مصر .. هل من جديد ؟
(1) كتب أنيس منصور ذات مرة قائلاً إننا كمصريين احترنا في التعامل مع السودان فإذا احتضنت السوداني يتهمك بانك تريد ان تكسر ضلوعه اما اذا مددت اليه يدك من بعيد يقول انك متعال عليه فماذا نفعل ؟
لست في مقام فحص مقولة أنيس منصور او الرد عليه بقدر ما ان الذي استوقفني في مقولته هو ان هذه العلاقة بين البلدين علاقة مأزومة على مستوى الافراد وعلى مستوى الدولتين ولعل مشكلة العلاقة بين البلدين انها ليست اختيارية بل اجبارية وبفعل الجغرافيا هذا اذا قلنا ان التاريخ يمكن تجاوزه او تناسيه فهذا النيل الذي يجري في البلدين قادماً اليهما هو الذي يعصم هذه العلاقة عن الحياد والاختيارية . هذا النيل اما ان يكون عامل تباغض وتشاكس وصراع كما هو الان واما يكون عامل تضامن وتكامل ووحدة كما هو منشود رغم بعد المنال .
(2 )
إذا اعتبرنا عمرو اديب هذا الاعلامي الشعبي احد ابواق متخذ القرار في مصر، أي انه يصدح بما تريده السلطة بعد ان يعطيه (التوم والشمار) اللذين عرف بهما فان اخر حديث جاد به عن السودان فيه جديد , حيث قال اننا في مصر يجب ان نعيد النظر في علاقتنا بالسودان واشار للصراخ المصري الذي صدر منه ومن غيره ساعة زيارة أردوغان للسودان في نوفمبر المنصرم بانه لم يكن مكانه فالسودان على حد قول اديب دولة مستقلة من حقها ان تتخذ العلاقات الخارجية التي تريدها، واضاف اديب ان كل العالم يتجه للسودان للاستثمار والاستفادة من موقعه الجغرافي الهام فلماذا لا تذهب مصر وهي الجار والاقرب والاولى بالسودان .(عندها حق الشفعة فيه ) سبحان الله عمر اديب الذي لم يترك للسودان فرضاً ناقصاً من قاموس الشتيمة والاهانة يتحول الى داعية تقارب مع السودان !! يحق لاي سوداني متابع للاعلام المصري تجاه السودان ان يشكك في نوايا اديب ويعتبر ما قاله لعبة مصرية جديدة ولكن في نفس الوقت هناك ايضاً فرصة لتغليب حسن الظن و القول ان هناك تحولاً في السياسة المصرية تجاه السودان حتى ولو كان هذا التحول في الطور الجيني.
(3 )
قلنا مراراً وتكراراً إن مصر بعد ان فشلت في وحدة وادي النيل اتخذت سياسة وضع السودان تحت دائرة نفوذها وبهذا اصبحت تراهن وتعمل على ضعفه النسبي، واعتبرت أي قوة للسودان خصماً عليها وكيفت سياساتها على ذلك , وقلنا مراراً وتكراراً ان مصر يجب ان تغير نظرتها للسودان وتوقن بان السودان القوي هو قوة اضافية لها، وقلنا إن إضعاف السودان قد تستفيد منه جهة اخرى غير مصر تهدد مصر بقوتها التي اكتسبها من ضعف السودان، واشرنا الى العلاقة بين دول حوض النيل الازرق الثلاث أي باضافة اثيوبيا، وقلنا إن السودان عبارة عن منخفض سكاني بين مرتفعين سكانيين، وقلنا ان ارضه السهلية المنبسطة تقع بين هضبة وعرة وصحراء جرداء فلا سمح الله لو انهار السودان فان الوريث لن يكون مصر فمصر دوماً صوتها مرتفع (واك واك واك) ولكن غيرها صامت وغتيت ويعمل بدون كواريك.
(4 )
إذا صدق ما ذهبنا اليه من تحليل بان مصر أعادت النظر في سياستها تجاه السودان، تلك السياسة التي بلغت من العمر قرابة القرنين (1821 ) أي عمر السودان الحديث فيحق لنا ان نتساءل لماذا حدث هذا التغير الآن ؟ هل لان ضغوط مصر وصلت قمتها ولم تفلح في ابقاء السودان في دائرة نفوذها ؟ هل اكتشفت مصر ان هناك لاعبين جدد سوف يتمددون في الفراغ الذي سوف تتركه جنوبها ؟ هل شعرت بان العيال كبرت وعملت بالمثل السوداني (اخوك اكان كبر خاويه ) ؟ هل ,, هل ,, الاسئلة تترا ويا خبر بفلوس باكر ببلاش.
عبداللطيف البوني
الانتباهة