زواج بدون كاش أو كلاش

قلبي على الشباب أكثر مما هو على »الشيّاب«، ليس لأن الشباب أمل المستقبل، فليس هناك مستقبل أو بطيخ، ولكن لأن من حقهم التمتع بفرص التعليم والعمل والزواج، وأعرف أن هناك ملايين الشباب العربي الذين يودون الزواج وتكوين الأُسر، ولكن شحّ الإمكانات المادية يقف حائلاً دون تحقيق ذلك الحلم، وقد سبق لي أن أبلغت قرائي من الشباب الطامح للزواج إلى ذلك المليونير الصيني، الذي نشر إعلانا يطلب فيه من الراغبين في الزواج تقديم أوراق اعتمادهم للاقتران ببنته التي سترث ثروته، وكانت اشتراطاته مُيَسّرة، ولم أتابع الموضع لأعرف هل فاز أحد أولادنا بالعروس، كي لا يشك أحد في أنني طامع في عمولة.
وأبشر المنتمين إلى تلك الفئة بأن المسألة فُرجت مجددا، وأن أبا الجعافر لديه الحل وربما »العقد« والكلمة الأخيرة هنا تعني عقد الزواج: عندي عروس حلوة -وقد رأيت صورتها- يعني ليست من أفراد عائلتي كي لا أتهم بالسعي لتصريف بنات العائلة، وقد تقول إن البنات الحلوات متوافرات بالطن المتري! طوّل بالك واقرأ بقية المواصفات التي ستجعل ريالتك تجري من الأذن والأنف والحنجرة: من يتزوج بهذه الفتاة سيتسلم 120 ألف دولار أمريكي كاش داون أي عدّاً نقداً!! شفت شلون؟ وأزيدك من الشعر »عدة أبيات«، ومع الدولارات بيت كامل مفروش بأفخر الأثاث، ولست مطالباً بشراء أي هدية من أي نوع للعروس، ولا حتى دبلة زواج لنفسك أو لها، وحتى نفقات السفر إلى بيت العروس للخطبة والزفاف يتحملها أهلها، علماً بأن أهل العروس يقيمون في الصين لسبب غريب، وهو أنهم صينيون، وليس معنى هذا أن عيني العروس ضيقتان! لا فكما قلت لكم فقد رأيت صورتها )هل سمعت بالبدوي الذي قابل صينياً لأول مرة في حياته وقال هامساً: بسم الله الرحمن الرحيم، شلون يمشي وهو نايم؟(.
المهم أن تذاكر السفر على أهل العروس! وليس هذا كل شيء، فأجمل ما في هذه الزيجة أنك لست مطالباً بأي شيء تجاه العروس، يعني لست مطالباً بعد الزواج بالذهاب إلى البقال أو الصيدلية أو الجزار أو المخبز، أو متاجر بيع الملابس أو الخياط، أو العيادات الطبية )ومن الثابت علميا أن العيوب الصحية الكبيرة لأي بنت لا تظهر إلا بعد الزواج، ويتم التكتم عليها قبل الزواج، ربما لاتهام الزوج لاحقا بأنه سبب مرضها(.
كل هذه الإعفاءات والمغريات، ليس فقط لأن أهلها أثرياء وليسوا في حاجة إلى شخص كحيان مثلك، ولكن لأن العروس عينها مليانة!! بالتحديد مليانة بالتراب!! نعم التراب، فقد توفاها الله مؤخرا عن 28 سنة، ولكن والديها قررا تزويجها لأنهما يعتقدان أنها بحاجة إلى أنيس!! لا تفهمونا غلط، وتعتقدوا أنه سيتم قتل العريس ليكون قريباً من العروس ويؤنس وحدتها! لا، فوالداها يعتقدان أن مجرد وجود زوج حي للبنت سيجعلها مرتاحة في قبرها، ومن ثم دفناها بملابس الزفاف، وكل ما هو مطلوب منك إذن هو أن تعيش في البيت الذي أعدّه أهلها والذي يحوي كافة ملابسها وأشيائها الخاصة، وتقضي كل لياليك في غرفة النوم!! ولو كنت تملك أي قدر من الذكاء لأدركت أن الشرط »التعسفي« الوحيد في هذه الزيجة هو أنه لا مجال للطلاق! يعني لا تحسب حالك »ذكي«، وتستلم الكاش والبيت المفروش وتخلع بعد كم أسبوع أو شهر أو سنة! لا يا حبيبي، »سيك، سيك مُعلق فيك«، كما نقول في السودان عن الأمر الذي يبقى معلقاً في رقبتك ولا مخرج منه سوى الموت!! المهم فكر في الموضوع: هل تتزوج بامرأة ميتة وتتبحبح نهاراً بنقودها، وتولول ليلاً عندما تزورك في الكوابيس، أم تتزوج بواحدة حية وتولول ليل نهار، ثم تتسبب في موتها جوعاً وبهدلة؟ لك القرار.
* كلاش= صدام ومعارك

زاوية غائمة
جعفر عبـاس

Exit mobile version