1 – على مدار العامان الماضيان وكنت تقريبا أنا الوحيد في الإعلام المصري المعارض الذي يؤكد وجود مشكلة في أساسات سد النهضة وأن هذه المشكلة تسببت في شرخ يهدد المقطع الأوسط للسد الخرساني. وأن هذه المشكلة تم ملاحظتها تحديدا بعد الملء التجريبي خلال أغسطس 2016.
2- ناس كثيرة سخرت مما أقول وبعضهم تخيل إني عايش في كوكب زحل ولست واقعي. فكيف أنت يا للي عايش في ماليزيا تعرف أحسن من السادة الطلاينة مصممي السد. وكيف إن إثيوبيا تصرف قرابة 6 مليار دولار على سد قابل للإنهيار.
3- على الرغم من ظهور (الشرخ) بوسط السد بشكل واضح وضوح الشمس من خلال موقع الجوجل ماب. إلا أن البعض أصر أن يكذب عينه ويثق في كلام الطلاينة بأن فكرة وجود شرخ بقاعدة أساسات سد النهضة ليس أكثر من تخاريف.
4- أنا ليس لدي بيانات دقيقة جيولوجية وجيوتكنيكية تجعلني أتأكد بشكل (علمي) بوجود شرخ بقاعدة أساسات سد النهضة مع تحريك للتربة. ولكني يمكني بسهولة تحليل الصور للسد وربط معدل الصب في كل بمقطع بالمشاكل المتوقعة لهذا المقطع.
5- حتى وبعد ظهور تسريبات أخبارية من قبل المعارضة الإثيوبية بشأن مشاكل لتحريك التربة تحت أساسات سد النهضة وذلك خلال شهر مارس 2017 أي بعد فيضان أغسطس 2016 بـ 6 أشهر والتي تحدثت عن طحن خرسانة الأساسات لنفسها بسبب تعاظم الإجهادات إلا أن البعض ظل يكذب المعارضة الإثيوبية لمجرد أن الطلاينة أنكروا وجود شرخ بأساسات سد النهضة.
6- حيث تبين أن المسؤلين عن صب الخرسانات المختلفة الأنواع في كل ركن من السد إستبدلوا دون قصد خريطة الصب. فذهبت بعض الخرسانات الضعيفة لأماكن خطا بالسد مما تسبب طحنها لنفسها تحت الإجهادات الضخمة لوزن السد.
7- بعد إسبوع واحد من تسريبات المعارضة الإثيوبية إنعقاد إجتماع للمدير التنفيذي لسد النهضة فيما يشبه (لجنة تقصي الحقائق) بهدف معرفة ما يحدث بالموقع . وهنا تحدث المدير التنفيذ عن الخطوات الأولية التي إتبعتها الإدارة أثناء عمليات إستكشاف الموقع وكيف أنه إستعان بأكبر الشركات العالمية للتصديق على المواد الداخلة في بناء سد النهضة. وتحدث على أمور عديدة فنية ذات علاقة بالسؤال عن (هل يوجد شرخ في الأساسات وهل سد النهضة قابل للإنهيار أم لأ).
8- إثيوبيا قامت بتحويل مجري النيل في شهر ديسمبر عام 2015 بحجة بداء صب خرسانة المقطع الأوسط تمهيدا لملء سد النهضة في أغسطس 2016. وتم فعلا الإنتهاء بشكل كبير من صب المقطع وتبق منه جزء لايزيد عن 35% من إجمالي حجم الخرسانة المطلوبة لغلق كامل المقطع الأوسط وبداء التخزين. وأتذكر تصريحات لوزير الري السابق حسام مغازي يؤكد موافقة مصر على السماح لإثيوبيا ببداء تخزين 14 مليار متر مكعب خلال فيضان أغسطس 2016.
9- منذ إكتمال المقطع الأوسط بشكل جزئي شهر مارس 2016 وحتى اليوم لم يصب متر خرسانة زيادة على هذا المقطع . مما يعني بشكل غير مباشر عدم إمكانية التخزين قبل حل مشكلة هذا المقطع والإنتهاء من صبه.
10- الليلة وأثناء البحث عن معلومة معينة لإرسالها لاحد طلاب الدكتوراه في مصر. إضررت الرجوع لبعض المقالات القديمة المحفوظة في الهارديسك. فإذا بهذه المقالة الرائعة التي كتبها عدد من المهندسين الطلاينة المصممين لسد النهضة وتاريخ كتابة هذه المقالة تم في وقت ما بعد (أكتوبر 2016) أي بعد إكتشاف المشكة شهر أغسطس 2016.
11- والدراسة تتحدث عن الإجهادات المتوقعة أسفل سد النهضة في حالة حدوث شرخ (نظري) بقاعدة الأساسات. وكذلك عن حجم التسريب المتوقع بسبب هذا الشرخ.
11- ومن الدراسة يتبين أنهم درسوا وضعية الأساسات في حالة أن إرتفاع سد النهضة يعادل 175 متر مثلما كان معلنا من قبل الحكومة الإثيوبية منذ عام 2011. إلا أنه وتحديدا في شهر أغسطس 2017 قامت الحكومة الإثيوبية بتخفيض إرتفاع السد الخرساني من 175 متر لــ 155 متر. دون إبداء أي أسباب.
12- وجاء إعلان تغيير إرتفاع سد النهضة من 175 متر لـ 155 متر أي قطع (20 متر من الإرتفاع) بعد يوم واحد من لقاء رئيس وزراء إثيوبيا مع الرئيس السوداني عمر البشير يوم 16 أغسطس 2017. حيث أعلن البشير في لقاء صحفي أنه (اليوم) مطمئن تماما على سلامة سد النهضة بعد التعديلات التي أدخلتها الحكومة الإثيوبية على التصميم وأنه مهتم جدا بسلامة السد لأن إنهياره يعني تدمير السودان.
13- والسؤال هنا.. لماذا زار رئيس وزراء إثيوبيا دولة السودان في منتصف أغسطس 2017 وما مغزي هذا التوقيت. الأمر ببساطة أن الشركة الإيطالية بعدما تأكد لها وجود (شرخ) في قاعدة الأساسات خلال فيضان أغسطس 2016. تم عمل دراسة للوضع وتم نشرها في بداية عام 2017 تناقش فيها (سيناريو وجود شرخ نظري بقاعدة أساسات سد النهضة). وخلال الفترة بين أغسطس 2016 واغسطس 2017 تم تحديد المشكلة وتحديد العلاج وتنفيذ كافة عمليات الحقن المطلوبة ثم تم إختبار كل تلك الحلول خلال فيضان أغسطس 2017 حيث تم التحميل التجريبي للأساسات بحمل بوسط القطاع يعادل 41 مترإرتفاع لعمود المياه الهيدروستاتيكي. ويبدوا أنهم نجحوا في حل المشكلة وظهرت النتائج إيجابية بشرط تخفيض إرتفاع السد الخرساني من 175 متر لــ 155 متر.
14- ولهذا جري رئيس وزراء إثيوبيا يوم 15 أغسطس 2017 يحمل البشري (الفنية) للرئيس السوداني ليطمئن قلبه ويظل مساند إثيوبيا سياسيا في قضية سد النهضة. ولهذا خرج البشير في صحبة ديسالين ليؤكد سلامة السد وأنه لن ينهار وأنه سعيد بتلك التعديلات التي تمت على جسم السد لزيادة أمانه.
وسلام
دكتور مهندس/ محمد حافظ
أستاذ هندسة السدود وهندسة جيوتك االسواحل بجامعة Uniten- Malaysia