للمغتربين من السودان .. من يُقبل عليه ؟

لطالما كان حلم امتلاك منزل، يراود كل مغترب باعتباره مشروعاً للمستقبل، إلا أن ذلك ظل يحاط بجملة من العقبات على رأسها منع التمويل العقاري.. لتدور الاستفهمات حول مبررات الخطوة في هذا التوقيت، وجدواها في ظل وجود أسعار مغريه بالسوق الموازي للعملة.

بنك السودان المركزي سمح بالتمويل العقاري للمغتربين، بعد أن تم حظر تمويل العقارات والسيارات قبل سنوات.. وبحسب منشور محافظ البنك المركزي حازم عبد القادر فإن بنك السودان قرر تمويلاً عقارياً للمغتربين عقب توجيه من الرئيس البشير خلال اجتماعات متابعة وضبط سعر الصرف.

وبموجب المنشور يسمح للمصارف بتقديم خدمات التمويل العقاري للسودانيين العاملين بالخارج، وطبقاً للمنشور فإنه تم اتخاذ القرار بعد التشاور مع جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج واتحاد المصارف السوداني وصندوق الإسكان.
وسيكون بمقدور المغتربين الحصول على تمويل شراء أرض سكنية أو عقارات جاهزة أو تمويل تشييد مباني، وذلك بكل ولايات السودان حسب رغبة طالب التمويل. وأوضح حازم أن توفير سكن للمغتربين يعني جذب مدخراتهم ومواردهم إلى داخل البلاد وضخها في شرايين الاقتصاد الوطني، ما يمنحهم فرصة للعب دور أكبر في التنمية والاستقرار الاقتصادي إضافة لأدوارهم السابقة.
نائب الأمين العام لجهاز المغتربين د. عبد الرحمن سيد أحمد يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن المسكن يمثل واحداً من أهم احتياجات المغتربين، وأسباب دوافع الهجرة بجانب تحسين الوضع الاقتصادي وتعليم الأبناء، واصفاً القرار بالجيد جداً..
واعتبر سيد أحمد أن فتح التمويل العقاري للمغتربين سيكون له آثار إيجابية للمغتربين بتحقق مطالبهم، خاصة وأن التمويل بالتقسيط يساعد الكثيرين في تحقيق أهدافهم، خاصة الذين لا يستطيعون توفير مبالغ كبيرة لشراء العقارات. وأضاف: “القرار وضع خيارات كبيرة للمغترب سواء كان ذلك شراء شقة أو قطعة أرض أو منزل، بحسب إمكانيات المغترب”..
ويرى نائب الأمين العام للمغتربين أن القرار يفيد المغتربين والاقتصاد، لجهة أن سداد الأقساط يتم عبر السعر التأشيري لبنك السودان المركزي، مما يسهم في زيادة تدفق النقد الأجنبي وتخفيض تكلفة البناء وأسعار مواده”.
فيما استبعد المصرفي محمد عبد العزيز في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن تكون هناك أي نتائج إيجابية كبيرة للقرار، خاصة وأن سعر السوق الموزاي أعلى من السعر الرسمي للدولار، وأضاف: من الأسهل للمغترب أن يبيع ما يملكه من نقد أجنبي في السوق الموازي ليشتري ما يريد من عقار دون الدخول في التمويل العقاري من البنوك.

عبد العزيز اعتبر القرار حلاً جزئياً للمشكلة عبر نظرة ضيقة، لجهة أن البعض يمكنه أن يستفيد منه فقط. داعياً إلى تحديد ما يمكن أن يحققه من آثار إيجابية للاقتصاد، وأن يكون التمويل العقاري لكافة المواطنين وليس المغتربين فقط، بالإضافة إلى زيادة الحوافز المشجعة بشكل أكبر للمغترب تغريه لتحويل أمواله عبر البنوك.
من جانبه اعتبر الخبيرالاقتصادي د. محمد الناير في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الخيار الأفضل تمليك المغتربين وحدات سكنية جاهزة لللسكن الرأسي، وأضاف: “على الدولة أن تتولى هذا البرنامج وتطرحه للمغتربين بشروط سداد ميسّرة بالعملة الأجنبية عوضاً عن فتح التمويل العقاري عبر البنوك، إضافة لإعفاء جمركي جزئي أو كلي لسيارات المغتربين لضمان تشجيع تحويلاتهم بالعملة الأجنبية بالكامل”.
وشدد الخبير الاقتصادي وزير الدولة بالمالية الأسبق عز الدين إبراهيم على وجود آلية للسداد متسائلاً “هل ستكون هناك بنوك في الخليج تقبل التحويل للسودان خاصة وأنه ما تزال ظلال المقاطعة الاقتصادية موجودة؟” ويرى في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن المغترب سيكون من الأفضل له استمرار تحويل أمواله من النقد الأجنبي عبر السوق الموازي باعتباره مغرياً، وأضاف: “فكرة فتح التمويل العقاري جيدة فالقرار يشجع تحويلات المغتربين بصورة محدودة فقط”، مشيراً إلى أن كثيراً من المغتربين لهم إشكالات في متابعة البناء، لذا فمن الأفضل أن تكون هناك مبانٍ وشقق جاهزة للمغتربين للتمليك، خاصة وأن هناك إغراءات بامتلاك شقق في الخليج كما أن بعض الدول الأخرى مثل كندا تمنح الحق في الإقامة مقابل شراء العقارات.

قرار متأخر:
ويرى الخبير المصرفي مدير البنك السعودي السوداني السابق د. عبد الرحمن أبو شوره أن القرار تأخر كثيراً، لأنه يمثل خطوة مشجعة للمغتربين، وتابع: “كان يجب السماح لكل المواطنين بالتمويل العقاري”، وأشار في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن القرار يشجع المغتربين في تحويل مدخراتهم بالنقد الأجنبي للسودان. لافتاً إلى أن التحويل بالسوق الرسمي لشراء العقارات مناسب خاصة وأن المغترب في حال باع ما يملكه من نقد أجنبي في السوق الموازي سيشتري أيضاً مواد البناء بسعر مرتفع.
وأكد عبد الرحمن أن التمويل العقاري يساعد في تحريك قطاع الإنشاءات والاقتصاد مشيراً إلى أن هناك محاولات سابقة من جهاز المغتربين لبيع أراضٍ للمغتربين أسهمت في دخول تحويلات المغتربين للبلاد، وتابع: “لابد أن تكون هناك مؤسسات مسؤولة عن تنفيذ الإنشاءات التي سيتم منحها للمغتربين، خاصة وأن هناك شكاوى سابقة من بيع الأراضي للمغتربين، وأضاف: “إلا أن القرار الحالي يترك الاختيار للمغترب في شراء الأرض والبنك يساعده في التمويل”.

خطوة تحتاج خطوات
نائب المدير العام للصندوق الوطني لدعم العودة الصادق محمد أحمد إسحق يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن قرار فتح التمويل العقاري للمغتربين خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، واستدرك: “لكن كان المفترض ألا تأتي منفردة وأن تكون ضمن حزمة متكاملة تشمل إلى جانب التمويل العقاري إعفاء معدات المهن من الجمارك وإعفاء السيارات بنسب متفاوتة حسب سنوات الاغتراب وما يلتزم المغترب بتحويله من مبالغ أو ودائع على أن تسدد الجمارك بالعملات الأجنبية.. روشتة الصادق تواصلت بمطالبته بطرح أسهم في بعض المؤسسات والشركات الناجحة للمغتربين على أن يسددوا قيمة الأسهم بالعملات الأجنبية أيضاً مثل شركات السكر وشركات الاتصالات، هذا بالإضافة إلى تجهيز المشاريع والمزارع والمصانع وتمليكها للمغتربين على أن يسددوا قيمتها أو الأسهم فيها بالعملات الأجنبية، وتكوين محافظ من مدخرات المغتربين وتوظيفها في تمويل بعض المشاريع ومدخلات الإنتاج بنسب أرباح لا تقل عن ٢٠℅. بما يهدف للوصول إلى الغايات الكبرى من الاقتصاد المهاجر.

الخرطوم: الطيب علي
السوداني

Exit mobile version