ليس هناك افضلية للدواءالمستورد والمحلي..
تواجه الأدوية المصنعة محلياً حملة شعواء للتقليل من فاعليتها مقارنة بالأدوية المستوردة، حتى أن بعض المهتمين بأمر الصناعة المحلية، باتوا يشكون بأن وراء الأمر (جهة ما) تريد أن تقعد بالصناعة المحلية.
لمصلحة من تُبخس الأدوية المصنعة محلياً؟
سؤال تسمعه في عدة أمكنة ، حتى يتسلل الشك الى المواطن الذي بات يفضل الأدوية المصنعة خارجياً، ولا يقبل بالدواء المحلي إلا مضطرا.
البعض يشير بأصابع الاتهام الى شركات استيراد الدواء التي بدأت تشعر بمنافسة الدواء المحلي، خاصة بعد إعلان الحكومة وقوفها الى جانب المنتج المحلي بتحديد قائمة للدواء المستورد لجهة صناعته داخلياً.
و يشير آخرون الى أن بعض الصيادلة يلوحون من طرف خفي للمرضى بأفضلية الدواء المستورد، ويقللون من قيمة المنتج المحلي أمام المرضى.
هل فعلاً يفضل المريض السوداني الأدوية الآتية من الخارج على حساب المحلية؟
ولماذا يفقد المواطن السوداني في منتجه المحلي؟ وهل الدواء المنتج محلياً أقل فاعلية من غيره أم أن وراء الموضوع (جهة) وما هي؟
أزمة ثقة:
باستثناء من هم على صلة بمهنة الطب، يميل المرضى من استعمال الدواء المستورد، ويكون خيار المحلي عندما لم تسعفهم أسعار الدواء الخارجي، على الرغم من أن صناعة الدواء في السودان مشهود لها بالجودة.
يشكل المنتج المحلي الدواء الغالب في صيدليات العديد من دول الجوار، فلماذا يقبل به الآخرون وتكون مرفوضة في الداخل، بل ومشكوك في فاعليتها؟
يقول المواطن، التوم أحمد لآخر لحظة: إن محتوى المادة الفعالة للدواء تتوفر في منتج الشركات الخارجية، فهي صناعة أجود بكثير من المحلية، ما يسهم بصورة واضحة في تعافي المرضى.
ويضيف في دفاعه عن الدواء الخارجي: لي تجربة شخصية مع الدواء المحلي، فأبنائي لم يسهم الدواء المحلي في علاجهم، وأصبحت اتجه الى الشركات المستوردة التي فعلاً ساعدت في شفاء أبنائي.. ولا توجد فروقات كبيرة في الأسعار وإذا ارتفع السعر أيضاً عن المحلي سوف اشتريه لأنني لا أريد أخسر أموالي في أدوية ليست ذات فائدة لأسرتي ولي.
المواطنة إسراء عبدالله تقول لآخر لحظة، إن الأدوية المحلية غير مضمونة الكفاءة والجودة، وأنا أفضل استعمال شركات مستوردة لأسباب عديدة منها جودة المنتج والإقبال عليه والأسعار التي لا يوجد فرق بينها وبين الأدوية المحلية، لذلك من الأفضل شراء الأدوية ذات الجودة الأعلى والأغلى.
أسباب نفسية:
وفي السياق تقول الدكتورة الصيدلانية آلاء عبدالحميد، لا توجد فروقات أو إختلافات كثيرة ما بين الدواء المستورد والمحلي، لأن الشركات السودانية تمر بعدد كبير من الاجراءات والمتابعة للأدوية بداية من وزارة الصحة ومجلس الأدوية والسموم والجودة والمقاييس، وغير ذلك قبل نزول المنتج الى الصيدلايات.
وتضيف في حديثها لآخر لحظة، ان الخوف من الدواء الوطني غير مبرر فهو يصنع ويخضع لاختبارات وفق المعايير العالمية، والمعمل القومي السوداني حريص على كفاءة المنتج الوطني ولا يكون هناك تهاون بأرواح الناس، والمريض ينحاز الى المستورد لأسباب نفسية، بيد أن ما يحتاج له الدواء المحلي هو الدراسات المواكبة للشركات العالمية، التي تسهم في فعالية المنتج وجودته.
البحث عن الجودة
تقر الدكتورة عبير صالح اختصاصية الباطنية والصدرية، بأن المرضى السودانيين يفضلون الأدوية المصنعة خارج البلاد، ويعتقدون أن الجودة تكمن أكثر في الأدوية المستوردة، وتلمح الى أن ما يؤيد وجهة نظر المرضى بقولها: ( نحن في كثير من الأحيان نكتب علاجات الضغط للمرضى، وبعد انتهاء فترة العلاج يعاود المريض للمتابعة، وتكون النتيجة غير إيجابية، أما عند استبدال الشركات تظهر النتيجة التي نحتاج لها عند المريض).. الآن أصبح المريض هو الذي يطلب كتابة دواء باسم الشركة الخارجية، لعدم استجابته للدواء المحلي.
ويرجع الدكتور أيمن السبب الى فقدان المريض السوداني الثقة في الأدوية الوطنية، والبعض يظن أن الدواء كلما كان غالياً في السعر كانت فاعليته أكبر، والعكس عندما يكون الدواء رخيصاً، وأنا كطبيب أفضل الدواء المستورد على المحلي لجودته وتركيبته المدروسة بشكل كامل.
الحديث عن أن الدواء السوداني أقل فاعلية من غيره حديث غير صحيح، ولا تسنده اية حقائق، بل ولا يستند الى واقع علمي، ومن يقول بذلك يكون في حالة مرضية، الدواء السوداني لا يقل كفاءة وفاعلية عن غيره، لأن صناعة الدواء لها أسس ومعايير ولا تتم بطريقة عشوائية. وما يقال عن عدم ثقة المواطن المريض لا علاقة له بالدواء، بهذه الكلمات، تحدث الى آخر لحظة، رئيس الاتحاد العام للصيادلة السودانيين الدكتور صلاح إبراهيم، ولا يوجد تفضيل بين الأدوية ومسألة صرف الدواء عملية خصوصية بين المريض والطبيب، والأخير هو من يكتب الوصفة والمريض ليس له الحق في اختيار نوع الشركة، وإنما يرجع القرار الى الصيدلي الذي تسلم له الوصفة.. وهنا – حسب قوله – يأتي دور الصيدلي في تحديد الشركة المناسبة للمريض على حسب الموجود لديه، سواء مستوردة أو محلية فهي تركيبة واحدة.
الدكتور صلاح إبراهيم في حديثه لآخر لحظة، يعتقد بأن السبب يرجع الى عدم الثقة للمنتجات المحلية في عمومها وليس الدواء فقط، ويشير الى أن شركات إنتاج الأدوية المحلية لا تصرف على الترويج للأدوية التي تنتجها، لتثبيت مدى فاعليتها ومدى مطابقتها للدواء العالمي لأن الدعاية هي التي تجذب المواطنين للصناعة الوطنية، يقول: (انا مقتنع جداً بأن الدواء السوداني له كفاءة وجودة عالية، وعلية رقابة مشددة ولا يوجد تهاون مع الشركات في الجودة والمفعول).
*مشكلة نفسية:
يقول رئيس الاتحاد العام للصيادلة السودانيين، خالد عبدالرحمن، أستاذ علم النفس والإرشاد، في أن تفضيل المنتج الأجنبي على المحلي انها (مشكلة نفسية) لا أكثر.
ويقول: المواطن السوداني لديه شك في الإنتاج المحلي ومصاب بحالة من التوهم بأن المنتج المحلي مغشوش أو غير مجدي.
وهذه الحالة، عملية نفسية توهم المريض بأن الدواء هذا لا يساعده على الشفاء مع العلم أنه مثل الدواء الأجنبي تماماً لا يختلف عنه في شيء.
ويذكر أن الصيادلة أحياناً لهم يد في ذلك، وقال في الخصوص: (لي موقف شخصي كنت في حاجة لعلاج معين وعند ذهابي الى الصيدلية أصبح الصيدلي يسوق لي عن دواء الماني وأنه الأفضل والأجود، وأنا قلت له يا سيد أنا لا يهمني المنتج الخارجي، وإنما الكفاءة ومن يومها عرفت أن الصيادلة هم الذين يسوقوت للمنتج العالمي دون المحلي، وهذا ما يجعل المريض ينفر من الدواء المحلي حتى اوصلوه لمرحلة أن اهتزت ثقته في الدواء المحلي ليس لجودته.
اخر لحظة.