سنوياً، ودون سبب واحد منطقي يفاجأ بعض تلاميذ مرحلة الأساس الذين يجلسون لامتحان شهادة الصف الثامن وأيضاً طلاب الشهادة الثانوية في أول يوم للامتحانات بزيارات وفود رسمية تضم غالباً والي الولاية ومعتمد المحلية ومجموعة من أفراد الشرطة بالإضافة لموظفين في وزارة التربية والتعليم وآخرين، هؤلاء جميعاً يتزاحمون على التلاميذ والتلميذات الذين لم يسبق لبعضهم أن واجهوا مسؤولاً وجهاً لوجه، لكنهم داخل حجرات الامتحانات يجدون أنفسهم أمام فلاشات الكاميرات التي دائماً تأتي رفقة المسؤولين وأيضاً يضطر التلاميذ لسماع تعليقات لا قيمة لها من الوفد المرافق والحاشية، مما يضاعف رهبتهم ويفقدهم التركيز ويؤثر سلباً على أداء بعضهم في الامتحان.
عديمة الجدوي
المؤسف أن هذه الزيارات التي توصف بأنها تفقدية لمراكز الامتحانات وبعض المدارس صارت عبئا ثقيلا على التلاميذ وتقليدا للمسؤولين حسب عبيد مبارك معلم بمرحلة الأساس، حيث يصفها عبيد بعدم الجدوى وأنها تلحق ضرراً بليغاً بالتلاميذ وتتسبب في تشتيت تركيزهم وتخرجهم من جو الامتحان، ويضيف عبيد متسائلاً: “ما هي الفائدة التي تجنيها طفلة صغيرة جاءت من منزل أسرتها مرتعبة لحضور أولى الجلسات، من دخول الوالي أو المعتمد وحاشيته عليها في حجرة الإمتحان، وكم من زمن الامتحان المحدد بساعتين أو ثلاث ساعات يضيع من بين يدى التلاميذ بسبب هذه الزيارة غير المبررة، الحقيقة، ليس هنالك وصفاً مناسباً يمكن أن يطلق على زيارة المسؤولين لحجرات الامتحانات سوى أنها زيارات غير مبررة كما وصفها عبيد مبارك، الذي لم يكتف بإدانتها من موقعه كمعلم بل طالب وبشدة وزارة التربية والتعليم بإصدار قرار بمنعها وتجريمها ومعاقبة من يقوم بها لاحقاً.
أضرار بالغة
المدهش في الأمر أن بعض المسؤولين لا يكتفون بالدخول فقط لحجرات الامتحانات ويخرجون منها بصمت بل ينبري أحدهم ويقدم خطبة عصماء للتلاميذ فيتسبب في التشويه وزيادة الضغط النفسي عليهم وهذا ما جعل أحمد علي (معلم بمرحلة الأساس بولاية شمال كردفان) يعلق على الأمر بقوله: “لا غرابة لو كان المسؤولون يقومون بزيارة خفيفة وغير لافتة لمراكز الامتحانات، لكن الضرر يلحق بالتلاميذ المتحنين حين يتحدث إليهم المسؤول، أو ينظر في ورقة أحدهم لأن القاعدة التربوية تلزم المراقب نفسه وهو معلم بالطبع بعدم التحرك كثيراً وسط الحجرة لأن حركته قد تشوش على المتحنين وأيضاً ممنوع أن ينظر في ورقة التلميذ”، ويضيف أحمد علي: “لكن المسؤولين كثيراً ما يتحدثون للتلاميذ أثناء جلوسهم للامتحان، ويحثونهم على إحراز درجات جيدة مما ينعكس سلباً على أدائهم في ورقة الامتحان الذي بين أيديهم”.
صفاء ونقاء
أيضاً حسين الخليفة الحسن المعلم والخبير التربوي يرى أن الفترة التي يدخل فيها الطالب للامتحان تعتبر فترة صفاء ونقاء ذهني يحاول الطالب أن يستحضر فيها معلوماته عن المادة التي أمامه ولهذا حين يدخل حجرة الامتحان أشخاص لا علاقة لهم بالامتحان فإن ذلك يضاعف من الرهبة في نفسه، خاصة وأن التلاميذ الذين يجلسون للامتحان هم في الغالب أطفال وطفلات صغار في أعمارهم يتأثرون بالزخم البشري داخل حجرة الامتحان، ويستطرد حسين: “هؤلاء الذين يقتحمون حجرات الامتحان ليس لديهم شغلة، لأنهم لو كانوا حريصين على نجاح التلاميذ فباستطاعتهم مقابلة مدير المدرسة الذي يستطيع مدهم بكل المعلومات التي يريدونها عن وضع المدرسة ومستوى الطلاب وموقفهم من الامتحان”.
ويضيف مستنكرا: “أستغرب من مسؤول لم يزر المدارس من بداية العام الدراسي يقتحم على التلاميذ خلوتهم بأوراق الامتحان ويتسبب في تشويشهم وإخراجهم من جو الهدوء والطمأنينة خاصة وأنه من المستحيل أن يجرى امتحان في وضع غير هادئ وزيارة المسؤول للمدرسة تحدث ضوضاء فوق طاقة احتمال الأطفال كما هو معروف”، ويختم حسين بمناشدته التي قال إنه يتمنى لو أنها تصل لكل المسؤولين “أن يكفوا عن هذه الزيارات المرعبة والمخيفة للتلاميذ ولو لم يفعلوا يجب على وزارة التربية والتعليم إيقافهم عن القيام بها”.
اليوم التالي.